يُعَد اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف مناسبة عالمية تحتفل بها الأمم المتحدة في 17 يونيو/حزيران من كل عام.
واُختير هذا التاريخ للتوعية بأهمية حماية الأراضي الجافة والمكافحة المستدامة للتصحر والجفاف، ويهدف هذا اليوم إلى توعية الناس حول التحديات التي تواجه العالم، والتشجيع على اتخاذ إجراءات للحد من هذه المشكلة العالمية.
والتصحر هو تدهور الأراضي الجافة وتحولها إلى أراضٍ لا تصلح للزراعة، إذ يتسبب في فقدان الغطاء النباتي وارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، ما يؤثر سلبًا في الحياة النباتية والحيوانية والبشرية، وهو تحدٍّ كبير يواجه العالم، إذ يؤثر في الاقتصاد والبيئة والصحة العامة.
وتعد المناطق الجافة في العالم، مثل شمال أفريقيا والشرق الأوسط وبعض مناطق آسيا وأميركا الجنوبية، الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة، التي تؤثر بصفة خاصة في المجتمعات الأقل نموًا وعرضة للكوارث.
وتتسبّب التغيرات المناخية والأنشطة البشرية غير المستدامة، مثل التجاوز في استعمال المياه الجوفية والزراعة غير المستدامة وقطع الأشجار، في زيادة المشكلة.
خطوات أممية لمواجهة الأزمة
تعمل الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية والمحلية على تعزيز الوعي بأهمية مكافحة التصحر والجفاف وتبني إستراتيجيات للحد من تأثيرها.
ويتضمّن ذلك تعزيز ممارسات الزراعة المستدامة وإعادة توزيع المياه وتنمية الأراضي وتنشيط الاقتصادات المحلية.
ويهدف اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف إلى تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعرفة والتكنولوجيا للتصدي لهذه المشكلة العالمية.
وتُعَد التغيرات المناخية واحدة من أبرز الأسباب وراء اتساع مساحات الأراضي الجافة وتفاقم المشكلة والجفاف، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار إلى تبخر المياه بسرعة أكبر وتجفيف التربة.
وبالتالي، يتعرّض النظام البيئي والحياة النباتية والحيوانية في تلك المناطق للتهديد، بالإضافة إلى ذلك تؤثر الظاهرة في المجتمعات المحلية والاقتصادات، إذ يتسبب في نقص الموارد الطبيعية والمياه العذبة والغذاء.
وللتصدي للمشكلة، تُعد التكنولوجيا والابتكار أدوات حيوية، إذ يمكن استعمال تقنيات الري المتقدمة وأنظمة إدارة المياه الذكية لتحسين استهلاك المياه الزراعية وتجنّب الهدر فى المياه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استغلال تقنيات الزراعة المستدامة لتحسين جودة التربة وزيادة الإنتاجية الزراعية في المناطق الجافة.
على المستوى الدولي، يجب تعزيز التعاون والتبادل العلمي والتكنولوجيا بين البلدان لمكافحة التصحر والجفاف، وينبغي أن تتخذ الحكومات إجراءات لحماية الأراضي الجافة وتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة وتنمية الاقتصادات المحلية. يجب -أيضًا- أن تكون هناك إستراتيجيات لإدارة المياه بصورة فاعلة وتوفير المساعدة للمجتمعات المتضررة.
ومن المهم أن يلتزم الأفراد بالحفاظ على الأراضي الجافة وتحسين جودتها. يمكن للأفراد الإسهام في ذلك من خلال ترشيد استهلاك المياه وتنظيم زراعتهم واستعمال الممارسات الزراعية المستدامة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد المشاركة في الأنشطة المحلية لزراعة الأشجار وتحسين البيئة المحيطة بهم.
يجب أن ندرك أهمية مكافحة التصحر والجفاف في الحفاظ على البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية. يجب على الجميع أن يتعاون ويعمل معًا لتبني إستراتيجيات مستدامة لمكافحة الأزمة وتحسين جودة الحياة في المناطق الجافة.
إجراءات لمواجهة التصحر والجفاف
يمكننا جعل اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف داعمًا لحماية المناطق الجافة من خلال اتخاذ عدة إجراءات:
1- التوعية: يمكننا تعزيز التوعية حول المشكلة وأثرها في البيئة والمجتمع. يمكننا تنظيم حملات توعية وورشات عمل ومحاضرات تثقيفية للشباب وللمجتمع لنشر الوعي حول الأسباب وكيفية الحد منها.
2- التعليم: يمكن تضمين موضوعات التصحر والجفاف في المناهج الدراسية والبرامج التعليمية للتعريف بأهمية الحفاظ على الأراضي الجافة والموارد المائية. يمكن توفير فرص التعليم والتدريب للمزارعين والمجتمعات المحلية لاستعمال الممارسات الزراعية المستدامة وتقنيات الري المستحدثة.
3- التنمية المستدامة: يجب تعزيز التنمية المستدامة في المناطق الجافة عن طريق تعزيز الزراعة المستدامة وإدارة الموارد المائية وتنويع الاقتصادات المحلية. يمكننا دعم المشروعات البيئية والتكنولوجيا الخضراء والمبادرات الاقتصادية المستدامة في هذه المناطق.
4- العمل التعاوني: يجب تعزيز التعاون الدولي والمحلي لمكافحة الأزهة، ويمكن تبادل المعرفة والتجارب والتقنيات بين الدول والجهات المعنية لتحسين الإدارة المستدامة للأراضي الجافة والموارد المائية.
5- العمل التطوعي: يمكن للأفراد والمجتمعات المساهمة في مكافحة التصحر والجفاف من خلال العمل التطوعي في مشروعات الحفاظ على البيئة وتشجير المناطق الجافة. يمكننا المشاركة في حملات تنظيف الشواطئ والحدائق والغابات وزراعة الأشجار لتحسين التربة وتقليل التصحر.
6- السياسات البيئية: يجب على الحكومات والمؤسسات الدولية اعتماد سياسات بيئية قوية للتصدي للمشكلة. يمكن أن تشمل هذه السياسات تشريعات حماية الأراضي الجافة وتعزيز استعمال الموارد المائية بطريقة مستدامة وتشجيع استغلال التكنولوجيا النظيفة والمستدامة في الزراعة والصناعة لتقليل تأثير الأزمة.
7- الحفاظ على الموارد المائية: يجب تعزيز حماية الموارد المائية وتحسين إدارتها. ويمكن تطبيق تقنيات الري الفعالة وإعادة استعمال المياه وتحسين إدارة السدود وحماية الأنهار والبحيرات من التلوث.
8- الشراكات والتعاون: يمكن للجهات المعنية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأفراد العمل معًا في إطار شراكات وتعاون للتصدي لمشكلة التصحر والجفاف. يمكن تبادل المعرفة والموارد والخبرات والتعاون في تنفيذ مشروعات وبرامج مكافحة التصحر والجفاف.
بتنفيذ هذه الإجراءات، يمكننا تعزيز الوعي والتعليم والتنمية المستدامة والتعاون، للحد من التصحر والجفاف وحماية المناطق الجافة للأجيال الحالية والمستقبلية.
تحديات تواجه محاولات التصدي
تواجه إجراءات مكافحة التصحر العديد من التحديات، ومن أهمها:
1. تغير المناخ: يُعد تغير المناخ أحد التحديات الرئيسة. إذ إن ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار يؤديان إلى زيادة تصحر الأراضي وتدهور البيئة الطبيعية.
2. نقص الموارد المائية: نقص المياه العذبة يُعد تحديًا كبيرًا في المكافحة. تزداد الطلبات على المياه للاستعمالات المختلفة مثل الري الزراعي والشرب والصناعة، ما يؤدي إلى نضوب مصادر المياه وتفاقم الأزمة.
3. زيادة النمو السكاني: يزداد النمو السكاني السريع ويؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الموارد الطبيعية، بما في ذلك المياه والأراضي الزراعية. هذا يؤدي إلى زيادة خطر التصحر.
4. سوء إدارة الموارد الطبيعية: سوء إدارة الموارد الطبيعية مثل الأراضي والمياه يؤدي إلى تفاقم التصحر. عدم تنظيم الزراعة واستغلال الموارد المائية بطرق مستدامة يزيد من خطر تدهور البيئة وانتشار التصحر.
5. تراجع التنوع البيولوجي: يؤدي التصحر إلى تراجع التنوع البيولوجي وفقدان النظم البيئية الحساسة. تتأثر النباتات والحيوانات المتكيفة مع البيئات الجافة وتتدهور الأنظمة البيئية.
لمواجهة هذه التحديات، يتطلّب الأمر تنسيق جهود متعددة القطاعات والتعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية. يجب تبني إستراتيجيات متكاملة تركز على تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز الزراعة المستدامة وتطبيق الاقتصاد الأخضر وتعزيز التوعية البيئية وتعزيز الاستدامة في البيئات الجافة.
يجب -أيضًا- توفير الدعم المالي والتقني للدول المتأثرة بالتصحر وتعزيز قدراتها على مكافحة التصحر وتحقيق التنمية المستدامة.
إجراءات ضرورية لتجاوز التحديات
للتغلب على التحديات المتعلقة بمكافحة التصحر، يمكن اتباع الإجراءات والسياسات التالية:
1. التصدي لتغير المناخ: يجب تنفيذ إجراءات للتكيف مع تغير المناخ وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة. يجب تعزيز استعمال الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استعمال الطاقة وتقليل الانبعاثات الصناعية.
2. إدارة الموارد المائية: يجب تعزيز تقنيات الري المستدامة وتحسين إدارة المياه الزراعية. يمكن استعمال تقنيات مثل الري بالتنقيط والري بالرش لتقليل استهلاك المياه وتحسين كفاءة الري. يجب أيضًا تعزيز حماية وإعادة توزيع المياه السطحية وتعزيز إدارة المياه الجوفية.
3. الاستثمار في البحوث والتكنولوجيا: يجب دعم البحوث والتطوير في مجال مكافحة التصحر وتطوير تقنيات جديدة ومبتكرة للتعامل مع التحديات. يمكن استعمال التكنولوجيا الحديثة مثل تقنيات الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية لمراقبة التغيرات البيئية وتحديد المناطق المعرضة للتصحر.
4. التعليم والتوعية: يجب تعزيز التوعية بأهمية مكافحة التصحر وتعزيز السلوك المستدام في استغلال الموارد الطبيعية. يجب توجيه الجهود لزيادة الوعي بين الجمهور وتعزيز التعليم البيئي في المدارس والجامعات.
5. التعاون والشراكات: يجب تعزيز التعاون والشراكات بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص في مكافحة التصحر. يمكن تبادل المعرفة والخبرات في مجال مكافحة التصحر.
6. تعزيز التنمية المستدامة: يجب تكثيف الجهود لتعزيز التنمية المستدامة في المناطق الجافة. يجب تعزيز الاستثمار في البنية التحتية وتنمية القطاعات الاقتصادية المستدامة مثل الزراعة المستدامة والسياحة البيئية والطاقة المتجددة.
هذه هي بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتغلب على التحديات المتعلقة بمكافحة التصحر. يجب أن تُنفّذ بصورة متكاملة ومتناغمة لتحقيق أقصى قدر من النتائج الإيجابية في حماية البيئة والحفاظ على الأراضي الجافة ومكافحة التصحر.
إن التصحر يشكل تحديًا كبيرًا تجب مواجهته بصورة فعالة ومستدامة. بالتعاون والتضافر للجهود، يمكننا التغلب على هذا التحدي وتحقيق تحسينات ملموسة في الأراضي الجافة والمناطق المتأثرة.
من خلال تبني سياسات وإجراءات للتكيف مع تغير المناخ وإدارة الموارد المائية بصفة مستدامة، والاستثمار في البحوث والتكنولوجيا، وتعزيز التعليم والتوعية، وتعزيز التعاون والشراكات، وتعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز الحوكمة البيئية، يمكننا الوصول إلى نتائج إيجابية في مكافحة التصحر.
في اليوم العالمي لمكافحة التصحر، دعونا نتعهد جميعًا بالعمل معًا لحماية الأراضي الجافة والحفاظ على التنوع البيولوجي وتحسين جودة الحياة في المناطق المتأثرة. دعونا نتحرك نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة، ونؤكد أهمية أن نكون جميعًا جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة.
لنواجه التحديات ونحقق التغيير الإيجابي، ولنعمل معًا لمكافحة التصحر وتحقيق الاستدامة البيئية. إننا نحمل المسؤولية ونمتلك القدرة على تحويل التحديات إلى فرص، بالتعاون يمكننا بناء عالم أكثر استدامة للجميع.
* المهندسة هبة محمد إمام.. خبيرة دولية واستشارية بيئية مصرية
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..