اقرأ في هذا المقال
- • أمن الطاقة أمر بالغ الأهمية لتحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار في أفريقيا
- • تمثل الصفقة فرصة مهمة للصومال للاستفادة من موارده الطبيعية غير المستكشفة
- • الصومال يمتلك احتياطيات لا تقل عن 30 مليار برميل من النفط والغاز
- • مشاركة تركيا في المشروع توفر فرصًا لكلا البلدين للنمو الاقتصادي والعمل معًا
تتعاون تركيا والصومال الذي يتمتع بثروته من الموارد الطبيعية، على اكتشاف النفط والغاز وترسيخ أمن الطاقة لكلا الجانبين.
وعلى الرغم من أن أمن الطاقة بالنسبة إلى الصومال يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار فإنه من المتوقع أن يستفيد كلا الطرفين من تعزيز التنمية المستدامة، اعتمادًا على المشروعات المشتركة في استكشاف الطاقة والاستثمار فيها.
وتم التوصل إلى اتفاق للتعاون في اكتشاف وتطوير موارد النفط والغاز بين تركيا والصومال، بهدف الوصول إلى مكامن النفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة للصومال، وهي منطقة غير مستكشفة منذ أوائل التسعينيات.
وتشكل هذه الصفقة -التي وقّعها وزيرا النفط والثروة المعدنية الصومالي عبدالرزاق محمد، وألب أرسلان بيرقدار من تركيا- جزءًا من اتفاقية إطارية أكبر للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين.
ويشمل هذا الإطار جوانب مختلفة، بما في ذلك التزام تركيا ببناء وتجهيز وتدريب البحرية الصومالية على مدى العقد المقبل.
التنقيب عن النفط والغاز في الصومال
يمتد نطاق اتفاقية التعاون في مجال الطاقة بين تركيا والصومال إلى العمليات المتعلقة بالنفط والمنتجات الأخرى المنتجة من المشروعات البرية والبحرية، مثل الاستكشاف والتقييم والتطوير والإنتاج والنقل والتوزيع والتكرير والمبيعات والخدمة.
تجدر الإشارة إلى أن مشاركة تركيا في صناعة الطاقة في الصومال تُعدّ إستراتيجية، وتتماشى مع أهدافها الجيوسياسية الأوسع في منطقة القرن الأفريقي.
ولتنفيذ مشروعات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في الصومال، من المتوقع أن تستثمر تركيا بصورة كبيرة، إذ تشير التقديرات إلى تكاليف محتملة تصل إلى نصف مليار دولار.
وما تزال مصادر التمويل، سواء من القطاعين العام أو الخاص، غير واضحة في هذه المرحلة، إلا أن الوجود البحري التركي والدعم العسكري ضد الإرهاب قد يجذب الاهتمام في هذه المساعي، على الرغم من التحديات والنفقات المتوقعة.
وتشير تقديرات الحكومة الأميركية إلى أن الصومال يمتلك احتياطيات لا تقل عن 30 مليار برميل من النفط والغاز، وسيتطلب تطوير هذه الموارد وقتًا واستثمارات كبيرة، مع بدء الحفر في مربعات بحرية محددة في عام 2025.
ومن خلال الاستفادة من خبرتها في استكشاف الطاقة البحرية، فإن نجاح تركيا الأخير في اكتشاف الغاز في البحر الأسود في عام 2020 يؤكد قدراتها التي تستغلها الآن للاستهلاك المحلي.
تداعيات صفقة التنقيب عن النفط والغاز
ترتبط التداعيات العميقة على المجالات الاقتصادية والجيوسياسية والأمنية والبيئية باتفاقية التنقيب عن النفط والغاز بين تركيا والصومال.
ومن الناحية الاقتصادية، تمثل الصفقة فرصة مهمة للصومال، للاستفادة من موارده الطبيعية غير المستكشفة، ما قد يؤدي إلى اكتشاف مكامن هيدروكربونية كبيرة برية وبحرية.
وقد يكون هذا بمثابة حافز للنمو الاقتصادي، ما يمنح الاقتصاد الصومالي الدفعة التي يحتاج إليها بشدة من خلال توليد مصادر جديدة للدخل وإمكانات العمل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصفقة تضع الصومال في وضع يمكنه من الاستفادة من موارده البحرية، وتعزيز إمكاناته الاقتصادية وتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
من ناحية ثانية، فإن مشاركة تركيا في المشروع توفر فرصًا لكلا البلدين للنمو الاقتصادي والعمل معًا، ما يؤكد اهتمامها بتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية.
وتتمتع الاتفاقية بأهمية إستراتيجية من منظور جيوسياسي، بالنظر إلى التطلعات الإقليمية الأكبر لتركيا في القرن الأفريقي.
وتتمتع المنطقة بأهمية جيوسياسية كبيرة، لأنها تقع عند تقاطع الممرات البحرية المهمة التي تربط البحر الهندي وبحر خليج عدن.
الحسابات الإستراتيجية لتركيا
تتجلى الحسابات الإستراتيجية لتركيا لتعزيز موقعها ونفوذها في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية في مشاركتها في الصومال منذ عام 2011.
بدورها، تهدف تركيا إلى ترسيخ دورها في تحديد الديناميكيات الإقليمية والدفاع عن مصالحها الإستراتيجية وزيادة مشاركتها في الصومال من خلال البرامج، بما في ذلك الاستثمار والتدريب العسكري والمساعدة الإنسانية.
ويتوافق الاتفاق مع الأهداف الجيوسياسية الأوسع لتركيا، ما يعزز مكانتها بصفتها لاعبًا بارزًا في القرن الأفريقي وخارجه.
في المقابل، تغطي الاتفاقية مجالات أكبر فيما يتعلق بالتعاون الأمني والدفاعي أكثر من مجرد التنقيب عن النفط، وتتضمن تدابير أمنية أكثر شمولًا تهدف إلى تحسين الأمن البحري ومحاربة الإرهاب والقرصنة.
ويتجلى تعهد تركيا بدعم الأمن والاستقرار الإقليميين في دعمها للبحرية الصومالية، التي سوف تساعد في تعزيزها وتدريبها وتجهيزها على مدى الأعوام الـ10 المقبلة.
ويهدف الاتفاق إلى تعزيز جهاز الأمن الصومالي من خلال معالجة القضايا الأمنية، بما في ذلك القرصنة والصيد غير المشروع، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز بيئة بحرية أكثر أمنًا وأمانًا.
ويمكن للاتفاق أن يحسّن التنسيق والتعاون بين الأطراف الإقليمية في معالجة المخاطر الأمنية المشتركة، وبالتالي تعزيز السلام والاستقرار داخل المنطقة.
التحدي والفرص
بالنظر إلى أن استخراج النفط والغاز واستكشافهما يتضمن مخاطر كامنة مثل التسرب والأضرار البيئية، فإن الاتفاقية تأخذ العوامل البيئية في الاعتبار.
لذلك، من الضروري تطبيق تدابير الحماية البيئية وتخفيف المخاطر بصورة صحيحة، لتجنب الآثار السلبية على البيئة والسكان القريبين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التحول العالمي إلى مصادر الطاقة المتجددة يؤكد مدى أهمية وضع استدامة المشروعات الهيدروكربونية وربحيتها على المدى الطويل في الاعتبار.
ومن أجل تعزيز التنمية المسؤولة والمستدامة للموارد، يتطلب الاتفاق تقييمًا صارمًا وإدارة المخاطر والمخاوف البيئية.
ويشمل الاتفاق بين تركيا والصومال لاكتشاف وتطوير مكامن النفط والغاز على التحديات والفرص. وبالإضافة إلى توفير فرص كبيرة لتعزيز الأمن والتنمية الاقتصادية في الصومال، فإن هذا يدل على توسع تركيا الإستراتيجي في القرن الأفريقي.
ويتعيّن على الجانبين أن يديرا بعناية المخاطر المالية والأمنية والبيئية الكبيرة التي تأتي مع هذه المكافآت المحتملة.
ومن الناحية الاقتصادية، توفر الصفقة للصومال الفرصة لاستغلال مواردها الطبيعية غير المطورة لإنتاج دخل كبير وتنمية فرص العمل، الأمر الذي قد يعزز اقتصاد البلاد بصورة كبيرة.
على صعيد آخر، تعزز الصفقة العلاقات الثنائية بين البلدين، وقد تمهد الطريق للتعاون المستقبلي في مجالات أخرى غير الطاقة.
ورغم ذلك، هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك المخاطر المالية المرتبطة بعمليات التنقيب والحفر، والقضايا الأمنية، والمخاطر البيئية.
وعلى الرغم من هذه المخاطر، فإن التعاون المثمر من الممكن أن يقدم نموذجًا للتحالفات عبر الحدود في تحقيق الأهداف الأمنية والاقتصادية المشتركة في مواجهة الظروف العالمية المتغيرة.
* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..