أظهرت بيانات رسمية أن المعروض النقدي للبنوك السعودية ارتفع بنسبة 8 في المائة في مارس، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ليصل إلى 2.82 تريليون ريال سعودي (753 مليار دولار).
ووفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي السعودي، كانت الزيادة مدفوعة بشكل أساسي بارتفاع بنسبة 21 بالمائة تقريبًا في حسابات التوفير والبنوك، لتصل إلى 843.25 مليار ريال سعودي وتمثل هذه الودائع ثاني أكبر حصة، حيث تشكل 30 في المائة من إجمالي عرض النقد، بعد الودائع تحت الطلب التي تشكل 50 في المائة بقيمة 1.41 تريليون ريال.
ومن ناحية أخرى، شكلت الحيازات شبه النقدية ما نسبته 21% من الإجمالي، مسجلة انخفاضا بنسبة 1% خلال هذه الفترة وفي الوقت نفسه، شكلت العملة خارج البنوك حصة 8 في المائة، مما يدل على نمو بنسبة 10 في المائة.
وأثرت عوامل متعددة على الارتفاع المفاجئ في الودائع لأجل. أولاً، حفزت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة داخل المملكة، والتي شكلتها السياسة النقدية المضادة للتضخم التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الأفراد والكيانات على السعي للحصول على عوائد أعلى من خلال هذه الحسابات.
علاوة على ذلك، لعبت الزيادة في الحسابات التي تحتفظ بها الكيانات المرتبطة بالحكومة دوراً هاماً ووفقاً لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، اختارت هذه الكيانات توجيه فائض السيولة لديها إلى ودائع لأجل لدى البنوك التجارية، وبالتالي تعزيز مسار نمو هذه الحسابات.
يشار إلى أنه خلال عام 2022، قامت مؤسسة النقد العربي السعودي برفع أسعار الفائدة الرئيسية سبع مرات، تليها أربع زيادات إضافية في عام 2023 وقد تم رفع سعر إعادة الشراء للبنك المركزي آخر مرة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 6 في المائة في اجتماعه في يوليو 2023، وهو أعلى مستوى له منذ ذلك الحين. 2001. ومنذ ذلك الحين، ظلت المعدلات دون تغيير.
وفي الوقت نفسه، ارتفع التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ ستة أشهر في مارس، مما دفع المستثمرين إلى تأجيل توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وتمثل الودائع مصدر تمويل مكلفًا للبنوك، حيث تؤدي المنافسة المتزايدة في السوق المالية إلى ارتفاع متوسط تكلفتها بشكل كبير.
وعلى الرغم من ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة عزز أيضًا أرباح البنوك السعودية على جانب الأصول. وأدى ارتفاع معدلات الاقتراض إلى زيادة الدخل، مما عوض التحديات التي فرضتها بيئة التمويل المكلفة.
وفي جانب الأصول، نمت القروض المصرفية السعودية خلال هذه الفترة بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 2.67 تريليون ريال؛ ولذلك، تجاوز نمو الإقراض بين البنوك السعودية الودائع.
وفي تقريرها الصادر في أبريل اقترحت وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” أن تستكشف المؤسسات المالية السعودية استراتيجيات تمويل بديلة لإدارة الزيادة السريعة في الإقراض، مدفوعة بارتفاع الطلب على القروض العقارية الجديدة.
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن ملفات تمويل المؤسسات المالية في المملكة ستخضع لتغييرات، ويرجع ذلك أساسًا إلى المبادرة التي تدعمها الحكومة والتي تهدف إلى تعزيز ملكية المنازل.
وبحسب تحليلهم، شكل التمويل العقاري 23.5 في المائة من إجمالي المخصصات الائتمانية للبنوك السعودية بنهاية عام 2023، مقارنة بـ 12.8 في المائة في عام 2019.
وشددوا على أن الاحتياجات التمويلية المستمرة لمبادرة رؤية 2030 الاقتصادية، إلى جانب التباطؤ النسبي في نمو الودائع، من المرجح أن تدفع البنوك إلى البحث عن مصادر بديلة للميزانية، بما في ذلك التمويل الخارجي.
وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال أن يستمر هذا الاتجاه، خاصة وأن إقراض الشركات يتولى دورًا أكثر أهمية في النمو في السنوات المقبلة.
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تتبنى البنوك السعودية استراتيجيات تمويل بديلة لدعم هذا التوسع. كما أشارت إلى أن استقرار الودائع السعودية يخفف من المخاطر التي يشكلها عدم تطابق الاستحقاقات.
علاوة على ذلك، توقعت الوكالة زيادة في الالتزامات الأجنبية للبنوك السعودية، حيث ارتفعت من حوالي 19.2 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023، لتلبية متطلبات التمويل لنمو الإقراض القوي، لا سيما وسط تباطؤ توسع الودائع.
وشدد التقرير على أن البنوك السعودية قد استفادت بالفعل من أسواق رأس المال العالمية، وتتوقع وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال أن يستمر هذا الاتجاه خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.