اقرأ في هذا المقال
- ألمانيا شهدت حالة ركود من المتوقع أن تمتد حتى نهاية العام
- الشركات الألمانية العالمية العملاقة مثل فولكسفاغن تواجه إغلاقات غير مسبوقة للمصانع
- في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي يتراجع إنتاج القطاعات الرئيسة كثيفة الاستهلاك للطاقة
- الإفراط في الإنتاج الصيني يأكل حصة أوروبا في السوق داخليًا وخارجيًا
يهدّد ارتفاع فواتير الطاقة في أوروبا قطاعاتها الصناعية وقدرتها التنافسية العالمية، وسط تقلبات السوق وتراجع الطلب على العديد من السلع التي تنتجها القارة العجوز.
ومن الأمثلة على ذلك، شركة معالجة المواد البلاستيكية هانز كيم كونستستوفي الألمانية Hans Keim Kunststoffe، التي تحمي منتجاتها لوحات المتاحف، وتغطي أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وتشكّل فتحة سقف لسيارة إيواء متنقلة، وتُستعمل لدى بعض ألعاب الملاهي في الصين.
وتُعد هانز كيم كونستستوفي شركة صغيرة وكثيفة الطاقة، إذ تدير 8 أفران لتسخين صفائح بلاستيكية وتشكيلها إلى أي شيء يطلبه العميل، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأصبح تشغيل الأفران أكثر تكلفة منذ غزو روسيا لأوكرانيا، في حين كانت فاتورة الكهرباء السنوية قبل ذلك نحو 80 ألف يورو (88.27 ألف دولار)، وقد تضاعفت تقريبًا منذ ذلك الحين، حسبما قال المدير الإداري كريستوف كيم، نجل مؤسس الشركة.
ارتفاع أسعار تشغيل المصانع
يتسبّب ارتفاع أسعار تشغيل المصانع في تآكل آلاف الشركات المماثلة في مختلف أنحاء منطقة أوروبا الصناعية.
وشهدت ألمانيا، القوة الصناعية في أوروبا، حالة ركود من المتوقع أن تمتد حتى نهاية العام، حسب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو يوروب (Politico Europe) التي تغطي الشؤون السياسية للاتحاد الأوروبي.
وحتى الشركات الألمانية العالمية العملاقة مثل فولكسفاغن تواجه إغلاقات غير مسبوقة للمصانع.
وفي مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، يتراجع إنتاج القطاعات الرئيسة كثيفة استهلاك الطاقة مثل الكيماويات والصلب، وتغلق المصانع أبوابها، وتعلن الشركات الصناعية الكبرى تسريح العمال.
ويستبّب هذا الاقتصاد المتباطئ في جعل صناع السياسات يصدرون تحذيرات وجودية -إذا لم تتغيّر الأمور-، حسبما يقولون، فإن الصناعة سوف تنكمش إلى حد كبير بسبب ارتفاع فواتير الطاقة في أوروبا.
إصلاح إدارة الأعمال في أوروبا
في يوم الإثنين، 9 سبتمبر/أيلول 2024، قدّم الخبير الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، ماريو دراغي، رسالة مماثلة، مستعملًا فواتير الطاقة في أوروبا المرتفعة لإثبات حجته من أجل إصلاح شامل لطريقة إدارة الأعمال في القارة العجوز.
وقال في أثناء تقديم تقريره: “اللحظة مقلقة حقًا، ولا يمكننا أن نتجاهلها بعد الآن”.
ويؤيد هذا الرأي مسؤولو الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الذين أمروا بتقييم رأي دراغي، ويؤيدونه بالكامل، وهم يدمجونه حاليًا في عملهم السياسي، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
بدورها، وصفت رئيسة أعلى سلطة تنفيذية في الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، عرض دراغي لتسريع الصناعة الخضراء في أوروبا بأنه “في الأساس الفكرة نفسها التي ندعمها”.
وعلى الرغم من أن الطاقة المتجددة الأرخص ثمنًا مقبلة، فسوف يستغرق الأمر سنوات لإحداث تغيير هيكلي.
وفي غضون ذلك، فإن الإفراط في الإنتاج الصيني يأكل حصة أوروبا في السوق داخليًا وخارجيًا، وستؤدي التقنيات الجديدة المتعطشة للطاقة مثل السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي إلى إجهاد شبكات الكهرباء المحلية، حسب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو يوروب (Politico Europe).
الوضع الجديد
بحلول الوقت الذي تسبّب فيه انفجار تحت الماء قبالة سواحل ألمانيا في إلحاق أضرار بالغة بخطوط أنابيب نورد ستريم في سبتمبر/أيلول 2022، كان تدفق الغاز عبر خط الأنابيب بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي قد انخفض إلى حد كبير.
من ناحية ثانية، نجت أوروبا من صدمة الطاقة المباشرة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا بصورة أفضل مما كان متوقعًا، وقد ارتفعت الأسعار، لكن الاحتياطيات لم تُنفد، ووجدت البلدان مصادر وقود جديدة.
من جهتها، حافظت الأسر، بصورة عامة، على التدفئة، بمساعدة عمليات إغلاق الصناعة الانتقائية.
منذ ذلك الحين، انخفضت فواتير الطاقة في أوروبا، لكنها تظل أعلى مما كانت عليه قبل عام 2022، والأهم من ذلك، أنها أعلى من أسعار المنافسين.
وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أن تكلفة فاتورة الطاقة في أوروبا في عام 2023 ستكون ضعف نظيرتها في الولايات المتحدة.
ويرجع السبب إلى حد كبير للتحول من الغاز الروسي الرخيص إلى الغاز المسال باهظ الثمن.
وعلى عكس غاز خط الأنابيب في موسكو، لا يأتي الغاز المسال بفوائد العقود طويلة الأجل التي تعمل على استقرار الأسعار.
ويحمل الغاز المسال تكاليف نقل أعلى، ويحتاج إلى الإسالة وإزالتها، وهذا يتطلب أموالًا إضافية في كل خطوة تقريبًا.
ولحسن الحظ بالنسبة إلى أوروبا، كانت لديها “القدرة على دفع أسعار مرتفعة للغاية”، حسبما قالت أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة كامبريدج، هيلين طومسون.
تجدر الإشارة إلى أن القارة تعتمد الآن على الغاز الذي يكلف 4 إلى 5 أضعاف ما يكلفه في الولايات المتحدة.
ويُعد ذلك نتيجة ارتهان سيئ، فقد وثق الاتحاد الأوروبي -ألمانيا على وجه التحديد- لسنوات بروسيا لتزويد الصناعة الأوروبية بالطاقة، متجاهلين احتمال قلب النظام العالمي.
لذلك، أصبحت الصناعة الأوروبية تعتمد، حاليًا، على الوقود القادم من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا..