كشفت شركة فارتسيلا الفنلندية (Wärtsilä) النقاب عن أول محطة جاهزة لتوليد الكهرباء بالهيدروجين بالكامل في العالم.

ووفق بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فالتقنية هي الأولى من نوعها، إذ إنها قادرة على إنتاج الكهرباء بالهيدروجين بالكامل وليس عبر مزج الغاز الطبيعي بالهيدروجين بنسبة 25% فقط.

كما تأتي التقنية في وقت حاسم، إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 سيتطلب استهلاك 17 مليون طن من الهيدروجين في توليد الكهرباء بحلول عام 2030، لترتفع الكمية إلى 51 مليون طن بحلول 2050.

وفي البداية، ستستعمل المحطة الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء، لتوفر خلال الوقت الحاضر المرونة والتوازن الضروريين حتى ازدهار مصادر الطاقة المتجددة -مثل الشمس والرياح- لتعمل بوساطة الهيدروجين الأخضر.

ومن المتوقع إتاحة محطات الكهرباء بالهيدروجين للطلب خلال عام 2025 المقبل، على أن تبدأ التسليمات في 2026.

محطة لتوليد الكهرباء بالهيدروجين

تقول شركة فارتسيلا المتخصصة في معدات وتكنولوجيا الطاقة، إن محطة توليد الكهرباء بالهيدروجين ستؤدّي دورًا مهمًا في التحول إلى أنظمة خالية من الكربون، كما تلبي الحاجة الملحة إلى توفير حلول مرنة ومستدامة.

بالإضافة إلى الدور المتزايد للهيدروجين في أنظمة الطاقة العالمية بالمستقبل، من المتوقع أن يتضاعف انتشار الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، ما يهيئ الظروف المواتية لإنتاج أنواع الوقود القائمة على الهيدروجين وتحقيق هدف توليد الكهرباء باستعمال 100% من الطاقة المتجددة.

ولأن زيادة حصة الطاقة المتجددة وحدها لن تكون كافية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، فإن إزالة الكربون من قطاع الكهرباء ستتطلب حلولًا مرنة يمكنها تحقيق التوازن عند انقطاع إمدادات الطاقة المتجددة.

عامل داخل شركة فارتسيلا – الصورة من الموقع الرسمي

ويمكن لتلك الحلول أن تعتمد على أنواع وقود مستدامة -مثل الهيدروجين- لضمان جاهزيتها للمستقبل، وفق بيان صحفي نشرته شركة فارتسيلا عبر موقعها الإلكتروني الرسمي.

وبذلك، تكون محطة الكهرباء الجديدة قادرة على تقديم حل مرن وخالٍ من الكربون لتوليد الكهرباء، وفيما بعد يمكن تحويلها للعمل بالكامل باستعمال الهيدروجين، في تطور كبير عن المحطات القائمة التي تعمل بمزيج الغاز الطبيعي والهيدروجين بنسبة 25% فقط.

وستعمل المحطة بوساطة التوربين الهيدروجيني بالكامل “31 اتش تو”، بالإضافة إلى التوربين “31 إس جي-إتش 2” الذي يعمل بكفاءة عبر مزج الغاز الطبيعي بالهيدروجين بنسبة تصل إلى 25%، ولكن يمكن رفع نسبة الهيدروجين فيما بعد إلى 100%.

ونجحت المحطة القادرة على الاتصال بالشبكة في غضون 30 ثانية في اجتياز المرحلة الأولى من 3 خطوات لاختبار الجاهزية للهيدروجين من قبل شركة الاعتماد الألمانية الرائدة “توف سود” (TÜV SÜD).

حل مرن وواقعي

أشاد رئيس شركة فارتسيلا أندرس ليندبرغ بأول محطة جاهزة لتوليد الكهرباء بالهيدروجين بالكامل، وقال: “لن نحقق أهداف المناح العالمية أو نزيل الكربون بالكامل من أنظمة الكهرباء دون توليد الكهرباء بصورة مرنة وخالية من الكربون يمكن زيادة إنتاجها أو خفضه سريعًا لدعم إمدادات طاقة الرياح والطاقة الشمسية المتقطعة”.

وأضاف: “يجب أن نكون واقعيين.. فالغاز الطبيعي سيؤدّي دورًا في أنظمة الكهرباء لدينا خلال السنوات المقبلة”، مشيرًا إلى أن محركات التوليد المرنة التي تنتجها الشركة يمكنها استعمال الغاز الطبيعي حاليًا لتوفير المرونة والتوازن، ما يمنح الفرصة لنمو توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة.

و”يمكن تحويل (المحركات) فيما بعد للعمل بالهيدروجين عندما يُصبح متوافرًا بصورة سريعة، وهو استثمار برحلة الحياد الكربوني يراعي ظروف المستقبل”، وفق تصريحات ليندبرغ.

وقال مؤكّدًا: “هذا معلم رئيس لنا بوصفنا شركة، ولتحول الطاقة بصورة أعم، لأن التوربينات الجاهزة للعمل بالهيدروجين ستمكّن عمل أنظمة الكهرباء المستقبلية العاملة بوساطة مصادر متجددة بالكامل”.

انتقادات في ألمانيا

نالت خطة ألمانيا لبناء أكثر من 20 محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي ستكون مُجهزة لحرق الهيدروجين مستقبلًا انتقادات لاذعة.

وبينما تقول برلين إن المحطات “ستغيّر قواعد اللعبة” في أكبر اقتصاد أوروبي والمعتمد بصورة كبيرة على الغاز، اتهم تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- المستهدفات بتأخير الكهربة المباشرة وبالغسل الأخضر واستعمال الغاز الطبيعي الأحفوري الذي يُعد أحد مسببات الاحتباس الحراري المسبب لتغير المناخ.

وتشير التقديرات إلى أن طريق الخطة لن يكون ممهدًا بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين نفسه، فضلًا عن التحديات المرتبطة بنقله عبر وسيلة آمنة ورخيصة، بحسب وكالة بلومبرغ.

وقال المتحدث باسم مجلس استقلال الطاقة جوناثان بارث، إن خطة إنتاج الكهرباء بالهيدروجين “رهان محفوف بالمخاطر”، داعيًا إلى استعمال الهيدروجين في قطاعات أخرى.

وأضاف أن التكلفة ستكون مُضاعفة، و”إذا افترضنا الوصول أخيرًا إلى مرحلة إنتاج الهيدروجين ثم تخزينه وحرقه، فإن كمية الكهرباء المولدة من خلاله ستنخفض بنسبة 70% عما كانت عليه في البداية”.

انبعاثات طي النسيان

قال تحليل أعده مركز أبحاث “كربون تراكر” (Carbon Tracker)، إن مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز وتوليد الكهرباء من الغاز “لا ينبغي عدها “منخفضة الكربون”، إذ لا تأخذ في الحسبان الانبعاثات الناتجة في أثناء مرحلة استخراج الغاز ونقله.

وبحسب المركز، يجب أن تحقق تلك المشروعات شرطين هما: استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بما يضمن معدلات عالية لخفض الانبعاثات، والحد من انبعاثات المنبع -أيضًا-.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين وفقًا لطريقة الإنتاج:

أنواع الهيدروجين

وما لم يتحقق ذلك، بالإضافة إلى الوضع القائم، فإن مشروعات الهيدروجين الأزرق وتوليد الكهرباء بالغاز تهدد مستهدفات المناخ في المملكة المتحدة التي وضعت هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وتضاعف انبعاثات المنبع العالية بمقدار 3 مرات كثافة الكربون في مشروعات الهيدروجين الأزرق، ما يخالف المعايير داخل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما أن تلك الانبعاثات تستهلك ما بين 22% و63% من ميزانية الكربون السادسة، أي الحدّ الأقصى لثاني أكسيد الكربون الذي يمكن إطلاقه في الغلاف الجوي.

وبحسب التقرير، ثمة شكوك كبيرة بشأن حجم انبعاثات المنبع التي لا يُبَلَّغ عنها عادةً، كما يجري تجاهلها أو التقليل منها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.