تتزايد المخاوف والشكوك بشأن مستقبل استثمارات الطاقة المتجددة خاصة مع قرب انعقاد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024)، لتنضم إلى التراجع القياسي للاستثمارات وعزوف الممولين.

وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يدعم الرئيس السابق، المرشح الجمهوري دونالد ترمب التنقيب عن النفط والغاز، ويرفض الحقائق العلمية بشأن تغير المناخ، في حين تسير نائبة الرئيس الحالي والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على نهج جو بايدن وترى في تغير المناخ أزمة وجودية تستلزم حلها على الفور.

وتجد معظم شركات الطاقة المتجددة نفسها في موقف لا تُحسد عليه -مثل أورستد الدنماركية- خاصة في ظل الخسائر بفعل تراجع الطلب والمنافسة الشرسة والتحديات التنظيمية داخل القطاع.

ورغم انخفاض أسعار الفائدة -وهو ما كان يفترض أن يعزّز التمويلات- فإن التوقعات بشأن تعافي القطاع ليست متفائلة تمامًا في ضوء استمرار التحديات وترقّب نتائج الانتخابات.

استثمارات الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة

يعوّل مراقبون على تولي كامالا هاريس منصب الرئيس الأميركي لإعادة ثقة المستثمرين بقطاع الطاقة المتجددة بعد تكبده خسائر ضخمة، خلافًا لدونالد ترمب الذي سيوجّه المليارات نحو قطاع الوقود الأحفوري، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وساعد قانون خفض التضخم الذي أقرّه الرئيس جو بايدن في عام 2022، بهدف مكافحة تغير المناخ في تحفيز استثمارات الطاقة المتجددة حتى في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون.

وارتفعت الاستثمارات النظيفة على مدار عامي 2020 و2021 عندما اجتذب تراجع تكاليف الصناديق الاستثمارية الضخمة.

كما ساعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية خلال عام 2022 في تحقيق إيرادات قياسية لشركات الطاقة المتجددة، دفع بعضها إلى تغيير ملامح إستراتيجياتها لتركز على الطاقة المتجددة.

لكن هذا الاتجاه تحوّل إلى الهبوط بفعل تراجع الطلب بالسوق، والمنافسة مع الصين، والصعود القوي لإيرادات الوقود الأحفوري، واضطرابات سلاسل التوريد، ومشكلات مرتبطة بالتخطيط والربط بشبكة الكهرباء.

ومُنيت صناديق الطاقة البديلة بأكبر سلسلة خسائر منذ شهر سبتمبر/أيلول (2019)، وشهدت صافي تدفقات رأسمالية خارجة على مدار 17 شهرًا متتالية.

وسحب المستثمرون أكثر من 11 مليار دولار، ليصل إجمالي قيمة الأصول إلى 54.2 مليار دولار بالمقارنة بصافي تدفقات داخلة في 2021 قيمتها 29 مليار دولار.

وتراجع عدد الوحدات البارزة في صندوق “آي شيرز غلوبال كلين إنرجي” (iShares Global Clean Energy) (ضم شركات شهيرة مثل فيرست سولار الأميركية، ويانغتسي باور الصينية، وإس إس إي البريطانية) بنسبة 18% على أساس سنوي.

كما يقترب مؤشر “إم إس سي آي” العالمي -الذي يقيس أداء شركات الطاقة البديلة الصغيرة والمتوسطة في الأسواق المتقدمة والناشئة (MSCI Global Alternative)- من أدنى مستوى في 4 سنوات، مع تسجيل انخفاض بنسبة 18% منذ بداية العام 2024 حتى الآن.

بصيص أمل

يتوقع محللون أن يستمر تأثير الإعانات والإعفاءات الضريبية التي يقدّمها قانون خفض التضخم في تحفيز استثمارات الطاقة المتجددة في أميركا.

كما سيدعم انخفاض أسعار الفائدة بعض الشركات في الحصول على تمويلات لمشروعاتها من المصارف، لكن النمو لن يكون عند المستوى ذاته في عامي 2020 و2021.

وتقول المحللة الإستراتيجية في مجموعة نورديا للخدمات المالية (Nordea) -مقرها فنلندا- هيرتا ألافا، إن انخفاض أسعار الفائدة لم يكن كافيًا لتحفيز الاستثمار بقطاع الطاقة النظيفة، وتجمّدت معظم القرارات بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية.

علم الولايات المتحدة أمام توربين رياح بحرية عائم
علم الولايات المتحدة أمام توربين رياح بحرية عائم – الصورة من “offshore wind”

وهنا يؤكد مدير الصندوق في شركة راثبونز لإدارة الأصول ومقره المملكة المتحدة (Rathbones) ويل ماكلنتوش وايت، أن أسعار الفائدة تنخفض، لكنها لن تحل مشكلات المنافسة والطلب.

ورغم التحديات، يرى وايت وآخرون من مديري صناديق الاستثمار أن قطاع الطاقة المتجددة ما زال يستحق ضخ الأموال به، لكنه اشترط الاستثمار في شركات لا يكون الطاقة البديلة هي المحرك الوحيد للنمو بها.

ويتفق مع هذا الرأي محللون بقولهم إن الطريق لتحقيق مكاسب هو الاستثمار في الشركات المشغلة لشبكات الكهرباء مثل تيرنا الإيطالية (Terna) وإيبردرولا الإسبانية (Iberdrola).

وعلى نحو خاص، يتميز ذلك القطاع -بحسب المحللين- بأن أعماله التجارية أقل اضطرابًا بالمقارنة باستثمارات الطاقة المتجددة البحتة.

طاقة الرياح البحرية

انخفض سهم شركة فيستاس الدنماركية المصنعة لتوربينات الرياح (Vestas) بنسبة 39% خلال العام الجاري، كما تأتي الشركة في المركز الخامس على قائمة مؤشر يورو فيرست لأسوأ الشركات أداءً.

ويوجد سهم شركة أورستد الدنماركية المطورة لمشروعات الرياح البحرية (Orsted) داخل قائمة أكبر 40 سهمًا معروضة للبيع على المكشوف، ويترقب المستثمرون بيع الشركة لمزيد من الأصول بعد تكبدها خسائر أضرت بتمويلاتها.

لكن ثمة مخاوف من أن تؤدي عودة دونالد ترمب إلى حظر تراخيص مزارع الرياح البحرية، وهو ما وعد بتنفيذه في أول أيام وصوله إلى البيت الأبيض، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.

وبعد تكبّدها خسائر في 2023 المنصرم، أعلنت أورستد الانسحاب من مزرعتي الرياح البحرية “أوشين ويند 1 و2” في الولايات المتحدة، كما باعت حصصها في 4 مزارع رياح برية أميركية بقدرة 957 ميغاواط في إلينوي وتكساس وكانساس.

وأطلقت الشركة خطة إعادة هيكلة خلال العام الجاري، لتشمل خفض النفقات وتعليق صرف توزيعات الأرباح على مدار أكثر من عام، وبيع الأصول، وإعادة التركيز على الأولويات.

وفي المقابل، ارتفعت أسهم صندوق روبيكو سمارت إنرجي (Robeco Smart Energy) بنسبة 10% خلال العام، وسوزلون إنرجي الهندية (Suzlon Energy)، وفيرست سولار (First Solar) بنسبة 19%.

وتفسّر المحللة في شركة نورديا، هيرتا ألافا، الوضع بقولها إن الشركة الصينية المنافسة “عدوانية” في قطاع الطاقة الشمسية، كما تزيد حدتها في قطاع الرياح، وهو مثار قلق كبير لمستثمري الطاقة المتجددة الغربيين، واصفةً سوق أسهم الطاقة النظيفة بـ”الانتقائية”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.