قد تبدو فكرة إنتاج الهيدروجين الأخضر من المحطات النووية المتوقفة عن العمل مثيرة للدهشة والسخرية للوهلة الأولى، لكن مع التدقيق قليلًا تجد بها القليل من المنطقية، خاصة أن “الماء” قاسم مشترك بين الاثنين ومتوافر في المفاعلات.

وبحسب متابعة أجرتها منصة الطاقة المتخصصة، كان هذا هو المنطق الذي روجت له شركة لجذب المستثمرين، وبعد مدة انتهى بمسؤوليها في أروقة محكمة ألمانية بتهم الخداع والاحتيال.

وتجذب استثمارات الهيدروجين العديد من المستثمرين الأوروبيين، خاصة في ألمانيا أكبر اقتصادات القارة العجوز، في إطار مساعي نشر الطاقة النظيفة وتحجيم دور الوقود الأحفوري، لصالح الأهداف المناخية والحياد الكربوني.

استثمارات بلا خطة

روجت شركة لإمكان إنتاج الهيدروجين الأخضر من المحطات النووية غير المشُغّلة، عبر تقنيات تملكها، وسوّقت لها هاتفيًا لجذب المستثمرين.

وادعت الشركة -التي لم يُعلن اسمها في الصحف الألمانية التزامًا بمبادئ الخصوصية- أنها تجري مشاورات مع حكومة البلاد للاستفادة من تفكيك نحو 19 مفاعلًا نوويًا بتكلفة 230 مليون يورو.

(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)

وإثر حملة الترويج والتسويق لتقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر من المحطات النووية، وقع ما يزيد على 100 مستثمر اتفاقيات مع الشركة بقيمة تصل إلى 3 ملايين يورو، وفق ما نشره موقع هيدروجين إنسايتس (Hydrogen Insights).

وعقب ذلك، واجهت الشركة اتهامًا بالترويج لتقنية دون خطة تنفيذ، وأُحيل على أثر ذلك 4 مسؤولين بالشركة إلى محكمة ألمانية معنية بالنظر في قضايا الاحتيال بالاستثمارات.

دفاع الشركة

مقابل هذه الاتهامات، أكد مسؤولو الشركة أن فكرة إنتاج الهيدروجين الأخضر من المحطات النووية قابلة للتطبيق، وأنها حل مثالي للاستفادة من البنية التحتية المعطلة.

واستند بعضهم إلى أن المفاعلات الـ19 التي خرجت من الخدمة، تقع على مقربة من تدفق المياه في موقع لخطوط السكك الحديدية، ويمكن الاستفادة من هذه المرافق في نقل إمدادات الهيدروجين إلى المستهلكين.

ونفى المسؤولون الـ4 تهمة التخطيط للاحتيال على المستثمرين، وقال أحد المتهمين من العاملين في قسم المبيعات إن العمل في الشركة كان يسير بصورة طبيعية من حيث التوظيف وانتظام صرف الراتب.

وأضاف أنه لم تساوره الشكوك حول جدية الفكرة التي تتبناها إدارة الشركة، خاصة أن الاستفادة من توصيلات المياه لداخل المفاعلات تُعد عاملًا رئيسًا في إنتاج الهيدروجين.

ولم تُعلن -حتى الآن- تطورات القضية رسميًا، غير أن التوقعات تُشير إلى استمرار المحاكمة حتى منتصف شهر مايو/أيار المقبل.

محطة لإنتاج الهيدروجين في ألمانيا
محطة لإنتاج الهيدروجين في ألمانيا – الصورة من H2 View

الهيدروجين في ألمانيا

لم تكن فكرة إنتاج الهيدروجين الأخضر من المحطات النووية المتقاعدة سبيل ألمانيا الوحيد لنشر الوقود النظيف، لكنها نجحت في جذب اهتمام المستثمرين انعكاسًا لتوجه الحكومة الفيدرالية الداعمة له.

وقبل طرح الفكرة التي تحولت لاحقًا إلى خدعة احتيال ذهبت بأصحابها إلى أروقة المحاكم، نوّعت الشركات من استثماراتها مثل مؤسسة “إتش تو غلوبال” التي أطلقت مؤخرًا عطاءات جديدة لشراء الهيدروجين الأخضر ومشتقاته خلال العام الجاري 2024.

وجاء ذلك بعدما دعمت الحكومة الألمانية المؤسسة بمنحة قدرها 3.5 مليار يورو، تحت نطاق إستراتيجية الهيدروجين الألمانية الهادفة لاستيراد ما يتراوح بين 50 و70% من إمدادات الهيدروجين المطلوبة لتلبية الطلب.

ونسفت وكالة الطاقة الدولية هذا الطموح، بعدما أكد مدير الوكالة فاتح بيرول أن تكلفة إنتاج الهيدروجين المرتفعة تجعل تفاؤل ألمانيا بشأن تعزيز استثماراته غير واقعي.

ويبدو أن قرارات الاستثمار النهائي الوشيكة لبعض مشروعات الهيدروجين في ألمانيا لم تفلح في تعزيز نظرة الوكالة للهيدروجين، خاصة أن عددًا من المطورين قدروا مدة بناء مشروعات الوقود النظيف الكبيرة في حدود 4 سنوات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.