اقرأ في هذا المقال
- سياسة ترمب بشأن المعادن الحيوية في أفريقيا مبهمة
- تستحوذ أفريقيا على 30% من إجمالي المعادن الحيوية عالميًا
- قفزة عالمية مرتقبة في الطلب العالمي على المعادن الحيوية
- يُعدّ محور لوبيتو مهمًا بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها
- تتفوق الشركات الصينية على نظيراتها الغربية باستثمارات المعادن في أفريقيا
تتجه أنظار العالم إلى قطاع المعادن الحيوية في أفريقيا الذي يخضع منذ عقود لهيمنة الصين، بعد إعادة انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّّها واشنطن).
وتتزايد التكهنات بشأن إذا كان ترمب سيمضي على المسار نفسه الذي سار عليه سلفه جو بايدن من حيث توطيد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع البلدان التي لديها وفرة في إمدادات المعادن الحيوية في القارة السمراء، لمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد في تلك المناطق.
وتصبّ التوقعات لصالح قفزة كبيرة في الطلب العالمي على المعادن الحيوية النادرة -مثل النيكل والليثيوم والكوبالت والنحاس- بحلول 2050، بفضل الاعتماد المتزايد على تقنيات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون، لا سيما توربينات الرياح والألواح الشمسية والسيارات الكهربائية، من بين أخرى عديدة.
وتحتضن أفريقيا 30% من إجمالي المعادن الحيوية المعروفة عالميًا؛ ما يجعلها مطمعًا للقوى العالمية المتنافسة على السيطرة على سلاسل إمدادات الصناعات الإستراتيجية المرتبطة بتلك المعادن.
التزام غير مؤكد
بينما يستعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للعودة إلى البيت الأبيض، مع وجود نية لديه في تنفيذ أجندة “أميركا أولاً”، يظل التزامه بتأسيس سلاسل إمدادات عالمية آمنة ومستدامة للمعادن الحيوية غير مؤكد، وفق منصة “إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس”.
ويكتسب عدم اليقين هذا أهميةً خاصةً فيما يتعلق بأفريقيا؛ إذ تتواصل التكهنات بشأن نوايا ترمب في مواصلة الالتزام بسياسات سلفه جو بايدن بشأن تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع البلدان الغنية بالمعادن الحيوية في القارة، وتقديم دعم مالي مباشرةً إلى مجموعةٍ من مشروعات البنية التحتية والتعدين المهمة.
وتتصاعد التكهنات المذكورة في الوقت الذي يزور فيه الرئيس جو بايدن أنغولا هذا الأسبوع لتسليط الضوء على مشروع محور لوبيتو (Lobito Corridor)، وهو خط سكة حديد يمتد بطول 1300 كيلومتر ويربط المناطق الغنية بالمعادن شمال زامبيا وجنوب جهورية الكونغو الديمقراطية بميناء لوبيتو في أنغولا.
ويُعدّ محور لوبيتو مهمًا بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها؛ إذ سيُعدّ بمثابة محور إستراتيجي لصادرات المعادن الحيوية مثل الكوبالت والنحاس، التي لا غنى عنها لتصنيع السيارات الكهربائية والتقنيات النظيفة الأخرى.
محفظة مشروعات
إضافةً إلى دعم محور لوبيتو، تستثمر شركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية دي إف سي (DFC)، وهي مؤسسة تمويل التنمية تابعة للحكومة الفيدرالية الأميركية، في محفظة مشروعات تركّز على المعادن الحيوية في أفريقيا، وتستهدف تحقيق التنمية الفاعلة والإسهام في إنجاز الأهداف الإستراتيجية الأميركية، ممثلةً في دعم سلاسل الإمدادات الموسعة والمتنوعة.
ومن المتوقع أن يظل أمن سلاسل إمدادات المعادن الحيوية في أفريقيا قضية رئيسة؛ نظرًا إلى تأسيس آليات استثمار عديدة خلال ولاية ترمب الأولى، وفق ما صرّحت به المديرة التنفيذية لمركز إستراتيجية المعادن الحيوية أبيجيل هنتر.
وتأسست “دي إف سي” في عهد إدارة الرئيس ترمب باستثمارات قدرها 60 مليار دولار، بالتعاون مع القطاع الخاص، وتختصّ بتوجيه الاستثمارات إلى مشروعات تدعم النمو الاقتصادي، وتعزز مستويات المعيشة محليًا.
وخلال ولايته الأولى، منح ترمب كذلك بنك التصدير والاستيراد إي إكس آي إم (EXIM) الأميركي أطول مدة إعادة تفويض في تاريخه، وأشرف على إنشاء برنامج تحويل الصادرات الصيني، الذي يركّز على تحديد المشروعات الواعدة التي تعزز القدرة التنافسية الصناعية للولايات المتحدة والاستثمار فيها.
مبادرات طموحة
سلّطت أبيجيل هنتر الضوء على الدور الذي اضطلعت به إدارة الرئيس ترمب في تأسيس مبادرة موارد حوكمة الطاقة إي آر جي آي (ERGI)، بالشراكة مع بوتسوانا وبيرو وأستراليا وكندا، والتي يُنظَر إليها على أنها مقدّمة إلى شراكة أمن المعادن.
وكان قد أُعلِن تأسيس شراكة أمن المعادن في يونيو/حزيران (2022)، وهو تعاون يتألف من 14 دولي والاتحاد الأوروبي ويستهدف تسريع وتيرة الاستثمارات في سلاسل إمدادات المعادن الحيوية العالمية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
كما أشارت هنتر إلى أهمية الأمر التنفيذي رقم 13953 الذي أصدرته إدارة ترامب الأولى، والمختص بمواجهة التهديدات التي تعرقل سلسلة الإمدادات المحلية، جراء الاعتماد على المعادن الحيوية المستوردة من المنافسين الأجانب.
ووجّه الأمر التنفيذي وزارة الخارجية إلى ضرورة الحدّ من تعرُّض الولايات المتحدة لخطر تعطيل سلاسل إمدادات المعادن الحيوية في أفريقيا، عبر التعاون والتنسيق مع الشركاء والحلفاء، وبناء سلاسل إمدادات معادن حيوية مرنة.
مقاومة الصين
بخصوص المخاطر التي قد تَنتُج عن توقف الدعم الأميركي لمشروع ممر لوبيتو أو تقليصه في عهد ترمب، قالت المديرة التنفيذية لمركز إستراتيجية المعادن الحيوية أبيجيل هنتر، إن المشروع يتّسق تمامًا مع استراتيجية إدارة ترمب الأولى لمواجهة الهيمنة الصينية على صناعة المعادن الحيوية في أفريقيا.
وتابعت: “ممر لوبيتو ضروري لتوصيل المعادن إلى السوق، ونحن نرى توافقًا قويًا مع الأهداف الإستراتيجية الأوسع للإدارة في الحفاظ على هذا المسار”.
ويتفق مع هنتر كبير الباحثين في مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا الدكتور هاري فيرهوفن، الذي قال، إنه في الوقت الذي ربما لا تمثّل فيه أفريقيا أولويةً لإدارة ترمب، من غير المرجّح تعليق مشروعات، مثل ممر لوبيتو الذي يُستهدَف منه مقاومة هيمنة الصين على سلاسل إمدادات المعادن الحيوية في أفريقيا.
وأضاف فيرهوفن: “من حيث الإنفاق أو رأس المال السياسي، لا أتوقع أن تفعل إدارة ترمب الكثير في أفريقيا، والمبادرات الأفريقية الكبرى الوحيدة التي من المرجّح أن تظل دون تغيير هي تلك التي تستهدف مقاومة الصين”.
سياسة يصعُب التنبؤ بها
قال كبير المحللين في “إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس” نيك تريكيت، إن النهج الذي ستتبنّاه إدارة دونالد ترمب المقبلة بشأن صناعة المعادن الحيوية في أفريقيا يصعُب التنبؤ بها، مشيرًا إلى أن توجهات قطب العقارات المعادية للصين ربما تمنح مسؤولي إداراته غطاءً لتنفيذ برامج أو أفكار يعتقدون أنها قد تعوّض دور الصين في القارة السمراء.
ويرى تريكيت أن ترشيح السيناتور عن ولاية فلوريدا، المعروف بكونه أحد أكثر صقور الحزب الجمهوري عدوانية تجاه بكين، ماركو روبيو، لشغل منصب وزير الخارجية الأميركي، يبيّن أن هناك نوايا قوية لصدّ النفوذ الصيني في أفريقيا.
ولعقود طويلة تتفوق الصين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مجال الاستثمارات والانخراط الدبلوماسي في أفريقيا، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتفوّق الشركات الصينية كثيرًا على نظيراتها الغربية في إنشاء وتعزيز سلاسل الإمدادات الخاصة بها لمعادن حيوية مثل الكوبالت والليثيوم وغيرها من المعادن الحيوية الأخرى في أفريقيا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المعادن:
1.إستراتيجية ترمب بشأن المعادن الحيوية في أفريقيا من منصة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.