اقرأ في هذا المقال

  • اعتماد تسعير الكربون يحفّز التحول من الفحم إلى الغاز في قطاع الكهرباء
  • ارتفاع استعمال الغاز في توليد الكهرباء أدى إلى خفض الانبعاثات
  • اتخذت كلٌ من المملكة المتحدة وألمانيا نهجين متباينين للحدّ من الانبعاثات
  • تسعير الكربون شهد تطورًا كبيرًا على مدار العقد الماضي

يمكن أن يُمثّل تسعير الكربون أداة حاسمة في خفض الانبعاثات من قطاع توليد الكهرباء العالمي، الذي ما يزال أسيرًا للفحم بصفته مصدرًا رئيسًا للتوليد.

وفي عام 2022، شكّل الفحم 36% من مزيج توليد الكهرباء، في حين شكّل الغاز الطبيعي 22%، مع 42% المتبقية من الطاقة الكهرومائية والطاقة المتجددة والطاقة النووية وغيرها من المصادر، قبل أن تنخفض حصة الفحم والغاز بصورة طفيفة خلال 2023، لصالح المصادر النظيفة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ومع زيادة انبعاثات الكربون من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم بمعدلات تعادل ضعف ما تنتجه نظيرتها التي تعمل بالغاز، لجأ العديد من البلدان إلى التحول من الفحم إلى الغاز بصفته إستراتيجية رئيسة لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

ويؤثّر اعتماد تسعير الكربون في مختلف المناطق حول العالم، وتحديد السعر الأمثل له، في تحفيز التحول من الفحم إلى الغاز بقطاع توليد الكهرباء عالميًا.

تزايد استعمال الغاز في التوليد

أدى تزايد استعمال الغاز في محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الوقود الأحفوري من 40% في عام 1990 إلى 64% في عام 2023 إلى انخفاض ملحوظ في كثافة الانبعاثات، من 0.82 إلى 0.7 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوواط/ساعة، وهو ما ترتَّب عليه إجمالي تراكمي قدره 27 غيغا طن مكافئ من الكربون خلال هذه المدة، بحسب تقرير حديث صادر عن منتدى الدول المصدرة للغاز.

كما أشار تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى انخفاض سنوي بنسبة 0.3% في كثافة الانبعاثات العالمية، من عام 2010 إلى عام 2019، موضحًا أن ذلك يرجع بالأساس إلى التحول من الفحم للغاز، وزيادة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة.

محطة لتوليد الكهرباء بالغاز – الصورة من Nevada Current‏

ورغم أن التوليد باستعمال مصادر الطاقة المتجددة يؤدي دورًا حاسمًا في الحدّ من الانبعاثات، فإن تطويرها لا يحدث بالوتيرة اللازمة لمواجهة تغير المناخ، إذ تمثّل 5% فقط من الطلب العالمي على الكهرباء، في حين تلبي مصادر الوقود الأحفوري 80% من هذه الاحتياجات.

ونتيجة لذلك، ما يزال الغاز الطبيعي قادرًا على إحداث تأثير كبير في خفض الانبعاثات، وخاصة في التحول بعيدًا عن الفحم، نظرًا لأنه يُعدّ أنظف مصادر الوقود الأحفوري.

نماذج عالمية للتحول

اتخذت كلٌ من المملكة المتحدة وألمانيا نهجين متباينين ​​للحدّ من الانبعاثات من خلال التحول من الفحم إلى الغاز، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وركّزت المملكة المتحدة على استعمال مزيج من الوقود منخفض الكربون، بما في ذلك الغاز الطبيعي، لإزالة الكربون من توليد الكهرباء، في حين ركّزت ألمانيا بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة.

من خلال فحص نتائج هذه الإستراتيجيات ومدى فاعليتها في معالجة الحدّ من الانبعاثات، اتضح أنه في المملكة المتحدة، تحوَّلَ توليد الكهرباء بشكل كبير من الفحم إلى مزيج من الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة منذ التسعينيات.

وانخفضت حصة الفحم في توليد الكهرباء من 65% في عام 1990 إلى 2.3% في عام 2022، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 62% في كثافة الانبعاثات.

من ناحية أخرى، شهدت ألمانيا نجاحًا محدودًا في إزالة الكربون من قطاع توليد الكهرباء لديها، إذ انخفضت كثافة الانبعاثات بنسبة 17% فقط منذ عام 1990، ويمثّل اعتماد البلاد على الفحم والفحم الصلب أكثر من 40% من إمداداتها من الكهرباء.

محطة لتوليد الكهرباء باستعمال الفحم
محطة لتوليد الكهرباء باستعمال الفحم – الصورة من Los Angeles Times‏

وبالنظر إلى نموذجَي ألمانيا والمملكة المتحدة، فإن الغاز الطبيعي يساعد في تقليص فجوة انبعاثات الكربون من خلال زيادة حصته في مزيج توليد الكهرباء، خاصة مع كثافة الكربون المنخفضة التي يتميز بها، والتي تقلّ بنسبة 20% عن النفط، وتقريبًا نصف كثافة الكربون في الفحم.

ومن شأن تعزيز آليات تسعير الكربون أن يشجع على التحول من الفحم إلى الغاز بتوليد الكهرباء، ما قد يخفض الانبعاثات بنحو 5.5 غيغاطن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، اعتمادًا على قدرة التوليد بالفحم البالغة 2000 غيغاواط، التي تسهم بنحو 10 غيغاطن من انبعاثات الكربون عالميًا كل عام، بحسب تقرير منتدى الدول المصدّرة للغاز.

بينما تقدّر وكالة الطاقة الدولية انخفاض انبعاثات قطاع الكهرباء بما يصل إلى 1.2 غيغا طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، من خلال الانتقال من الفحم إلى محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز.

وسيؤثّر مدى توافر الغاز الطبيعي وإمكان الوصول إليه، والبنية التحتية، وديناميكيات السوق، بما في ذلك الأسعار وآليات تسعير الكربون، في مدى هذا التحول.

دور تسعير الكربون

كان دور تسعير الكربون في التحول من توليد الكهرباء بالفحم إلى الغاز الطبيعي حاسمًا في المملكة المتحدة، حيث كان الانخفاض في التوليد بالفحم مدفوعًا بتأثير التحول إلى الغاز الطبيعي بين عامي 2012 و2016.

وتجاوز تحول المملكة المتحدة من الفحم إلى الغاز في عام 2016 جهود جميع الدول الأوروبية الأخرى مجتمعة، ومع ذلك، لم تبدأ الانخفاضات الكبيرة في الانبعاثات إلّا عام 2013، بالتزامن مع انخفاض حصة الفحم وسط بدء ارتفاع أسعار الكربون.

وهدفت سياسة دعم أسعار الكربون في المملكة المتحدة، التي طُرحت في عام 2013، إلى توفير سعر كربون مستقر وأعلى مقارنةً بخطّة الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات.

وعلى مدار العقد الماضي، شهد تسعير الكربون تطورًا كبيرًا، وبنهاية أبريل/نيسان 2023، كان هناك 73 آلية من هذه الآليات، وطبّقت 49 دولة خطط تسعير الكربون و23 دولة أخرى تفكر في اعتمادها.

وتخضع الآن 23% من الانبعاثات العالمية، أي ما يعادل 11.8 غيغا طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، لضرائب الكربون الحالية أو مخططات تداول الانبعاثات.

ويشير التقرير إلى أنه للحدّ -بشكل فعال- من الاحتباس الحراري العالمي إلى أقل من درجتين مئويتين، يجب أن يتراوح تسعير الكربون بين 50 دولارًا للطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون إلى 100 دولار للطن بحلول عام 2030.

وإقليميًا، فإن تحديد سعر الكربون في أميركا الشمالية في نطاق 25 دولارًا للطن قد يحفّز بشكل أكبر التحول من الفحم إلى الغاز في قطاع توليد الكهرباء.

وفي كندا، يصل تسعير الكربون لنحو 50 دولارًا للطن، مع خطط لرفعه إلى 127 دولارًا للطن بحلول عام 2030، في حين تفتقر الولايات المتحدة إلى وجود آلية تسعير الكربون على مستوى البلاد، وظلّت أسعار الكربون في الأسواق المحلية تاريخيًا أقل من 20 دولارًا للطن.

ولدفع التحول من الفحم إلى الغاز في شرق آسيا وأميركا اللاتينية، فإن تسعير الكربون بين 50 و75 دولارًا للطن يمكن أن يوفر الزخم المطلوب لمحطات الكهرباء لتفضيل الغاز على الفحم، أمّا أوروبا فإنها تتميز بأسعار كربون مرتفعة إلى حدّ ما، إذ يبلغ متوسطها 90 دولارًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.