أزمة جديدة سببتها ظاهرة تغير المناخ في البرازيل، إذ يعاني السكان -خاصة في ولاية ريو غراندي دو سول- أضرارًا اقتصادية وأمراضًا وخسائر بالأرواح.

وقبل أسابيع، ضربت فيضانات كارثية سبقها هطول أمطار غزيرة الولاية الواقعة في جنوب البلاد، التي يسكنها ما يصل إلى 11 مليون شخص.

ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أودت الفيضانات بحياة ما لا يقل عن 169 شخصًا، وشردت أكثر من 581 ألفًا.

وعلى مدار العام الماضي (2023)، شهدت ولاية ريو غراندي دو سول فيضانات كبرى مماثلة، ومن المحتمل أن تستمر مثل تلك الظواهر القاسية بسبب تغير المناخ.

فيضانات البرازيل

لم تترك الفيضانات التي اكتسحت في طريقها كل شيء سببًا لأهل ولاية ريو غراندي دو سول ليبقوا هناك.

وثمة من أعرب عن رغبته في ترك المنطقة إلى الأبد، مثل ليما التي قالت إنه من الصعب العثور على منزل لم يتضرر بسبب الماء، “فقدنا كل شيء”.

وبدورها، كشفت الحكومة الفيدرالية عن تخصيص 19.9 مليار دولار لصالح جهود إعادة الإعمار هناك، لكن المخاوف تتزايد بشأن ضياع تلك المساعي هباءً في حال حدوث كارثة جديدة.

ويوجد أكثر من 48 ألف شخص مشردين في المدارس والجامعات وصالات الألعاب الرياضية، كما أن هناك عددًا لا يُحصى من العائلات التي تعيش داخل خيام منتشرة على جوانب الطرق وسط هطول أمطار مستمرة ودرجات حرارة تقترب من 7 مئوية.

فيضانات البرازيل – الصورة من وكالة بلومبرغ

الهجرة المناخية

دفع الوضع المتردي جراء الفيضانات السلطات إلى دراسة فكرة إعادة توطين أحياء كاملة بعيدًا عن المناطق عالية الخطورة، رغم أنه من المستحيل تقدير عدد السكان المعرضين للنقل بسبب استمرار سقوط الأمطار.

وتستعد الحكومة لنقل المشردين إلى 4 مدن مؤقتة في كانواس وبورتو أليغري وساو ليوبولدو وغوايبا، كما تبني 5 آلاف و500 منزل في مناطق أخرى بتكلفة 27 ألفًا و90 دولارًا.

ولو حدث ذلك، فإنه سيغير بصورة دائمة ملامح خريطة سكان البرازيل، وسيجعل من سكان ريو غراندي دو سول أحدث المهاجرين بسبب المناخ.

وتتوقع المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن يبلغ عدد المهاجرين بسبب الظواهر المناخية إلى 216 مليون شخص بحلول عام 2050، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وحذّر تقرير المنظمة الصادر في عام 2022 من أن مخاطر تغير المناخ في ارتفاع مطرد خلال العقد المقبل، إذ يُتوقع أن يواجه نحو مليار شخص كوارث طبيعية، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر، والفيضانات والجفاف، وارتفاع الحرارة، واضطراب الأمن الغذائي.

وبالإضافة إلى البرازيل، تسبب الطقس السيئ في هجرة سكان ولاية نيو أورليانز الأميركية بعد إعصار كاترينا في عام 2005.

ومع تزايد الأسباب المؤدية إلى تغير المناخ وما ينتج عنه من فيضانات وحرائق، فإن عدد السكان المعرضين إلى الهجرة المناخية عالميًا في تزايد.

أسباب فيضانات البرازيل

يقول العلماء إن سبب الأمطار الغزيرة التي ضربت ريو غراندي دو سول هو ظاهرة انسداد الغلاف الجوي بوسط البرازيل وكتلة من الهواء القطبي جاءت من الأرجنتين وأوروغواي.

ومن بين العوامل -أيضًا-، ظاهرة النينو المناخية التي ترتفع فيها حرارة سطح مياه شرق ووسط المحيط الهادئ، ما يتسبب في تغير أنماط الطقس، وبالطبع، أسهم تغير المناخ في فيضانات البرازيل.

ويمكن فهم الأسباب عند معرفة أن ارتفاع درجات حرارة الهواء تنتج عنه زيادة كمية البخار فيه، ما يتسبّب في زيادة معدلات سقوط الأمطار في مناطق عديدة.

فيضانات البرازيل
فيضانات البرازيل – الصورة من “فرانس 24”

خسائر مضاعقة

كانت مدينة روكا سيلز بالولاية إحدى أكثر المناطق تضررًا بالولاية، إذ غمرت المياه 70% منها، ويقول أحد السكان هناك: “لم يتبقَ شيء.. المياه جرفت كل شيء”.

ويقول مجلس المدينة، إن 3 آلاف شخص و13 شركة هجروا المناطق الخطرة التي كانت قد تعرضت لفيضانات كبيرة في العام الماضي -أيضًا-، وفق تقرير لوكالة بلومبرغ.

وبحسب العمدة أميلتون فونتانا، من المتوقع إنفاق 2.9 مليون دولار لإعداد منطقة جديدة للسكان والشركات بالإضافة إلى خسائر قدرها 42 مليون دولار، بعد خسائر أخرى في فيضانات سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني (2023).

ويقول فونتانا: “لم يعد هنا أي إمكان للاستثمار، استثمرنا مرتين والناس فقراء ولا يوجد مواد أو قوة.. أنت تبني ثم يأتي الفيضان ويدمر كل شيء من جديد”.

وفي مدينة موكوم داخل ولاية ريو غراندي دو سول، من المقرر نقل 450 منزلًا و40 متجرًا وصناعات صغيرة بما يمثّل 30% من المنطقة الحضرية بتكلفة 3.4 مليون دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.