أظهرت الليرة السورية، التي واجهت انخفاضًا كبيرًا في قيمتها في السنوات الأخيرة بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والعقوبات، مرونة غير متوقعة مقابل الدولار الأمريكي بعد رحيل الرئيس بشار الأسد عن منصبه.
في بلد حيث ترسل الاضطرابات السياسية في كثير من الأحيان موجات صدمة عبر اقتصادها الهش، ظلت الليرة السورية مستقرة، وتتداول عند مستويات لم نشهدها منذ ما قبل تفاقم الأزمة المالية في عام 2020.
وأفاد تجار العملة في دمشق بوجود شعور مفاجئ بالتفاؤل بشأن أسعار السوق السوداء، التي غالبا ما ينظر إليها على أنها تعكس الاقتصاد الحقيقي أكثر من الأسعار الرسمية.
وقال تجار عملة في دمشق إن أسعار الصرف تراوحت بين 12 ألفا و500 و10 آلاف ليرة سورية اليوم السبت، وهو فارق أكبر بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المائة من السعر السابق البالغ 15 ألفا، مع تقلبات كبيرة في السوق.
وقال تاجر عملة في العاصمة: “هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي نرى فيها الجنيه يرتفع مقابل الدولار ويبدو أن الناس متفائلون بالتغيير السياسي ورفع العقوبات في نهاية المطاف”.
وتأتي الإطاحة بالأسد بعد أشهر من المعارضة المتزايدة والضغوط الدولية وقد أثار الإعلان تكهنات حول مستقبل سوريا، حيث بدأت جماعات المعارضة والقوى الأجنبية بالفعل في المناورة للتأثير على المرحلة التالية من الحكم.
ويعتقد المراقبون أن قوة الليرة السورية في الآونة الأخيرة قد تشير إلى ثقة السوق في اتجاه اقتصادي أكثر استقراراً وانفتاحاً في ظل القيادة الجديدة المحتملة.
ولكن المحللين يحذرون من أن تعافي سوريا سوف يعتمد إلى حد كبير على كيفية تطور عملية الانتقال وما إذا كانت البلاد قادرة على تأمين الدعم الدولي.
وتضرر الاقتصاد السوري على مدى أكثر من عقد من الحرب الأهلية، والعقوبات الواسعة النطاق، والأزمة الإنسانية التي أثرت على ملايين الأشخاص وقبل الأحداث الأخيرة، وصلت الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، مع ارتفاع التضخم مما جعل السلع الأساسية بعيدة المنال بالنسبة للعديد من المواطنين.
ويحذر الخبراء من أن الاستقرار المؤقت لليرة قد لا يدوم دون إصلاحات اقتصادية كبيرة.
وقال خبراء: “إن تغيير القيادة وحده لن يحل مشاكل سوريا.. ما نحتاجه هو خطة شاملة لإعادة الإعمار، وإزالة العقوبات، والاستثمار في البنية الأساسية”.