شهدت أسعار الكهرباء في دول البلقان ارتفاعات قياسية في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع انقطاع التيار وتزايد الضغوط على شبكات الربط الإقليمية بسبب ارتفاع الطلب.

وبحسب التفاصيل التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، طلبت اليونان من الاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير لتخفيف الضغط على دول البلقان، تتضمن إنشاء هيئة تنظيمية لقطاع الكهرباء، وزيادة حجم القدرات الإجمالية لخطوط الربط عبر الحدود، لتقليل التكاليف التي تتحمّلها.

وتهدف الخطوة إلى مواجهة الأزمة التي تمرّ بها البلدان الواقعة جنوب شرق القارة العجوز، لاسيما في ضوء التباين الكبير بأسعار الكهرباء بها مقارنة بباقي بلدان القارة.

وتصاعدت الأزمة نتيجة عوامل عدّة، من بينها: تكدّس خطوط ربط الكهرباء بين بلدان جنوب شرق أوروبا، وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، فضلًا عن الجفاف وزيادة صادرات الكهرباء إلى أوكرانيا التي تحولت لمستورد صافٍ من المجر عقب حربها مع روسيا.

مقترح تدخُّل

تعكف 3 بلدان أوروبية بمنطقة البلقان، هي: اليونان ورومانيا وبلغاريا، على صياغة مقترح يتيح للاتحاد التدخل في أيّ وقت لضبط أسعار الكهرباء في حال ارتفاعها، وفقًا لبيانات نقلها موقع بلقان غرين إنرجي نيوز (Balkan Green Energy News) المتخصص.

وأرسل رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس بنود المقترح إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ضمن مجموعة من التدابير لتخفيف الضغط على بلدان جنوب شرق أوروبا.

رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس-الصورة من موقع primeminister

في الاتجاه نفسه، ناشدت دولة مقدونيا الشمالية الاتحاد الأوروبي لبحث أسباب التباين الكبير بأسعار الكهرباء في دول البلقان مقارنة بوسط وغرب القارة نفسها.

جاء ذلك في طلب قدّمه وزيرا الطاقة والتعدين، ورئيس اللجنة التنظيمية لخدمات الطاقة، إلى مدير أمانة مجتمع الطاقة آرثر لوركوفسكي (والأمانة هي: منظمة دولية لتوسعة قواعد سوق الكهرباء الخاصة بالاتحاد الأوروبي، لتشمل دول جنوب غرب أوروبا، والدول المطلة على البحر الأسود).

وتشهد بلدان منطقة البلقان تراجعًا في إمدادات الكهرباء وسط أعمال الإصلاحات الكبرى المنفّذة على بعض خطوط الربط بينها، إلى جانب إصلاحات وإعادة بناء محطات توليد الكهرباء بالفحم القديمة، وتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية، ما أدى إلى التباين الكبير في الأسعار .

أزمة إقليمية

أرجع رئيس وزراء اليونان أسعار الكهرباء في دول البلقان إلى التداعيات الإقليمية، إذ تضاعفت الأسعار من 60 يورو لكل ميغاواط/ساعة في شهر أبريل/نيسان الماضي، إلى 130 يورو لكل ميغاواط/ساعة في أغسطس/آب الماضي.

وأشار إلى ارتفاع قدرات توليد البلاد من الكهرباء باليونان عبر طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 25% خلال فصل الصيف الماضي، في حين انخفض توليد الكهرباء من أحد أنواع الفحم -وهو الليغنيت- بنسبة 27%.

وأضاف أن ارتفاع أسعار الكهرباء في دول البلقان يتطلب تدخلًا قويًا من الاتحاد الأوروبي، لا سيما في ضوء تأثيرها الكبير بالمواطن الأوروبي والقدرات التنافسية لاقتصادات البلدان.

ولفت إلى بلوغ سعر الكهرباء في المجر 940 يورو لكل ميغاواط/ساعة، بينما في دولة النمسا المجاورة يبلغ 61 يورو لكل ميغاواط/ساعة، وهو معدل أكثر بـ15 مرة لبلدين على خطوط الربط نفسها.

منظومة معقّدة

أكد رئيس الوزراء اليوناني أن منظومة أسعار الكهرباء في دول البلقان معقّدة وغير واضحة، إلى حدّ يجعل من المستحيل فهم العامل المحرك للارتفاع السعري، أو حتى شرح أسباب الصعود المفاجئ للمواطنين والمستهلكين.

وقال ميتسوتاكيس، إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى نظام حوكمة أقوى، بما يسمح له بمزيد من التدخل في القرارات التي تتخذها البلدان التابعة له بمفردها، والتي تؤثّر في الدول الأخرى.

ودعا الاتحاد إلى المزيد من الرقابة التنظيمية على أسعار الكهرباء في دول البلقان، وطمأنة المستهلكين الأوروبيين بعدم التلاعب في الأسعار.

وأثّر تراجع صادرات الكهرباء من فرنسا بالارتفاعات السعرية الكبيرة للكهرباء في اليونان، التي هدأت مؤخرًا بفضل تنامي موجات البرد والأمطار في أرجاء البلاد.

خطوط نقل الكهرباء في اليونان
خطوط نقل الكهرباء في اليونان-الصورة من موقع tovima

سوق جديدة

أشار رئيس الوزراء اليوناني في مذكّرته التي تَقدَّم بها إلى الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء سوق جديدة لضبط أسعار الكهرباء في دول البلقان، لتعويض اليونان عن الأرباح التي جناها المنتجون جراء الارتفاع وحماية المستهلكين.

وتفرض اليونان ضريبة على شركات توليد الكهرباء، وتوجّه الإيرادات في شكل دعم للمستهلكين الفقراء.

وتستهدف اليونان وبلغاريا ورومانيا توجيه جزء من إيرادات قطاع الكهرباء إلى تطوير الشبكات والقدرات الإجمالية عبر خطوط الربط بينها عبر الحدود.

واتصالًا بذلك، قال وزير الطاقة الروماني سيبستيان بوردوجا، إن بلاده ستطلب من الاتحاد الأوروبي تعويضًا عن الفارق الكبير بأسعار الكهرباء في دول البلقان، وأوروبا الغربية.

وأشار كذلك إلى أن تصدير الكهرباء الأرخص من أوروبا الغربية إلى أوروبا الشرقية يسبّب ضغوطًا على الأسعار في رومانيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.