انتشر إنتاج الديزل الحيوي من الطحالب في عدد من دول العالم، في ظل التحول نحو الطاقة المتجددة لمواجهة التغيرات المناخية.
وفي هذا الإطار، توصل رئيس قسم المختبرات في الشركة اليمنية للصناعة والتجارة، الباحث بقسم الهندسة الكيميائية في كلية الهندسة والبترول بجامعة حضرموت اليمنية المهندس مضاض الشيباني، إلى تقنية جديدة في هذا القطاع.
وأوضح الشيباني أن إنتاج الديزل الحيوي من الطحالب انطلق من فكرة امتصاص هذه النباتات وحيدة الخلية لغاز ثاني أكسيد الكربون لتوليد الأكسجين، ومحتوى دهني في خليته يُستخرج لتوليد الطاقة.
وأشار -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)- إلى أن هذه التقنية تهدف إلى إنتاج طاقة بديلة ومتجددة من الطحالب الى جانب كونها أحد أهم الحلول الفعالة للمشكلات البيئية.
إنتاج طاقة بديلة
قال الشيباني إن الكتل الحيوية تُعد مصادر مستدامة ومتجددة لأنها تخزن الطاقة من الشمس، لافتًا إلى أن الطحالب تشكل نحو 50% من عملية التمثيل الضوئي على وجه الأرض.
وأضاف أن الطحالب تمتص الكثير من طاقة الشمس، وتُطلق الطاقة الكيميائية المخزنة داخلها على شكل حرارة من خلال عملية حرق مباشرة.
وبالإمكان -أيضًا- تحويل الطحالب إلى وقود حيوي سائل مثل الديزل الحيوي والبنزين ووقود الطائرات والإيثانول الحيوي، أو إلى غاز حيوي مثل الميثان والهيدروجين والغاز الاصطناعي الذي يمكن حرقه بعد ذلك لتوليد الطاقة.
واستطرد قائلًا إن اليمن لديه عوامل مميزة جدًا للتوسع في هذا المشروع بشكل تجاري من حيث المناخ الملائم، وتوفر المساحة، والأحواض لزراعة الطحالب.
واقترح استغلال محطات المعالجة النموذجية في اليمن مثل محطتي معالجة الصرف الصحي في الحديدة وعدن لزراعة الطحالب على نطاق واسع.
زراعة الطحالب
أوضح الباحث اليمني أن أحواض معالجة الصرف الصحي تُعد موطنًا أساسيًا لنمو الطحالب التي تنمو بكثافة، كما تمثل طريقة فعالة لمعالجة المياه، إذ تتغذى الطحالب على المخلفات العضوية.
وأضاف أن أنسب الأنواع لإنتاج الديزل الحيوي هي الطحالب الدقيقة ذات المحتوى الزيتي العالي الذي يمثل ما بين 28 و32% من تكوين الخلية، موضحًا أنها تتسم بمعدل نمو سريع، حيث تزيد بمقدار ضعفين الى ثلاثة أضعاف يومياً على مدار العام.
وأشار إلى تميز الطحالب عن غيرها من المحاصيل بكونها غير موسمية، كما أن كمية الزيت المُستخرجة منها تتعدى بأضعاف كمية الزيت المستخلصة من النباتات الأخرى.
عملية الأسترة
قال الشيباني إن إنتاج الديزل الحيوي من الطحالب يتم عن طريق التفاعل الكيميائي للدهون أو الزيت مع الميثانول، في وجود عامل حفاز لتوليد مزيج من إسترات الميثيل للأحماض الدهنية.
وأضاف -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن هذه العملية تُعرف بتحويل الأسترة (أو تفاعل تبادل الأستره)، وينتج عنها الديزل الحيوي، والجلسرين بمثابة منتج ثانوي عالي القيمة.
وتابع أنه أنجز وفريقه البحثي مشروع استخلاص الزيت من الطحالب وتحويله الى ديزل الحيوي في مختبر الشركة اليمنية لصناعة السمن والصابون.
وجمع الفريق عينات من الطحالب من مواقع عديدة وهي منابع المياه العذبة في مدينة غيل باوزير بمحافظة حضرموت ومدينتي الشمايتين وجبل صبرة بمحافظة تعز وشاطئ المخاء بمحافظة تعز.
وشخص الفريق البحثي هذه العينات لمعرفة أنواعها بالاستعانة بجمعية الميكروبيولوجي في محافظة تعز.
التطبيق العملي
أوضح الباحث اليمني أنه بعد فحص العينات، بدأت مرحلة التطبيق العملي للمشروع في الشركة اليمنية لصناعة السمن والصابون بمحافظة تعز في اليمن.
وقام الفريق البحثي بتجفيف الطحالب وطحنها واستخلاص الزيت منها بطريقة السوكسلايت بوساطة مذيب، وعمل تجارب لدراسة أثر أنواع المذيبات في عملية الاستخلاص، وتأثير زمن العملية، ونسب الخلط في حالة استخدام مذيبين.
ودرس الفريق تأثير الضغط في عملية استخلاص الزيت من خلال برنامج إحصائي معد خصيصًا لهذا النوع من التجارب، ثم بدأت عملية استخلاص كمية كافية من زيت الطحالب وتنقيته بواسطة الكربون النشط لإزالة صبغة الكلوروفيل وعمل الاختبارات القياسية له وتحويله إلى ديزل حيوي.
تشغيل مولد كهربائي
أكد الباحث مضاض الشيباني أن الفحوصات التي أجراها الفريق البحثي على الديزل المُنتج من التجربة كانت رائعة من حيث درجة الوميض والكثافة واللزوجة ودرجة الانسكاب والتقطير ومطابقة المواصفات العالمية.
وأشار -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة- إلى استعمال الديزل الحيوي الناتج في تشغيل مولد كهربائي بقسم الهندسة الكيميائية في كلية الهندسة والبترول بجامعة حضرموت.
وتحقق الفريق البحثي من الجدوى الاقتصادية للمشروع من خلال إجراء تصميم لمشروع متكامل من حيث موازنة المادة وحساب التكلفة، دون احتساب إمكان استغلال متبقي العصر بمثابة علف للحيوان، وبيع الأصباغ، واستخراج بعض المركبات الدوائية.
وأنتج الفريق البحثي، في خطوة لاحقة، صابونًا من زيت الطحالب، وكانت النتائج جيدة (صابون سائل فعال ومميز)، كما أدّت هذه العملية دورًا في التخلص من الشوائب مثل (السكريات والبروتينات والصبغات).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..