هل فكرت يومًا أن تكون السيارات الكهربائية أحد مصادر تغذية الشبكة بالإمدادات؟.. ربما يكون الأمر غريبًا بعض الشيء، إذ طالما اشتهر عكس هذه النظرية، لكن يبدو أن باحثين في أستراليا قرروا إحداث “ثورة” في مفهوم ميزات السيارات النظيفة.
ومنذ بدء انتشارها، عُرفت السيارات العاملة بالبطاريات بأنها صديقة للبيئة، وقادرة على خفض انبعاثات قطاع النقل، ومنافسة سيارات محرك الاحتراق الداخلي.
ووفق نتائج تجربة فعلية -تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- لعدد من باحثي الجامعة الوطنية في العاصمة الأسترالية كانبرا، نجحت عملية “التغذية العكسية” وللمرة الأولى على مستوى العالم، وأصبحت بطاريات السيارات الكهربائية تزوّد الشبكة بالطاقة.
واختبر الباحثون التجربة خلال مدة انقطاع للتيار الكهربائي، وتتناغم الجهود البحثية مع خطط أستراليا الطموحة لتوسعة الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة.
ضخ تجريبي
أنقذت السيارات الكهربائية العاصمة الأسترالية كانبرا من انقطاع التيار بعد عاصفة ضخمة، وانتهز الباحثون الفرصة لتطبيق تجربتهم وزودوا الشبكة بكهرباء بطاريات السيارات.
وأدت العاصفة إلى انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة الأسترالية كانبرا، ووصّل الباحثون 16 سيارة كهربائية بالشبكة مباشرة، ما أدى إلى إفراغ إمدادات السيارات في النظام وفق البرمجة المعدة مسبقًا لهذه التقنية.
وبلغ معدل الأحمال المقدمة من السيارات الـ16 إلى الشبكة الوطنية، ما يُقدر بنحو 107 كيلوواط.
وأكد مؤلف الدراسة، بيورن ستورمبرغ، أن السيارات العاملة بالبطاريات أثبتت قدرتها على دعم شبكة الكهرباء خلال الحالات الطارئة، مشيرًا إلى أن الفريق البحثي نشر أسطولًا مكونًا من 51 سيارة كهربائية في العاصمة كانبرا.
وقال إن الأسطول يهدف إلى مراقبة الشبكة بعد توصيل السيارات، بجاهزية للتعامل السريع مع المستجدات وإعادة التوازن إلى الشبكة عبر ضخ كميات صغيرة متقطعة من الكهرباء للشبكة.
ووصف ستورمبرغ السيارات النظيفة بأنها “بطاريات” كبيرة تسير على عجلات، مشيرًا إلى أن فقدان الشبكة إمدادات الكهرباء بمعدل سريع خلال الطوارئ سيعوض بضخ سريع -أيضًا- لضمان إعادة التوازن.
توسعة التجربة
يواصل فريق الباحثين العمل على زيادة أسطول السيارات النظيفة، وتأهيله للعمل بصفة بطارية إسناد للشبكة في البلاد.
وحذّر الباحثون من تزويد السيارات بالشحن بصورة جماعية وفي آن واحد من قبل المستهلكين، ما يلقي بالمزيد من الأعباء على كاهل الشبكة، خاصة في أوقات المساء.
وبدوره، أكد مسؤول الطاقة والبنية التحتية لدى مجلس السيارات الكهربائية روس دي رانغو، أن تجربة الباحثين بشأن توصيل السيارات العاملة بالبطارية بالشبكة تُعد فرصة ضخمة.
وكشف رانغو أن التوسع في استعمال التقنية الجديدة يعود بالنفع على أستراليا، فقد تشهد البلاد خفضًا في فواتير الكهرباء، وقد يمتد الأمر إلى التسريع بإغلاق محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم والغاز.
وأوضح أن تطبيق هذه التقنية يتطلب إجراءات لحماية المستهلك، لمنع استعمال أي شخص إمدادات الكهرباء من سيارة مستهلك آخر، واقترح ضرورة موافقة المستهلك على ربط سيارته بشبكة الكهرباء.
طلب شبكة أستراليا
وقعت العاصفة وتجربة تزويد السيارات الكهربائية الشبكة بالإمدادات بالعاصمة كانبرا، في فبراير/شباط الماضي، وكانت بمثابة اختبار فعلي للسيارات وأجهزة الشحن المستعملة في التجربة.
ويحتاج إقليم العاصمة (أو ما يطلق عليه مقاطعة العاصمة)، وكذلك ولاية نيو ساوث ويلز، إلى ما يقدر بنحو 105 آلاف سيارة كهربائية لتوفير إمدادات كافية لطلب الشبكة بالكامل.
وفور تلقي السيارات إمدادات الكهرباء لمدة 10 دقائق واصلت عملية الشحن بصورة اعتيادية، ما يشير إلى أنه في حالات انقطاع التيار من الشبكة لن تتأثر عملية الشحن سلبًا.
ويخطط الباحثون لتوسعة أسطول السيارات العاملة بالبطاريات لتعمل سلاحًا ذا حدين، فمن جهة تُسهم في خفض انبعاثات النقل، ومن جهة أخرى تستعمل بصفتها بطارية تخزين تزود الشبكة بالإمدادات في الحالات الطارئة.
وبلغت مبيعات السيارات الكهربائية في أستراليا -خلال العام الماضي 2023- ما يقرب من 100 ألف سيارة، وفق ما نشره موقع إنترستنج إنجينير (Interesting Engineering).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..