اقرأ في هذا المقال

  • وكالة الطاقة الدولية تتوقع انخفاض إنتاج النفط الروسي بمقدار مليونَي برميل يوميًا
  • الوكالة تستند إلى آثار العقوبات في موسكو وقيود تطوير الحقول الجديدة
  • معهد أكسفورد ينتقد توقعات الوكالة، ويرسم 3 سيناريوهات لإنتاج روسيا بحلول 2030
  • أعلى سيناريو يتوقع تجاوز إنتاج روسيا من النفط والمكثفات 11.5 مليون برميل يوميًا
  • مشروع فوستوك أويل الضخم قد يقلب موازين التوقعات حال تطويره بسرعة

استحوذت توقعات إنتاج النفط الروسي على اهتمام خاص من الخبراء والمراقبين مع اختلافهم في التقديرات؛ بسبب ضعف البيانات وتقييم آثار العقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزو أوكرانيا (فبراير/شباط 2022)، وفرص وتحديات الحقول القديمة والجديدة.

وأظهرت دراسة تحليلية حديثة -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منها- أن أداء صناعة النفط الروسية في عامي 2022 و2023، قد تجاوز بعض التوقعات المتشائمة المُروّجة سابقًا.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، أعلنت اللجنة الحكومية للإحصاء في روسيا (Rosstat) وصول إجمالي إنتاج النفط الروسي (الخام والمكثفات) إلى 46 مليون طن أو أقل بقليل من 11 مليون برميل يوميًا، ثم بلغ 11.05 مليونًا في فبراير/شباط التالي، قبل إعلان الحكومة تعليق إصدار البيانات حتى أبريل/نيسان 2024.

وبعد التخفيضات المتفق عليها مع تحالف أوبك+ في مارس/آذار 2023، حافظت روسيا على إنتاج مستقر للخام والمكثفات عند 10.5 مليون برميل يوميًا، بحسب البيانات المأخوذة من تقديرات وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك.

توقعات إنتاج النفط الروسي غير مؤكدة

يواجه الخبراء والمحللون تحديات إحصائية في استشراف توقعات إنتاج النفط الروسي بسبب قرار الحكومة الروسية بتعليق الإفصاح عن البيانات المتصلة بداية من مارس/آذار 2023 وحتى أبريل/نيسان 2024.

ويؤدي انخفاض توافر البيانات المتاحة منذ بداية غزو أوكرانيا إلى جعل التوقعات طويلة الأجل لإنتاج النفط الروسي غير مؤكدة إلى حدّ كبير.

ورغم ذلك، تظل إمكانات القطاع الروسي مرهونة بعدّة أساسيات، أبرزها حالة قاعدة الأصول النفطية، ومدى توافر الأموال للاستثمار، وإدارة النظام المالي، وتوافر التقنيات المناسبة، خاصة بعد تخارج كبرى الشركات العالمية من موسكو، بحسب الدراسة الصادرة عن معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.

مصافي تكرير تابعة لشركة روسنفط الروسية – الصورة من bloomberg

ويفترض تقرير آفاق الطاقة العالمية لعام 2022 الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، انخفاض إنتاج النفط الروسي بنحو مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2030، حسب سيناريو السياسات الحالية للوكالة.

ورغم ذلك، فلا يوجد أدلة داعمة لهذا الافتراض سوى حديث الوكالة عن تداعيات العقوبات الغربية المفروضة على روسيا منذ عام 2014 حتى الآن، إضافة إلى القيود المالية والتقنية التي زادت على القطاع منذ غزو أوكرانيا.

كما أشار تقرير الوكالة إلى التحديات التي تواجه روسيا، سواء في الحفاظ على إنتاج الحقول الحالية، أو تطوير حقول جديدة كبيرة في القطب الشمالي وغيره من المناطق البحرية.

نقد توقعات وكالة الطاقة الدولية

تتجاهل توقعات وكالة الطاقة الدولية عدّة اعتبارات مهمة في تحليل قطاع النفط الروسي، أبرزها النتائج الجيدة التي حققتها شركات النفط الروسية خلال العقدين الماضيين في إدارة معدلات انخفاض الإنتاج من الحقول القديمة.

كما أغفل تقرير الوكالة أن معظم الإضافات النفطية الجديدة إلى الإنتاج في روسيا خلال العقد الماضي لم تكن من الحقول البحرية أو التكوينات الصخرية الضيقة، بل من الحقول البرية الواقعة على الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية للمقاطعات النفطية المطورة غرب سيبيريا.

ورغم إشارة بعض التحليلات إلى أن مخزون روسيا من النفط منخفض التكلفة ربما يكون على وشك النفاد، فإن اضطرارها للاستفادة من النفط عالي التكلفة لن يحدث قبل مرور سنوات ليست بالقليلة، بحسب دراسة معهد أكسفورد للطاقة.

وفي الوقت الحالي، يمكن وصف هيكل تكلفة الجزء الأكبر من إنتاج النفط الروسي بأنه مزيج من تكاليف منخفضة للاستكشاف والإنتاج مع انخفاض قيمة الروبل، وضرائب معتدلة حساسة للسعر، وتكاليف لوجستية مرتفعة نسبيًا.

وأسهمت هذه العوامل في وقوع المستوى العام لتكاليف الإنتاج في روسيا على منتصف منحنى تكلفة الإنتاج العالمي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة من تحليل المعهد.

وإذا ظلت الظروف الاقتصادية العامة مواتية، فمن المحتمل انتعاش إنتاج النفط الروسي خارج إطار الانخفاضات المفروضة في عام 2023، على أن يستمر بالنمو في المدى المتوسط حتى عام 2030، مدفوعًا بتكثيف إنتاج الحقول الجديدة المتوقع تعويضها للانخفاض العام المستمر في إنتاج الحقول الحالية.

ويستند معهد أكسفورد للطاقة في توقعاته إلى التقدم المحرَز في مشروع شركة فوستوك أويل -أكبر مشروعات روسيا النفطية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي-، والذي يُتوقع أن يصل إنتاجه إلى مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2030.

ويمكن لهذا الحجم الضخم من الإنتاج المحتمل أن يضمن نمو إنتاج السوائل النفطية في روسيا مستقبلًا حتى لو زاد معدل الانخفاض في إنتاج الحقول الحالية، بحسب الدراسة.

ورغم أنه لا يمكن استبعاد احتمالات الانخفاض الحادّ في إنتاج النفط الروسي بمقدار مليوني برميل يوميًا، فإن هذا لا يعني تجاهل النظر في السيناريوهات البديلة التي قد تلجأ إليها روسيا على المدى القريب والمتوسط.

إذ يمكن لموسكو أن تدرس اللجوء لعمليات خفض منظمة للإنتاج تتراوح بين 0.5 إلى 0.7 مليون برميل يوميًا، أو تحافظ على استقرار الإنتاج الحالي في المدى القريب، على أمل حدوث نمو مطّرد في الإنتاج على المدى المتوسط، مع انطلاق المشروعات البرية الجديدة العملاقة شمال شرق روسيا؛ ما يجعل فرص النمو المستقبلية معقولة تمامًا، بحسب الدراسة.

سيناريوهات معهد أكسفورد 2030

رسمت دراسة معهد أكسفورد للطاقة التي اشترك فيها ثلاثة من خبراء الطاقة الأجانب، 3 سيناريوهات لتوقعات أداء قطاع النفط الروسي بحلول عام 2030.

ويشير سيناريو الحالة الأساسية (الأول) إلى أن متوسط إجمالي إنتاج السوائل النفطية في روسيا بلغ 10.5 مليون برميل يوميًا في عام 2023، ما يعني أن إنتاج النفط الخام بلغ 9.2 مليون برميل يوميًا، بسبب الالتزام بالتخفيضات الطوعية للإنتاج المتفق عليها مع تحالف أوبك+ حتى عام 2024.

ويتوقع هذا السيناريو ارتفاع إنتاج النفط الروسي تدريجيًا إلى 10.6 مليون برميل يوميًا بحلول 2030، لكنه لن يصل إلى المستويات التاريخية السابقة، بسبب الانخفاض في الحقول القديمة وضعف التعويضات المتوقعة من الحقول الجديدة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج النفط والسوائل الغازية في روسيا منذ عام 1985 وحتى عام 2023:

إنتاج النفط والمكثفات في روسيا حتى 2023

على العكس من ذلك، يشير سيناريو الحالة المرتفعة (الثاني) إلى أن إنتاج النفط الروسي (الخام والمكثفات) قد يصل إلى 11.5 مليون برميل يوميًا بحلول 2030، ما يزيد قليلًا عن المستوى التاريخي السابق المسجل عام 2019.

وتستند تقديرات هذا السيناريو إلى نجاح البلاد في تطوير مشروع فوستوك أويل الضخم الذي تقوده شركة روسنفط، إضافة إلى تطوير عدد من الحقول الأصغر في مناطق الإنتاج الحالية.

كما يفترض هذا السيناريو معدل انخفاض أبطأ في إنتاج الحقول الحالية، على عكس سيناريو الحالة المنخفضة (الثالث) الذي يرجّح حدوث تراجع مستمر في إنتاج البلاد خلال السنوات المقبلة، مع استغراق تطوير حقل فوستوك أويل وقتًا أطول بسبب القيود المالية والفنية التي قد تجعل إنتاجه غير قادر على تعويض الانخفاضات الأسرع في الحقول الأخرى.

وفي هذه الحالة، قد ينخفض إجمالي إنتاج السوائل الروسية إلى 9 ملايين برميل يوميًا أو أكثر قليلًا بحلول عام 2030، ما يعني أن إنتاج النفط الخام فقط قد ينخفض إلى 8 ملايين برميل يوميًا.

ورغم أن هذا السيناريو لا ينطلق من منطلقات توقعات وكالة الطاقة الدولية، فإنه يشير إلى أن الانخفاض في الإنتاج سيحدث بأكثر من مليوني برميل يوميًا بحلول نهاية العقد الحالي، مقارنة بالارتفاعات المسجلة في عام 2019.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.