تمضي الطاقة النووية في الصين بخطى سريعة، مستعينة بأحدث التقنيات العالمية، ما يضعها في مقدمة الدول من حيث بناء القدرات النووية الجديدة متفوقة في ذلك على الولايات المتحدة.

وكشف تقرير حديث -اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- عن أن الولايات المتحدة تتخلّف عن الصين بما يصل إلى 15 عاما في تطوير الطاقة النووية ذات التقنية العالية.

وأشار التقرير إلى أن النهج التكنولوجي الذي تدعمه بكين والتمويل المكثف لمحطات الطاقة النووية لديها يمنحها التفوق على نظيرتها الأميركية.

وتمتلك الصين 27 مفاعلًا نوويًا قيد الإنشاء بمتوسط زمني للبناء يبلغ نحو 7 سنوات، وهو أسرع بكثير من الدول الأخرى، في إطار خطتها لبناء 150 مفاعلًا نوويًا جديدًا بين عامي 2020 و2035.

التفوق الصيني

ذكرت الدراسة، التي أجرتها مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار (Information Technology & Innovation Foundation)، وهو معهد أبحاث غير حزبي مقره واشنطن، أن “النشر السريع لمحطات الطاقة النووية في الصين على نحو متزايد تنتج عنه اقتصادات كبيرة الحجم وتأثيرات التعلم من خلال الممارسة، وهذا يشير إلى أن الشركات الصينية تكتسب ميزة في الابتكار التدريجي في هذا القطاع خلال المستقبل”.

وتملك الولايات المتحدة أكبر أسطول من محطات الطاقة النووية في العالم، وتعد إدارة الرئيس جو بايدن أن مصدر الكهرباء الخالي من الانبعاثات أمر بالغ الأهمية في الحد من تغير المناخ.

ولكن بعد تشغيل محطتيْن كبريين في جورجيا خلال عامي 2023 و2024 بميزانية تزيد على الميزانية بمليارات الدولارات وتأخيرهما لسنوات، لم تُبن أي مفاعلات نووية أميركية، كما أُلغيت محطة للتكنولوجيا الفائقة كان من المقرر بناؤها في أحد المختبرات الأميركية العام الماضي.

محطة طاقة نووية في الصين – أرشيفية

في المقابل شهد قطاع الطاقة النووية في الصين نموًا سريعًا، خلال السنوات القليلة الماضية، في إطار سعي بكين لتنفيذ ما تعهّدت به بالوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل نهاية العقد الحالي، وتحقيق الحياد الكربوني في 2060.

وخلال العقد المقبل، من المتوقع أن تبدأ الصين تشغيل 23 مفاعلًا قيد الإنشاء حاليًا، وهو ما يعني إضافة نحو 24 غيغاواط (تحديدًا 23.7 غيغاواط) إلى قدرة توليد الكهرباء من الطاقة النووية، وفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويرى محللون أن أميركا والصين على الأرجح على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بالجهود الرامية إلى تطوير تكنولوجيات الاندماج النووي، لكنهم يشيرون إلى أن قدرة الصين الواضحة على نشر مفاعلات الانشطار على نطاق واسع تمنحها ميزة عندما يجري تشغيل الاندماج.

دعم الصين لقطاع الطاقة النووية

تستطيع المصارف المملوكة للدولة في الصين أن تقدم قروضًا منخفضة تصل إلى 1.4%، وهي نسبة أقل كثيرًا من تلك المتاحة في الاقتصادات الغربية.

واستفادت صناعة الطاقة النووية في الصين من دعم الدولة المستمر وإستراتيجيات التوطين التي سمحت لبكين بالسيطرة على قطاعات مثل الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأ تشغيل أول مفاعل تبريد بالغاز عالي الحرارة من الجيل الرابع في العالم بخليج شيداو.
وتزعم جمعية الطاقة النووية في الصين أن المشروع تضمن تطوير أكثر من 2200 مجموعة من “المعدات الأولى من نوعها في العالم” مع معدل توطين إجمالي للمواد المنتجة محليًا بنسبة 93.4%.

يقول مؤيدو المفاعلات عالية التقنية، إنها أكثر أمانًا وكفاءة من المفاعلات الحالية، ويقول المنتقدون إن بعض المفاعلات الجديدة تنطوي على مخاطر انتشار وخسائر مادية.

ويتفوّق عدد المفاعلات قيد الإنشاء في الصين مرتين ونصف المرة عن نظيره في أيّ دولة أخرى من دول العالم، وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرّية.

وخلال المدة من 2008 إلى 2023، زادت حصة الصين من جميع براءات الاختراع النووية من 1.3% إلى 13.4%، وتتصدر البلاد عدد طلبات براءات الاختراع الخاصة بالاندماج النووي.

لم تكن الأمور سلسة بالنسبة إلى الصين، إذ حذرت جمعية الطاقة النووية لديها من وجود تخمة شديدة في إنتاج المكونات النووية، وأن “المنافسة المفرطة” أدت إلى انخفاض الأسعار وتسببت في خسائر.

محطة طاقة نووية في الصين
محطة طاقة نووية في الصين – أرشيفية

موقف أميركا

قال مؤلف التقرير ستيفن إيزيل، إنه إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن الطاقة النووية يتعيّن عليها تطوير إستراتيجية وطنية قوية تتضمن المزيد من الاستثمار في البحث والتطوير، وتحديد التقنيات الواعدة وتسريعها، ودعم تطوير القوى العاملة الماهرة.

وتتفوق الولايات المتحدة في عدد المفاعلات النووية البالغ 94 مفاعلًا، مقارنة بالصين، لكن الأولى احتاجت إلى 40 عامًا لكي تضيف قدرة الطاقة النووية نفسها التي أضافتها بكين خلال 10 سنوات فقط.

وبنهاية أبريل/نيسان 2024، وصل عدد المفاعلات النووية قيد التشغيل في الصين إلى 55 مفاعلًا، بقدرة صافية بلغت 53.2 غيغاواط، مقابل 19 غيغاواط فقط عام 2014، بزيادة 180% خلال 10 سنوات.

وأضاف إيزيل: “على الرغم من تأخر أميركا فإنها بالتأكيد قادرة على اللحاق بالركب من الناحية التكنولوجية”، حسبما ذكرت رويترز.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.