تؤدي إمدادات النفط والغاز النرويجية دورًا رئيسًا في تلبية احتياجات أوروبا، خاصة مع تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن العقبات أمام تطوير المزيد من الموارد قد تضر أمن الطاقة الأوروبي وأيضًا سياسات خفض الانبعاثات.
وفضلًا عن القرب الجغرافي وسرعة إمداد السوق الأوروبية؛ فإن إمدادات النرويج هي الأقل كثافة في الانبعاثات عالميًا لكل برميل منتج من النفط والغاز؛ ما يخدم السياسات الأوروبية الخضراء.
وفي هذا السياق، حذّر تقرير حديث اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، من أنه في حالة اعتماد أوروبا على واردات من أماكن أخرى بدلًا من إمدادات النفط والغاز النرويجية؛ فإن انبعاثات الكربون في المنطقة سترتفع بمقدار 230 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2024 و2040 في المراحل المختلفة لسلسلة التوريد.
يأتي ذلك في أعقاب أحكام قضائية صدرت مؤخرًا أبطلت تصاريح 3 مشروعات بحرية للنفط والغاز في النرويج؛ لعدم مراعاتها للتأثير المحتمل في المناخ؛ ما استدعى النظر في النتائج المترتبة على ذلك، والتي من بينها خفض إنتاج النفط والغاز في النرويج وانعكاسات ذلك على صادراتها إلى أوروبا.
ورغم أن إمدادات النفط والغاز النرويجية المصدر الرئيس لأوروبا؛ فإنها لا تلبي كل احتياجات القارة العجوز، ولذلك تعتمد -أيضًا- على واردات النفط والغاز من أميركا الشمالية والشرق الأوسط وغرب أفريقيا.
قلق من تفاقم الانبعاثات
بسبب هاجس إمدادات النفط والغاز النرويجية، افترض تقرير صدر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، سيناريو عدم الموافقة على أي مشروعات مستقبلية في البلاد، واتجاه أوروبا إلى الاعتماد على واردات من دول أخرى.
وأشار التقرير إلى أن تأثير تحول أوروبا بعيدًا عن واردات النفط والغاز النرويجية، قد يزيد من الانبعاثات الكربونية بين عامي 2024 و2040، بما يعادل 9 سنوات من إجمالي الانبعاثات المرتبطة بقطاع الطاقة كله من النرويج.
ويحتوي النفط المصدّر إلى أوروبا على كثافة كربونية أعلى 3 مرات من نظيره النرويجي، في حين يحتوي الغاز على كثافة كربونية أعلى 6 مرات.
وهذا يعني أن اعتماد أوروبا على وارداتها النفطية من دول أخرى بدلًا من النرويج سيزيد انبعاثات المنطقة بنسبة 300%، في حين سيؤدي إحلال واردات الغاز من الدول الأخرى محل النرويج إلى زيادة الانبعاثات بنسبة 600%، وذلك بين عامي 2024 و2040.
لماذا إمدادات النفط والغاز النرويجية أقل انبعاثات؟
تتميز إمدادات النفط والغاز النرويجية إلى أوروبا بأنها أقل انبعاثات من المصادر الأخرى لعدة أسباب؛ قرب المسافة للسوق الأوروبية؛ ما يعني انبعاثات نقل منخفضة بكثافة منخفضة الكربون.
وأحد الأسباب الرئيسة -أيضًا- هو الاعتماد الكبير على الطاقة الكهرومائية واستعمالها في تشغيل عمليات الإنتاج على نطاق واسع، ما يقلل الانبعاثات بصورة كبيرة.
ومن المتوقّع كهربة أكثر من 60% من عمليات إنتاج النفط والغاز في النرويج بحلول عام 2026، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
كما تؤدي معايير التشغيل الصارمة دورًا رئيسًا في جعل إمدادات النفط والغاز النرويجية منخفضة الانبعاثات، خاصة ممارسات الحد من انبعاثات الميثان.
الطلب على النفط والغاز في أوروبا
تعد النرويج أكبر منتج للنفط والغاز في أوروبا، بإنتاج إجمالي يبلغ 4 ملايين برميل نفط مكافئ يوميًا، وتذهب أكثر من 90% من صادراتها إلى السوق الأوروبية.
على الرغم من ذلك؛ فإن أوروبا تستهلك النفط والغاز أكثر مما تنتج، ويمثل الإنتاج الإقليمي 25% و45% من الطلب على النفط والغاز على الترتيب.
وحتى في ظل أكثر السيناريوهات تفاؤلًا بشأن تغير المناخ؛ حيث تهدف أوروبا إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 والحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، تشير توقعات وود ماكنزي إلى أن أوروبا ستظل معتمدة على الواردات لتلبية الطلب على النفط والغاز حتى عام 2040؛ إذ إنه من غير المرجح أن يواكب الإنتاج المحلي في المنطقة الاستهلاك.
ورغم تراجع الطلب على النفط والغاز في أوروبا؛ فإنه من المتوقّع أن يمثل أكثر من 50% من مزيج الطاقة الأولية في عام 2040، ومن هنا تأتي أهمية إمدادات النفط والغاز النرويجية لتمتعها بأدنى كثافة انبعاثات كربونية في العالم.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..