دفعت التكلفة العالية لتحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا إلى تصريحات حكومية مُضللة، إذ قللت من القيمة الحقيقية المقدّرة رسميًا بنحو الثلث؛ ما يثير شكوكًا حول الأمر بأكمله.
واعترف مسؤول رسمي سابق بعدم صحة الرقم المُعلَن منذ أشهر، والبالغ 33 مليار جنيه إسترليني، في خطة تستغرق نحو 20 عامًا، إذ تستمر حتى عام 2045.
ويُعدّ قطاع المنازل أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة؛ لذلك تعوّل حكومة إسكتلندا على إزالة تلك الانبعاثات بوصفها خطوة أساسية في سبيل تحقيق هذا الهدف في كل البلاد بحلول عام 2050، وفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وإضافة إلى ذلك، فإن حكومة الدولة، التي استضافت قمة المناخ كوب 26 في عام 2021، لم تفرض تعتيمًا على تكاليف الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا فحسب، بل بعثت برسائل غامضة عن الأطراف التي ستتحمّل تلك التكلفة.
وثيقة كاشفة
كشفت وثيقة حكومية خاصة اعترافًا بأن تكاليف تحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا ستبلغ 45 مليار جنيه إسترليني (59 مليار دولار أميركي)، وليس 33 مليار جنيه إسترليني (43.2 مليار دولار أميركي)، وهو المبلغ الذي ردّده وزير الخُضر السابق باتريك هارفيس مرارًا وتكرارًا، قبل طرده من الحكومة في شهر مايو/أيار الماضي.
واعترف المسؤولون الرسميون في الوثيقة، الذي نشر تقريرًا عنها موقع “إسكوتش دايلي إكسبريس“، يوم السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أن سبب “انتفاخ” تلك التكاليف لدرجة أن تزيد 15 مليار جنيه إسترليني (19.7 مليار دولار أميركي) عن المعلَن من قبل، هو ارتفاع معدلات التضخم.
*(الجنيه الإسترليني = 1.31 دولارًا أميركيًا).
وظل هارفيس يكرر أن تكلفة تحقيق الحياد الكربوني في إسكتلندا لن تزيد على 33 مليار جنيه إسترليني، حتى مارس/آذار الماضي، أي قبل طرده من الحكومة بشهرين.
غير أن مذكرة إحاطة رسمية أشارت في سبتمبر/أيلول من 2023 إلى احتمالات زيادة تكاليف تحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا عن المبلغ المُعلَن من قبل، لكنها لم تحدد قيمة الزيادة بالضبط.
ومن خطوات تحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا تفعيل الحكومة في أبريل/نيسان (2024) تشريعًا يحظر على أصحاب المنازل الجديدة تركيب أنظمة التدفئة التي تُطلق انبعاثات مباشرة، مثل غلايات النفط والغاز أو أيّ شكل من حرق الطاقة الحيوية، حيث تُولَّد الحرارة أو الكهرباء من مصدر عضوي مثل الخشب، مع تطبيق استثناءات في حالات الطوارئ، مبررةً ذلك بأن التدفئة بالمنازل تُطلق نسبة كبيرة من الانبعاثات؛ ما يصعّب من تحقيق الحياد الكربوني في موعده.
وكان هذا القرار قد أثار كثيرًا من الانتقادات، خاصة في المناطق الريفية؛ ما دعا وزيرة الطاقة في إسكتلندا جيليان مارتين للردّ قائلة، إن القرار الجديد غير مرن، وأنه سيُراجَع.
بدورها، طالبت النائبة عن حزب المحافظين راشيل هاميلتون الحكومة بتأكيد نبأ مراجعة القانون الجديد، متهمةً الحزب الحاكم بأنه مضلل، وسيئ التكوين، وفشلَ في فهم حقائق الحياة الريفية.
تصريحات غامضة
أدت التصريحات الغامضة بشأن تكلفة تحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا من قبل الحكومة إلى تعالي الأصوات المطالبة بتوضيحات رسمية بشأن الفاتورة التي سيتحمّلها المواطنون في هذا الشأن، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وبسبب أن أكثر من خُمس انبعاثات غازات الدفيئة في البلاد يصدر عن المنازل أو المباني، فقد حظرت الحكومة العام الماضي، غلايات التدفئة بالغاز في المباني الجديدة، وفرضت الاعتماد على أنظمة تدفئة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مثل المضخات الحرارية، أو ألواح الطاقة الشمسية، والتدفئة بالكهرباء.
وأشار وزير الخضر المعزول باتريك هارفيس، بحوار مع مجلة “هوليورود ماغازين”، في أبريل/نيسان الماضي، إلى أن الحكومة ستدعم تحقيق الحياد الكربوني في منازل إسكتلندا بنحو 1.8 مليار جنيه إسترليني.
وقال: “لا وجود لأيّ خطة لأن تدفع الحكومة أو دافعو الضرائب تلك التكلفة.. يجب أن تتحمل التكلفة الصناعة وشركات الطاقة والاستثمارات، وجزء منها -غالبًا- سيتحمّله ملّاك المنازل والمباني”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..