أصبح تحليل استهلاك الطاقة في المباني تطبيقًا عالميًا مثيرًا للاهتمام، وجذابًا للحكومات والشركات العاملة بقطاعات الطاقة، وحتى للمستهلكين، في ظل أزمات الطاقة والتوجهات العالمية للالتزام بمتطلبات التنمية المستدامة.

وبحسب دراسة طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يستهلك قطاع المباني بين 20 و40% من مصادر الطاقة العالمية، ما يجعل جهود أصحاب المصلحة تتركز في خفض استعمال الطاقة وزيادة كفاءتها في المباني الجديدة والقديمة.

وعلى مدار العقود الـ3 الماضية، ركّزت المجتمعات العلمية -بشكل خاص- على إدارة الطاقة في المباني، وذلك امتثالاً لميثاق “كيوتو” والأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة.

وتوصّل الباحثون إلى استكشاف نُهُج عدّة، بما في ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- تقديم أفكار تصميمية معمارية جديدة، ودمج مواد جديدة للبناء، ورصد وضبط كفاءة الطاقة في المباني.

تحسين كفاءة استهلاك الطاقة

قال المدرس بقسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة بالجامعة البريطانية بالقاهرة، الدكتور أحمد الشامي، إن تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المباني التعليمية يمكن أن يخفض النفقات التشغيلية، مع زيادة التنمية المستدامة، وتعزيز كفاءة الطاقة.

وأضاف الشامي -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المباني التعليمية كثيفة استهلاك الطاقة مقارنةً بغيرها من المباني، موضحًا أن مباني الجامعات تشبه المدن الصغيرة، نظرًا لتوفر مساحات لمختلف الأنشطة، مثل المختبرات والغرف التعليمية والمكتبات والعديد من مرافق الطلاب ذات الخصائص والاحتياجات المختلفة من الطاقة.

أحد مباني الجامعة البريطانية في القاهرة

وتابع أن تحليل استهلاك الطاقة وفهم خصائصها في المباني الجامعية، يعدّ الطريقة الوحيدة لتقديم تدابير ضبط على نطاق واسع، وتوجيهات لتحسين كفاءة الطاقة في المباني والمدن.

ولفت إلى تقارير بشأن مبادرات وجهود محدودة خلال الأعوام القليلة الماضية، تستهدف دراسة كفاءة استعمال الطاقة في المباني التعليمية المصرية، لكن المعلومات المنشورة عن استهلاك الطاقة في هذه الأبنية محدودة، وصادرة عن مؤسسات دولية.

غياب المعلومات

تمثّل المباني في مصر 30-40% من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد، ويُعدّ قطاع التعليم أحد أكبر المستهلكين للطاقة في قطاع المباني، نظرًا لوظائفه المعقّدة، من خلال توفير مساحة لمختلف الأنشطة والتخصصات، وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP)،

كما أكدت دراسة -أجراها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) في عام 2019- أن استهلاك الطاقة في المدارس المصرية يمكن أن ينخفض بما يصل إلى 30%، من خلال تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة.

ووجدت الدراسة أن مصادر الطاقة الرئيسة في المدارس تتمثل في الإضاءة وتكييف الهواء وتسخين المياه.

وكذلك أُطلِق البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة في المباني (NPEEB) لتحسين كفاءة استعمال الطاقة في المباني عبر القطاعات المختلفة، بما في ذلك التعليم، إذ توفر المبادرة المساعدة المالية والدعم الفني لتنفيذ حلول كفاءة الطاقة.

ولفت الدكتور أحمد الشامي إلى أن غياب المعلومات الكافية حول استهلاك الطاقة في مباني الجامعات، وكذلك المباني الحكومية الأخرى، يمثّل إحدى المشكلات الأكثر أهمية التي تواجه تنفيذ لوائح كفاءة الطاقة في مصر.

تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المباني
مبني الجامعة البريطانية في القاهرة

الطلب على الطاقة

تتميز مباني الجامعات والمؤسسات التعليمية بزيادة الطلب على الطاقة في الحرم الجامعي، نتيجة للتطورات التكنولوجية ومرافق المختبرات والحوسبة المُستهلكة للطاقة.

من ثم، هناك حاجة إلى مزيد من البحوث والبيانات حول استهلاك الطاقة بالمباني التعليمية في مصر، وكذلك مزيد من الجهود لتعزيز وتنفيذ تدابير كفاءة الطاقة في المدارس.

وأوضح الدكتور أحمد الشامي أن تنفيذ تدابير كفاءة الطاقة يواجه تحدي غياب خريطة طريق واضحة لجمع البيانات بمثابة خطوة أولى لتحليل البيانات ذات المعنى.

وأشار إلى أن الهدف الرئيس من هذه الدراسة يتمثل في تقديم إرشادات ميسّرة لجمع بيانات أداء الطاقة وعرضها بشكل مناسب لتحليل البيانات، موضحًا أن الفريق البحثي طوّر هذه الإرشادات بناءً على دراسة حالة لمبنى كلية الهندسة بالجامعة البريطانية في مصر.

وتهدف الدراسة إلى تحديد العوامل المتغيرة ذات التأثير العالي لعمل التحاليل العلمية اللازمة ونوع البيانات اللازمة لتحديد تلك العوامل، بما يتماشى مع المعايير الموصى بها.

ولفت الشامي إلى أن الدراسة تقدّم نتائج وتوصيات مفيدة لأصحاب المصلحة والخبراء ذوي الصلة الذين يرغبون بمقارنة أداء الطاقة في المباني الجديدة بأداء مخزون المباني الحالي.

مخرجات الدراسة

أوضح المدرس بقسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة بالجامعة البريطانية بالقاهرة الدكتور أحمد الشامي -في تصريحاته الخاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن الدراسة تمخضت عن عدد من المخرجات الرئيسة، يمكن تلخيص بعضها في النقاط التالية:

  • تستهلك مختبرات المحاكاة طاقة أكثر بنسبة 36.79% من المختبرات الأخرى؛ وذلك لأن معظم أجهزة الحاسوب تظل تعمل لمدة طويلة.
  • تسجل الطاقة أعلى استهلاكًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول بمقدار 544.38 ميغاواط ساعة، والذروات الأخرى في يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، نتيجة تشغيل مكيفات الهواء، ويرجع التباين بين هذه الأشهر للعطلات الدراسية.
  • يمثّل شهرا يوليو/تموز وأغسطس/آب ذروة الاستهلاك صيفًا، بسبب درجات الحرارة الشديدة في مصر، بينما يُعدّ شهرا يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط ذروة الشتاء، ويزداد الاستهلاك لنظام تكييف الهواء أو مضخة الحرارة بشكل ملحوظ في هذه الأوقات لتحقيق منطقة الراحة المرغوبة في المبنى.
  • في أبريل/نيسان، تكون درجة حرارة النهار المتوسطة مساوية لدرجة حرارة الراحة الحرارية التصميمية، مما يوفر استهلاك الطاقة اللازمة للتكييف.
  • يُعدّ معامل استعمال الطاقة (EUI) المؤشر الرئيس للاستهلاك في المباني، وعند مقارنته بمستويات الطاقة الدولية (القيم المبلَّغ عنها دوليًا في دراسات الحالة)، وُجد أن (EUI) مبنى كلية الهندسة في الجامعة البريطانية في مصر يبلغ نحو 330 كيلوواط ساعة/متر مربع.

ويقع معامل استعمال الطاقة في الجامعة البريطانية بالقاهرة بين الحدّ الأدنى 28.99 كيلوواط ساعة/متر مربع، والحدّ الأقصى 800 كيلوواط ساعة/متر مربع، المبلَّغ عنها في الأدبيات للمباني الجامعية المماثلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.