اقرأ في هذا المقال
- يتزايد توجه حكومات الدول نحو التحول الأخضر
- يرتكز حل معضلة تحول الطاقة على المبادرات العامة والخاصة الفاعلة
- خُطط تحول الطاقة تصطدم بتزايد الاعتماد على الوقود الأحفوري بصفته مصدر طاقة
- تلامس قيمة الاستثمارات في تحول الطاقة تريليوني دولار في 2024
- قطاع الطاقة المتجددة الإسكتلندي ينمو بأكثر من 50%
ما يزال تحول الطاقة المعضلة الرئيسة التي تواجه حكومات العالم المعنية بالتحوّل التدريجي عن الوقود الأحفوري والاستعاضة عنه بالمصادر المتجددة منخفضة الكربون.
ووفق المنتدى الاقتصادي العالمي فإن حل معضلة التحول الأخضر يرتكز على المبادرات الفاعلة التي تُطلَق بالتعاون بين القطاعيْن العام والخاص على مستوى الدول، بما في ذلك توفير التمويل اللازم للإنفاق على المسارات كافة.
ومع ذلك تصطدم خُطط تحول الطاقة بمواصلة اعتماد كثير من الدول على النفط والغاز بصفتهما مصدري وقود رئيسيْن في إطار مساعيها لتعزيز أمن الطاقة، لا سيما منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد التوترات الجيوسياسية في العديد من مناطق العالم.
وبحسب متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُتوقع أن تلامس قيمة الاستثمارات في تحوّل الطاقة تريليوني دولار خلال العام الجاري (2024)، مقارنةً بأكثر من 1.8 تريليون دولار في العام الماضي (2023)، ما يزيد الضعف -تقريبًا- على المبلغ المُنفَق على مصادر الوقود الأحفوري.
معضلة ثلاثية
يشهد العالم علامات واضحة على تنامي حدة الطقس المتطرف خلال السنوات الأخيرة، بدءًا من حرائق الغابات الضخمة في أستراليا، وموجة الجفاف التي تجتاح الصومال التي تُعد الأسوأ خلال 4 عقود، إلى الفيضانات العارمة في باكستان التي حصدت أرواح كثير من الأشخاص.
وتؤكد تلك العلامات الحاجة الماسة إلى التزام الإنسانية بتحوّل سريع وواسع إلى مصادر الطاقة المستدامة، وفق ما ورد في تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي.
وبينما تستأثر المصادر منخفضة الكربون مثل الرياح والشمس والطاقة الحرارية الأرضية بحصة كبيرة في مزيج الطاقة العالمي، ما يزال العالم يعتمد على الوقود الأحفوري الذي يُنتِج ما يزيد على 80% من الكهرباء في الكوكب.
ويواجه القطاع الخاص الذي يبرُز محركًا رئيسًا للاقتصاد العالمي تحديات متزايدة في عملية صنع القرار التي أصبحت أكثر صعوبة من ذي قبل، لا سيما فيما يتعلق بمعضلة الطاقة الثلاثية: الأمن، والقدرة على تحمل التكاليف، والاستدامة.
تخزين الطاقة
ما تزال إتاحة إمدادات موثوقة وكافية من الكهرباء مسألة غاية الأهمية، ولذا فإن المخاوف إزاء الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة في محلها، فحينما لا تكون هناك رياح فستتوقف مزارعها عن العمل، وعندما تكون هناك موجة برد شددة فلن تشرق الشمس، وستتجمد المياه، ليتوقف توليد الكهرباء من هذيْن المصدريْن النظيفيْن.
ومع ذلك فإنه من الممكن الاستفادة من إدارة الشبكة والاستثمار في تخزين الكهرباء لدرء تلك المعضلة، عبر استغلال الخبرات التي تتمتع بها صناعة الطاقة في هذا المجال، على غرار ما تفعل ألمانيا من دمج تقنيات الشبكة الذكية لإدارة أشكال الطاقة المتجددة.
فبفضل مخزونها الواسع من احتياطي الكهرباء ونظام الطاقة الذكي المتطور الذي يتيح التبديل بين أنواع الطاقة الأكثر فاعلية في موقف معين، تصبح ألمانيا واحدة من البلدان القليلة التي لديها ما يكفي من الكهرباء لتلبية احتياجاتها حتى في أشد الظروف المناخية تطرفًا.
وفي النهاية، فإن أي زيادة في الاستثمارات المنسّقة بالشراكة بين القطاعيْن العام والخاص وتطوير حلول إبداعية لتخزين الطاقة، ستؤدي إلى تحول الطاقة بصورة سلسة ومستقرة وأكثر استدامة.
تحول الطاقة
لإنجاز تحول الطاقة يتعيّن أن يصبح القائمون على إدارة الاقتصاد القائم على الهيدركربونات هم أنفسهم مهندسو المستقبل الكهربائي، وتمتلك الصناعة البنية التحتية والعمال المحترفين الذين لا غنى عنهم لتحقيق تحول الطاقة.
فعلى سبيل المثال تستفيد عملاقة الطاقة الحكومية إكوينور (Equinor) من خبرتها الواسعة في إدارة الطاقة لقيادة تطوير محطات الطاقة الهيدروجينية ومزارع الرياح البحرية، بالإضافة إلى البنية التحتية لاحتجاز الكربون في جميع أنحاء أوروبا.
في الوقت نفسه ينمو قطاع الطاقة المتجددة الإسكتلندي بأكثرمن 50%، مع وجود مشروعات لإنشاء مزارع رياح في أرجاء البلاد؛ ما من شأنه أن يتيح أكثر من 15 ألف وظيفة لاستيعاب التحول بعيدًا من الوقود الأحفوري.
ولا يمكن أن يُنجَز تحول الطاقة إلا عبر تضافر الجهود بين الحكومات والشركات؛ وهو ما يمكن التعبير عنه بالشراكات بين القطاعيْن العام والخاص؛ ما يضمن تحولًا مستدامًا نحو الحياد الكربوني المفيد للجميع، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
سد الفجوة السعرية
تعمل الشراكات بين القطاعيْن العام والخاص في قطاع الطاقة على إدارة مخصصات الانبعاثات، ودعم الأسعار، وتعزيز إمكان الوصول إلى الطاقة النظيفة؛ ما يعزز جهود تحول الطاقة.
وظهر العديد من المبادرات على الصعيد المالي، فعلى سبيل المثال يدعم برنامج تجارة الانبعاثات في ولاية كاليفورنيا الاستثمار في الطاقة المتجددة، في حين يحفّز القطاع الخاص على الحد من الانبعاثات من خلال التعرفات الجمركية على الكربون، وفق مجلس موارد الهواء في الولاية.
وهذا يعني أن هناك مزيدًا من الجهود التي ما يزال يتعيّن بذلها لضمان إتاحة مصادر الطاقة المتجددة للجميع، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعدّ الشراكات بين القطاعيْن العام والخاص مهمة لكونها قادرة على تسريع الابتكارات التي تخفض التكلفة وتحفز استعمال التقنيات عبر البحوث والتطوير واقتصادات النطاق.
ويشير مصطلح اقتصادات النطاق إلى قدرة الشركات على إتاحة فرص مبتكرة تخدم العملية الإنتاجية من خلال تنويع المنتجات أو الخدمات بجانب المُنتَج الأساسي للشركة.
فعلى سبيل المثال يستفيد التحالف الأوروبي للبطاريات (The European Battery Alliance) من الموارد التي يتيحها بنك الاستثمار الأوروبي، وأكثر من 400 شريك له لتطوير بطاريات سيارات كهربائية فاعلة، تؤدي دورًا لا يُستهان به في تحول الطاقة.
ويدعم التحالف عملية التصنيع وتوفير المواد الخام مع المساعدة في دمج شحن المركبات الكهربائية ودعم التقنية على مستوى الحكومات المحلية.
ولا يُسهِم هذا النموذج من المبادرات في تيسير إنتاج البطاريات فحسب، بل يُحدِث -كذلك- تغييرات يَسْهُل الوصول إليها من قبل المستهلكين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..