يقترب توليد الكهرباء بالفحم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من كتابة كلمة النهاية لحقبة استمرت أكثر من 100 عام.
وبحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، انخفض الاعتماد على الفحم بإنتاج الكهرباء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 52% نهاية العام الماضي (2023)، مقارنة بذروة التوليد عام 2007.
ويتزامن ذلك مع إغلاق المملكة المتحدة آخر محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في البلاد، راتكليف أون سور (Ratcliffe-on-Soar)، بنهاية يوم 30 سبتمبر/أيلول 2024.
ويأتي هذا التحول -أيضًا- مدفوعًا بجهود متضافرة ومتسارعة من بلدان المنظمة للتحول من الاعتماد على الفحم لتوليد الكهرباء إلى مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الشمس والرياح، وهو الاتجاه الذي سيستمر طيلة هذا العقد.
نمو الطاقة المتجددة يُعجل بنهاية الفحم
شهد توليد الكهرباء بالفحم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاضًا كبيرًا منذ أن بلغ ذروته عام 2007، حيث وصلت الكمية المولدة إلى أقل من النصف (48%) بنهاية 2023، للمرة الأولى على الإطلاق، بحسب تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة “إمبر“.
وكان النمو السريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح هو المحرك الرئيس لهذا التراجع، إذ تسبَّب في 87% من انخفاض التوليد بالفحم بدول المنظمة.
وانخفض توليد الكهرباء بالفحم داخل المنظمة إلى 1.865 تيراواط/ساعة في العام الماضي، مقارنة بـ3.854 تيراواط/ساعة في عام 2007.
كما شكّل الفحم 17% فقط من إجمالي كمية الكهرباء المنتجة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2023، مقارنة بـ36% في عام 2007.
الدول الأكثر انخفاضًا في توليد الكهرباء بالفحم
يشهد العديد من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجعًا في توليد الكهرباء بالفحم، إذ انتقل 33% منها بعيدًا عن هذا الوقود الأحفوري.
وكانت المملكة المتحدة الأحدث بين 14 دولة، من إجمالي أعضاء المنظمة (38 عضوًا)، انتقلت إلى نظام توليد كهرباء خالٍ من الفحم، وسبقتها النرويج وسلوفاكيا في عامي 2023 و 2024، على الترتيب.
وفي الوقت نفسه، شهدت 19 دولة من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الـ24 المتبقية، التي ما تزال تعتمد على توليد الكهرباء بالفحم، انخفاضًا في التوليد بنسبة 30% على الأقل منذ الذروة في 2007.
وتبرز تركيا بصفتها الدولة الوحيدة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي شهدت ارتفاعًا في توليد الكهرباء بالفحم عام 2023، مخالِفةً بذلك اتجاه المنظمة نحو مزيج كهرباء أنظف.
وسجّلت تركيا، في عام 2023، ارتفاعًا قياسيًا بتوليد الكهرباء بالفحم إلى 118 تيراواط/ساعة، لتصبح ثاني أكبر مستهلك لهذا الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء داخل أوروبا، بعد ألمانيا.
ولذلك فإن 36% من توليد الكهرباء في تركيا جاء من محطات الفحم خلال العام الماضي، مع توقُّع وصول القدرة المركبة في البلاد إلى 24 غيغاواط بحلول 2035.
2030 عام فارق
لطالما كان توليد الكهرباء بالفحم قوة مهيمنة في العديد من الدول الصناعية، لكنه يواجه الآن تراجعًا كبيرًا، إذ إنه من المتوقع بحلول عام 2030 أن تتخلى 75% من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن الفحم تمامًا.
والتزمت 13 دولة داخل المنظمة بالتخلص التدريجي من الفحم في توليد الكهرباء، بحلول نهاية العقد الحالي، تماشيًا مع اتفاقية باريس، وفي الوقت نفسه، لدى العديد من البلدان خطط للتوسع في استعمال طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ونتيجة لذلك، من المرجّح أن يواصل توليد الكهرباء بالفحم اتجاهه التنازلي خلال هذا العقد، حتى في الدول الـ11 التي لم تلتزم بعد بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول 2030.
وأصبح هدف تحقيق نظام كهرباء خالٍ من الكربون بحلول 2035 الآن في متناول الكثيرين، إذ لا ينطوي ذلك على التخلص التدريجي من قدرة الفحم فحسب، بل يشمل -أيضًا- تقليل الاعتماد على محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي.
وينصبّ التركيز على زيادة قدرة الطاقة المتجددة لتحلّ محلّ الوقود الأحفوري، واستيعاب الطلب المتزايد على الكهرباء الذي يغذّيه التحول إلى السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..