هاجمت مؤسسات ومنظمات بيئية ألمانية طرح استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة، مؤكدة أن نظافة الوقود لا تبرر الأضرار التي قد تلحق بالبلاد من وراء تعزيز نشره.
ووفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، يتضمن الرفض مخاوف من أضرار مباشرة وغير مباشرة، خاصة أن قانون البناء الجديد في البلاد المنظّم لعمليات التدفئة بدأ سريانه العام الجاري 2024.
ومن بين المنظمات والمؤسسات الرافضة لبناء أنظمة تدفئة تعتمد على الهيدروجين الأخضر، منظمة غرينبيس (Greenpeace) والصندوق العالمي للطبيعة (WWF) وأفرع للحركة البيئية ضد الانقراض (Extinction Rebellion).
خيارات التدفئة
جاء طرح استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة بالتزامن مع استعداد المجالس المحلية في ألمانيا لتطبيق القانون المنظم لمصادر الطاقة في المباني، مع بدء سريانه العام الجاري، إذ يستهدف بحلول عام 2045 تدفئة المباني عبر مصادر الطاقة المتجددة.
ويشمل ذلك إقرار ما يقرب من 10 آلاف و735 مجلسًا محليًا لخطّة التدفئة بحلول المدة من عام 2026 حتى 2028، وحسم خيارات التدفئة المتاحة، سواء بتوسعة الأنظمة الحالية أو بناء أنظمة جديدة أو إدخال الهيدروجين.
وتتضمن الخيارات المتاحة -أيضًا- التدفئة عبر “كهربة” المنازل ومواقع الشركات بالكامل، إذ تمهّد جميع هذه الخيارات إلى التوصل لأنظمة تدفئة مناسبة تمهيدًا لتوصيل هذه الأنظمة وربطها بالمنازل قبل عام 2035، حسب موقع هيدروجين إنسايتس (Hydrogen Insights).
وكانت شركة “نيتز بي دبليو” قد خاضت تجربة، خلال الربع الأول من العام الماضي، لتقنية مزج الهيدروجين بالغاز الطبيعي في تدفئة المنازل الألمانية.
وأثبتت التجربة نجاح الشركة برفع مستويات الهيدروجين في المزيج إلى ما نسبته 30%، بعد رفع تدريجي لحصّته في الاستعمالات المنزلية.
خدعة مناخية
تعدّ الممانعة التي واجهها استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة أمرًا مفاجئًا بعض الشيء، خاصة أن ألمانيا تتبنى خططًا ومسارات طموحة لنشر الوقود النظيف بمعدل أكبر.
وأبدى ما يزيد عن مئتَي منظمة وجماعة بيئية داعمة للمناخ رفضها دمج الهيدروجين الأخضر في خطط التدفئة المرتقبة، وخاطبت المجالس المحلية الألمانية لتأكيد أن استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة بمثابة خيار غير واقعي ومكلف.
وأرجعت المنظمات رفضها إلى عدم فاعلية توسعة استعمال الهيدروجين لهذه الأغراض، خاصة أن تدفقاته غير متوافرة بشكل مستمر، ما يجعل تكلفتها مرهونة بالتدفق والتوافر.
وأكدت أن التكلفة تجعل من الهيدروجين “خدعة” من المجالس المحلية لسكان المدن، الراغبين في الحصول على تدفئة موثوقة ونظيفة.
من جانب آخر، يمكن أن يشكّل التحول للتدفئة عبر الهيدروجين الأخضر خطرًا على الأهداف المناخية، خاصة أن تكلفته تزيد مخاطر انقطاعه، ما يضطر المسؤولين إلى إقحام الهيدروجين الرمادي في شبكات وأنظمة التدفئة، ويوسّع الاعتماد على الوقود الأحفوري من جديد.
التكلفة والتوافر.. ودور الغاز
استندت مخاطبة المؤسسات الـ200 للمجالس المحلية إلى نتائج ما يقرب من 50 دراسة، خلصت جميعها إلى أن استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة غير ملائم لتدفئة المنازل.
ويرجع ذلك إلى ما يحتاجه الهيدروجين الأخضر من استهلاك كثيف للطاقة، إلى حدّ 6 أضعاف معدل استهلاك التدفئة عبر المضخات الحرارية العاملة بالكهرباء.
وأضاف النشطاء في مخاطبتهم أن التكلفة الإضافية (الباهظة) لنشر شبكات التدفئة المعتمدة على الهيدروجين الأخضر، سيتحملها المستهلك المستفيد من أنظمة التدفئة للمدن في نهاية الأمر.
وكانت وزارة الاقتصاد والمناخ الألمانية قد انتقدت -العام الماضي- استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة، مبررة ذلك -أيضًا- بارتفاع التكلفة على الأسر والمستهلكين، ما يجعل نشر خطط التدفئة المبنية على ذلك غير وارد في الآونة الحالية.
ودعت المنظمات والمجموعات البيئية المجالس المحلية للانحياز إلى نظام تدفئة آمن غير معرّض لمخاطر وأزمات انقطاع الإمدادات، دون طرح بديل مناسب من حيث التكلفة والملاءمة المناخية.
وكشفت المنظمات والمجموعات البيئية اهتمام القائمين على صناعة الغاز في ألمانيا بالتأسيس والترويج لاستعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة، مؤكدة أن تنفيذ هذه الخطة ينعش أرباحهم ويعزز الاستفادة من تكلفة الهيدروجين المرتفعة.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز إسهامات الهيدروجين في مزيج الطاقة:
الهيدروجين والتدفئة
لم يكن طرح استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة بألمانيا فكرة جديدة، إذ سبق أن طرحته بريطانيا، مستهدفة تطبيقه بحلول عام 2026 ليحلّ محلّ الغاز الطبيعي.
واستند المؤيدون إلى توافر البنية التحتية اللازمة لنقل الوقود النظيف -في إشارة إلى أنابيب نقل الغاز-، لكن هذا الطرح واجه انتقادًا من وزير أمن الطاقة “لورد كالانان”، إذ أكد نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن التكلفة المرتفعة وضمان تدفقات إمدادات موثوقة يعمّقان المخاوف حول تطبيق هذه الفكرة.
وكان موقف كالانان مشابهًا لوزير أمن الطاقة السابق له “غرانت شابس”، الذي سبق أن حذّر من استعمال الهيدروجين الأخضر في التدفئة بدلًا من الغاز، ما يعطّل أهداف الحياد الكربوني.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد استبعدت نشر استعمال الهيدروجين في أغراض التدفئة بحصّة كبيرة، مشيرة إلى أن تشغيل الغلايات بوقود الهيدروجين في نطاق محدود وضئيل يصل إلى 0.2%، بحسب ما نقلته منصة الطاقة المتخصصة عنها مطلع العام الماضي.
ووفق مدير البرامج الأوروبية في مشروع المساعدة التنظيمية لمركز آر إيه بي (RAP) لأبحاث الطاقة، جان روزينو، أجمعت نتائج 32 دراسة مستقلة على الدور المحدود لاستعمالات الهيدروجين في التدفئة، مقارنة بتكلفة وتوافر المصادر الأخرى.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..