رغم الجهود الدولية المبذولة لإزالة الكربون والتخلص من انبعاثات غازات الدفيئة؛ فإن ظاهرة الاحتباس الحراري ما زالت على وتيرتها، وتظهر تداعياتها الكارثية في العديد من المناطق حول العالم؛ ما يحتّم بذل جهود إضافية للحد منها بكل الإمكانات.
ورغم الآثار الكارثية التي يُسببها ارتفاع درجات الحرارة؛ فإنه يبدو أن هناك آثارًا إيجابية؛ ومنها -على سبيل المثال- تعزيز قدرات طاقة الرياح لتصبح مصدرًا متزايد الأهمية لتوليد الطاقة.
كما أن تلك الظاهرة -رغم ضخامة أضرارها- فإنها يمكن -أيضًا- أن تؤدي إلى زيادة المحاصيل الزراعية، وانخفاض تكاليف الشحن، وظهور طرق تجارية جديدة في حالة تقلص الجليد البحري في القطب الشمالي.
وأظهرت دراسة حديثة، اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن ارتفاع درجة الحرارة بمعدل 4 درجات مئوية، قد يؤدي إلى زيادة طاقة الرياح البحرية المرتقبة وذلك بمعدل 9% بحلول نهاية القرن الحالي.
وعلى النقيض من ذلك، أوضحت دراسات سابقة أن الاحتباس الحراري على مستوى العالم، سيقلل من إمكان توليد طاقة الرياح، لكن هناك عدم يقين بشأن كيفية تحول أنواع الرياح، خصوصًا ما يتعلق بتغير سرعات الرياح السطحية بمرور الوقت.
أما الدراسة الحديثة فقد أجراها فريق من جامعة غوتنبرج في السويد، في قيادة العالم بقسم علوم الأرض الدكتور تشنغ شين، استعمل فيها نموذجًا مناخيًا حديثًا لتقييم سرعات الرياح، رغم وجود سيناريوهات مناخية مختلفة، وعدّل الفريق التقديرات السابقة لسرعات الرياح السطحية.
إمكانات عالمية لتوليد طاقة الرياح البحرية
من المتوقّع أن يشهد متوسط الإمكانات العالمية لتوليد طاقة الرياح البحرية زيادة بنسبة تتراوح بين 4% و18%، معتمدًا على سيناريو الانبعاثات، بجانب زيادات محلية تصل إلى 26% فوق المياه الأوروبية بحلول عام 2100، حسب نتائج الدراسة.
ولا يزال العالم متعطشًا لمزيد من البحوث والدراسات لمعرفة وفهم تأثير أحداث الرياح المتطرفة، ورسم خريطة للتغيرات في طاقة الرياح بشكل دقيق وأعلى، وفقًا لما نشرته صحيفة ذا غارديان (theguardian).
ولا شك في أن نتائج هذه الأبحاث تساعد العالم في دراسة التخطيط بشكل أكبر وأفضل للمواقع التي تقام فيها مزارع الرياح البحرية، بجانب الاستفادة من سعة الرياح البحرية الإضافية في القريب العاجل، ومن ثَم قد تساعد هذه النتائج في إزالة ثاني أكسيد الكربون بشكل أسرع.
الاحتباس الحراري يعزز توليد طاقة الرياح
تتطابق الدراسة الحديثة مع نتائج دراسة سابقة أُجريت عام 2018، توصّلت إلى أن الاحتباس الحراري العالمي سيعزز طاقة الرياح في بريطانيا، وأن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية قد يزيد بنسبة 10% في توليد طاقة الرياح البرية في المملكة المتحدة، بحسب ما نشرته صحيفة ذا إندبندنت The Independent.
إلى ذلك يقول محلل الطاقة في وحدة استخبارات الطاقة والمناخ، الدكتور جوناثان مارشال: “في حين أن ارتفاع درجات الحرارة قد يعزز توليد طاقة الرياح؛ فإنه ليس شيئًا يمكن الاعتماد عليه لتحقيق أهداف الكربون أو ضمان تلبية الطلب دائمًا”.
وتابع مارشال: “تعد المملكة المتحدة واحدة من أكثر الدول رياحًا في أوروبا، وتمتلك موارد بحرية لا مثيل لها، لكن في حال غياب أي تغيير في السياسة لزيادة الطاقة الإنتاجية فإنه سيستمر هدر أغلب هذه الإمكانات”.
وأظهر تقرير سابق للأمم المتحدة عام 2018 أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية قد يحدث بحلول عام 2040.
ويقول العلماء إن تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري المطردة أصبحت شيئًا محسوسًا بالفعل في العديد من المناطق، وستصبح في القريب العاجل أكثر انتشارًا.
وقد ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية على الأرض نحو 0.8 درجة مئوية منذ عام 1880، وحدث ثلثا الاحترار منذ عام 1975، بمعدل يتراوح بين 0.15 و0.20 درجة مئوية لكل عقد، حسب تحليل مستمر لدرجات الحرارة أجراه علماء في معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..