ما زالت مسألة حظر تمويل الوقود الأحفوري تواجه خلافات كبيرة بين دول العالم مع زيادة مخاوف أمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي، خاصة منذ الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة التوترات الجيوسياسية في العالم.
وتحاول مجموعة من الدول المتقدمة في الوقت الحالي إجراء مناقشات مع الدول المعترضة على تقييد تمويل النفط والغاز، لكن فرصتها في الوصول إلى اتفاق تبدو ضئيلة، بحسب تقارير حديثة حول هذه المحادثات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتسعى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي ستعقد اجتماعًا افتراضيًا في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2024، إلى توسيع نطاق الحظر المفروض على تمويل وكالات ائتمانات التصدير لمحطات التوليد بالفحم إلى تلك المحطات المتبناة منذ عام 2021.
وفشلت المنظمة سابقًا في التوصل إلى إجماع بشأن تقييد تمويل الوقود الأحفوري، ما يرجح صعوبة الوصول إلى اتفاق من هذا النوع قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقمة المناخ كوب 29 المقبلة.
وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى ارتفاع الاستثمارات العالمية في الوقود الأحفوري إلى 1.1 تريليون دولار خلال عام 2023؛ 75% منها مخصصة للنفط والغاز.
وتلح الوكالة على ضرورة خفض إنتاج النفط والغاز واستهلاكهما في العالم في إطار سيناريوهاتها الجدلية حول الحياد الكربوني وصافي الانبعاثات بحلول عام 2050، كما تحرّض على تقييد تمويل الوقود الأحفوري.
وأدى ذلك إلى دخول الوكالة ومديرها التنفيذي فاتح بيرول في تجاذبات حادة مع أعضاء في الكونغرس الأميركي خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، بعد اتهامه بالتحيز والخروج عن الحياد ومقتضيات الوظيفة الأساسية للوكالة وتهديد أمن الطاقة للدول الأعضاء، بحسب تطورات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مناقشة تمويل الوقود الأحفوري في نوفمبر
كان أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أجروا محادثات حول مبادرة طرحتها الدول الأوروبية لتقييد تمويل الوقود الأحفوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لكنهم لم يتوصلوا إلى أي توافق، لكن هناك احتمالًا للتصويت على المسألة مجددًا في أقرب وقت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وأكد المتحدث باسم منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية حدوث مناقشات بشأن تمويل الوقود الأحفوري بين الدول الأعضاء، لكنه رفض تقديم أي تفاصيل إضافية حول المحادثات وما جرى فيها، بحسب التقرير المنشور على موقع وكالة بلومبرغ.
وتستهدف المناقشات الجديدة التوصل إلى صيغة للتغلب على معارضة كوريا الجنوبية وتركيا للخطة المعروضة من الدول الأوروبية بشأن تقييد تمويل الوقود الأحفوري.
وتعارض كوريا الجنوبية المبادرة الأوروبية استنادًا إلى مخاوف إضعاف أمن الطاقة والمنافسة العادلة، كما جاء في وثيقة صاغتها شركة كوريا للتأمين التجاري، المسؤولة عن ائتمان الصادرات الكورية.
تركيا وكوريا تعارضان حظر التمويل
عارضت حكومة تركيا الاقتراح الأوروبي ورأت استحالة تطبيقه لأسباب تتعلق بالأمن القومي وأمن الطاقة في البلاد، بحسب الوثيقة التي رفضت وزارة الطاقة التركية وبنك ترك إكسيم (Turk Eximbank) التعليق عليها.
كما رفض متحدث باسم شركة كوريا للتأمين التجاري الإدلاء بمزيد من التعليقات، مشيرًا إلى أن محادثات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تظل سرية، في حين لم يستجب المتحدث باسم البيت الأبيض الأميركي على الفور لطلبات التعليق، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
بينما صرّح النائب عن الحزب الديمقراطي المعارض في كوريا الجنوبية، كيم كيوهيونغ، بأن حكومة بلاده تقوّض جهود منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الرامية للتوصل إلى توافق بشأن حظر تمويل الوقود الأحفوري، ما يجعل المحادثات تصل إلى طريق مسدود.
وكان من المتوقع أن يتوصل أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى اتفاق قبيل افتتاح قمة المناخ كوب 29، المقرر انعقادها في أذربيجان بداية من 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وفقًا لوثيقة التأمين التجاري الكوري، لكن تزامن القمة مع الانتخابات الأميركية المقررة قبلها بأسبوع واحد لم يشجع الأطراف على الوصول إلى اتفاق.
يخشى مراقبون من أن فوز دونالد ترمب بالانتخابات لن يمثل حافزًا للتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، بل قد يشجع الدول الرافضة على التمسك بمواقفها، وكذلك الدول المتأرجحة، خاصة أن ترمب قد سخّر ولايته السابقة لتشجيع تمويل بلاده لمشروعات الفحم الأجنبية.
ومنحت مجموعة العشرين أكثر من 30 مليار دولار لمشروعات الوقود الأحفوري عام 2022، بقيادة كندا وكوريا الجنوبية، رغم أن دعاة حماة المناخ يرون أن تقييد وكالات ائتمانات التصدير يُعد وسيلة مهمة لتحقيق هدف حظر تمويل الوقود الأحفوري.
وقدٌمت الولايات المتحدة تعليقات على الاقتراح الأوروبي رغم أنها لم تصل إلى حد تقديم اقتراح رسمي مضاد، غير أنه من المتوقع أن تطرح صيغة وسط في نهاية المطاف تهدف إلى حظر تمويل الوقود الأحفوري للمشروعات المستمرة تبعًا لكثافة انبعاثاتها، بحسب تقرير بلومبرغ.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..