يحظى قطاع السيارات الكهربائية في إثيوبيا بدعم حكومي واسع، في إطار خطط وطنية تستهدف تخفيف الضغوط على الاقتصاد المحلي، عبر خفض فاتورة استيراد الوقود المتضخمة، إلى جانب الفوائد البيئية المتحققة من تقليص الانبعاثات الكربونية.
ورغم الحماس الذي تبديه حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد للسيارات الكهربائية، فإنها ما زالت تواجه تحديات ضخمة في البحث عن البنية التحتية اللازمة للشحن، مع وجود محطة شحن واحدة فقط على مستوى البلاد في العاصمة أديس أبابا، بحسب بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتعتقد الحكومة أن التحول إلى السيارات الكهربائية في إثيوبيا يمكنه أن يخفّض وارداتها من الوقود الأحفوري التي تستنزف اقتصادها المتعثر، إذ بلغ الإنفاق العام على وارداتها من البنزين والديزل أكثر من 5.5 مليار يورو (6.05 مليار دولار) في عام 2023، اُستعمل أكثر من نصفها في المركبات.
واتخذت إثيوبيا قرارًا جريئًا في فبراير/شباط 2024، بحظر واردات السيارات العاملة بالبنزين والديزل، لتصبح أول دولة في العالم تقدم على هذا الإجراء، مع شمول هذا الحظر البعثات الدبلوماسية والمنظمات غير الحكومية.
السيارات الكهربائية تخفّض واردات الوقود
تأمل الحكومة في أن يؤدي حظر استيراد السيارات العاملة بالوقود الأحفوري إلى تسريع التحول إلى السيارات الكهربائية في إثيوبيا، ما سينعكس على خفض نفقات الوقود؛ إذ تكافح الحكومة منذ 10 سنوات لزيادة إيراداتها من العملات الأجنبية وترشيد الاستيراد.
كما يتوافق هذا التحول مع سياسات الطاقة الخضراء وإستراتيجية إثيوبيا لخفض الانبعاثات الكربونية، خصوصًا من وسائل النقل والمواصلات، أحد أكبر مصادر تلوث الهواء في المدن الكبرى مثل العاصمة أديس أبابا.
ورغم الآمال الطموحة المعلقة على تسريع التحول إلى السيارات الكهربائية في إثيوبيا، فإنها تصطدم بتحديات ضخمة على مستوى البنية التحتية المنعدمة والقدرة الشرائية الضعيفة للمواطنين، إلى جانب معاناة 50% منهم من نقص الكهرباء.
وتشير بيانات محلية إلى أن ملكية السيارات في إثيوبيا ما زالت منخفضة جدًا بصورة عامة، ولا تتجاوز 1.5 مليون مركبة في بلد تعداد سكانه يقترب من 130 مليون نسمة، منها 70% سيارات خاصة، كما أن 90% من هذه السيارات موجودة في العاصمة أديس أبابا، بحسب تقرير نشرته شبكة راديو فرنسا الدولي آر إف آي (RFI).
تحديات السيارات الكهربائية في إثيوبيا
يواجه قطاع السيارات الكهربائية في إثيوبيا تحديات متعددة، منها نقص البنية التحتية، لا سيما عدم توافر محطات شحن البطاريات، ما يجعل السفر لمسافات طويلة شبه مستحيل لسائقي هذه السيارات، كما أن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر يزيد من تفاقم التحديات.
ومن المثير للسخرية أن الحكومة تسعى لنشر السيارات الكهربائية في إثيوبيا، رغم أنه لا يوجد -حاليًا- سوى محطة شحن عامة واحدة فقط في الدولة بأكملها، وتقع في العاصمة، بحسب خبير الأعمال والاقتصاد الإثيوبي، سامسون بيرهان.
ومن المظاهر الأخرى لنقص البنية التحتية، أنه لا يوجد سوى موقفين متخصصين فقط قادرين على خدمة السيارات الكهربائية، كما أن العثور على قطع غيار هذه السيارات ما زال صعبًا للغاية.
وتمثّل هذه التحديات المرتبطة بالبنية التحتية عقبة أمام خطة الحكومة لاستيراد 400 ألف سيارة كهربائية بحلول عام 2030، مع ضعف الثقة الكافية بين الفئة القادرة من السكان على شرائها، بحسب الخبير.
أسعار السيارات الكهربائية باهظة
يمثّل ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية في إثيوبيا مشكلة أخرى أمام المستهلكين، فحتى مع انخفاض ضرائب الاستيراد تظل أسعارها باهظة بالنسبة إلى معظم الناس.
ويتجاوز ثمن السيارة الكهربائية المستعملة -حاليًا- أكثر من 32 ألف يورو (35 ألف دولار)، في حين تتراوح أسعار طرازات المركبات الكهربائية الجديدة من 35 ألف يورو (38 ألف دولار) إلى 100 ألف يورو (109 آلاف دولار).
ولذلك، تظل السيارات الكهربائية بعيدة المنال بالنسبة إلى معظم الإثيوبيين، كما أنه عندما يشتري المستهلكون سيارة فإنهم يسألون أنفسهم، ما إذا كانوا سيتمكنون من إعادة بيعها أم لا، لأنه بمجرد شراء سيارة كهربائية فستنخفض قيمتها، بحسب الخبير الإثيوبي بيرهان.
(اليورو = 1.1 دولارًا أميركيًا)
وتحتاج الحكومة إلى معالجة التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والقدرة على تحمّل التكاليف، حتى ينجح مسار التحول إلى السيارات الكهربائية في إثيوبيا بالسرعة المطلوبة.
عدم قدرة 95% على الشراء
ما زالت الغالبية لدى إثيوبيا لا تهتم بشراء السيارات عامة، سواء كانت تعمل بالوقود الأحفورى أو بالبطاريات الكهربائية، بسبب تردي الأحوال الاقتصادية وضعف القدرة الشرائية.
ويقول الخبير بيرهان إن 95% من السكان ما زالوا غير قادرين على شراء أي سيارة، كما أن أكثر من 75% منهم يعيشون في المناطق الريفية، ولا يشعرون بأى قلق مما إذا كانت الحكومة ستحظر السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري أم لا.
وإذا استطاعت الحكومة التغلب على هذه التحديات، فمن الممكن أن تصبح إثيوبيا رائدة في مجال السيارات الكهربائية، لتكون نموذحًا للدول النامية الأخرى، المتطلعة إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري وتبني حلول الطاقة النظيفة.
ورغم الحماس الذي يبديه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد فإن الطريق أمام انطلاق ثورة السيارات الكهربائية في إثيوبيا ما زال بعيدًا، وليس من الواضح ما إذا كانت الأهداف الطموحة للبلاد ستتحقق أم لا، بحسب الخبير الإثيوبي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..