أصبحت الألواح الشمسية من أهم أجزاء المركبات الفضائية حاليًا؛ فهي تعمل على تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء لتشغيل الأقمار الاصطناعية، ويمكن أن تشتمل المركبة على لوح شمسي واحد أو عدة ألواح وفقًا لمقدار حاجتها إلى الطاقة.
كما تشحن الكهرباء التي تولدها الخلايا الشمسية البطاريات على متن القمر الاصطناعي لاستمرار تشغيله، حال وجوده بعيدًا عن ضوء الشمس أو خلال ظاهرة الكسوف.
وفي هذا الإطار، توصل فريق بحثي مصري إلى تقنية جديدة -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- باستعمال المواد النانونية لتحريك الألواح الشمسية في الأقمار الاصطناعية.
ويضم الفريق البحثي عددًا من طلاب الهندسة الميكانيكية في جامعة فاروس بالإسكندرية، تحت إشراف أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد في الجامعة الدكتور أحمد محمد أنور.
تقنية النانو
أوضح الدكتور أحمد أنور -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المواد تُقاس في تقنية النانو بوحدة “النانومتر”.
ويُعد “النانومتر” جزءًا من المليون من المليمتر، إذ إن نانومترًا واحدًا يساوي جزءًا من مليار جزء من المتر، أي وحدة صغيرة للغاية، وهو مقياس متري يُستعمل في مجالات مختلفة مثل الطب والصناعة والبناء والغذاء والطاقة النظيفة.
وأشار أنور إلى أنه بالإمكان تحويل جميع المواد إلى مواد نانونية بداية من الكربون “الفحم”، الذي يتحول إلى مادة تتميز بصفات خارقة إذا أمكن تحويله على مقياس النانو، إذ يمكن تحويله إلى “جرافيت” ذي سمك قليل جدًا أقل من مليمتر، ويكون أخف من الحديد 6 مرات، وأقوى منه 6 مرات.
كما يمكن تحويل الكربون إلى “أنابيب كربونية نانوية”، تصبح لها صفات ممتازة، فتكون أخفّ من الحديد 100 مرة، وأقوى منه 100 مرة، وتُستعمل في عدة مجالات هندسية، بما يمثّل طفرة في علم خواص المواد.
ويضيف: “هذا هو السر في اهتمام علماء المواد وخواصها بتقنية النانو للحصول على خواص خارقة للمواد”.
أما في مجالات الفضاء، فقد بدأت تظهر “الأنابيب الكربونية النانونية” في تصنيع الهياكل الخارجية للمركبات الفضائية؛ ما جعل هذه الهياكل تتميّز بوزن أخف وخواص ميكانيكية أعلى، وبالتالي تقل الحاجة إلى كمية الكهرباء المستعملة في تشغيل المركبات؛ ما يوفر في تكلفتها الكلية.
فتح الألواح الشمسية وتحريكها
تُعد الألواح الشمسية جزءًا حيويًا من أنظمة الطاقة للأقمار الاصطناعية الصغيرة مثل الكيوبسات (CubeSats)، إذ تُستعمل لتحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية؛ ما يوفر الطاقة اللازمة لتشغيل الأنظمة المختلفة على متن القمر الاصطناعي.
ومن دون الألواح الشمسية، ستكون مدة عمل الأقمار الاصطناعية الصغيرة (الكيوبسات) محدودة بمدة البطارية؛ لذلك فالألواح الشمسية هي التي تسمح باستمرارية المهمة على مدى طويل.
التشغيل والتحكم
قال الدكتور أحمد أنور -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المنخصصة- إن شكل القمر الاصطناعي الصغير عند الإطلاق دائما يكون مطويًا لا يظهر له أي جزء من الأجهزة أو المعدات التي تستلزم خروجها خارج الجسم الأساسي للقمر الاصطناعي إلا بعد ثباته في مداره بعد الإطلاق.
وأضاف أن التقنية الجديدة قد اعتمدت على تصنيع الهياكل الخارجية للأقمار الاصطناعية من مادة نانونية تعمل على الرجوع إلى الصورة الأصلية لها عند التعرض لدرجة حرارة الشمس.
وتابع أن استعمال هذه الآلية يُسهم في توفير الطاقة من البطارية الخاصة بالقمر الاصطناعي الصغير، موضحًا أن الآلية التقليدية تتكون من جهاز للحفاظ على الألواح الشمسية مطوية في أثناء الإطلاق، وهذا الجهاز يتطلب استعمال الطاقة الكهربية لتشغيله، وخطوطًا لتوصيل الطاقة.
أما التقنية المبتكرة فلا تتطلب وجود جهاز للحفاظ على طي الألواح الشمسية في أثناء الإطلاق، إذ إن المادة مُصممة خصيصًا للحفاظ على هذا الوضع طوال مدة الإطلاق في درجة حرارة أقل من 70 درجة مئوية.
واستطرد قائلًا إن استعمال الآلية المبتكرة يجعل الأقمار الاصطناعية أخف وزنًا، إذ إنه مُصمم من المواد البوليمرية المخلوطة بمواد نانونية، في حين الآلية التقليدية تتكون من أجزاء تثبيت معدنية؛ ما يشكّل وزنًا لا يقل عن 250 غرامًا من أصل 800 إلى 900 غرام هو وزن هيكل القمر الاصطناعي الصغير الذي يبلغ وزنه الإجمالي 3 كيلوغرامات بكل المعدات المكونة له.
وأكد أنور أن استعمال المواد المركبة البوليمرية عامة والمدعمة بالمواد النانونية يُعد من التقنيات الحديثة التي تتوافق مع إستراتيجيات الطاقة المتجددة، بجانب المساعدة في توفير الوزن، وتوفير قدر من الطاقة لاستغلاله في أغراض أخرى.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..