في شهر فبراير/شباط من عام 2015، أعلن تنظيم داعش سيطرته التامة على كل حقول النفط السورية، ومنها حقل الورد، الذي كان أحد أهم دعائم إنتاج الخام في الدولة قبل 2011، ويدعم اقتصادها بعوائد تستغل الحكومة جزءًا منها في أعمال تطوير حقول أخرى.
وبحسب بيانات النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الحقل النفطي الواقع في ريف دير الزور شهدَ العديد من الأحداث السياسية والعسكرية، إذ تنقَّل بين أيدي الجيش السوري، ثم الجماعات المسلحة، ثم روسيا.
وإلى جانب أهمية حقل الورد السوري بالنسبة إلى الإنتاج النفطي في البلاد وكذلك الاقتصاد، فإنه مثَّل أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للجماعات التي سعت إلى السيطرة عليه، إمّا بهدف وقف إنتاجه والإضرار بالاقتصاد السوري، أو بهدف الحصول على جزء من الإنتاج لبيعه والإنفاق على عمليات التسليح.
وشهدت سوريا، منذ اندلاع الأحداث السياسية في 2011، تصاعدًا كبيرًا للعنف، طال كثيرًا من المنشآت الحيوية والاقتصادية، وفي مقدّمتها حقول النفط والغاز، التي سعت الجماعات المسلحة إلى السيطرة عليها، جزءًا من عملياتها للسيطرة على مقاليد السلطة في مناطق نفوذها.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)؛ إذ يتضمن معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل الورد النفطي
يقع حقل الورد النفطي في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، ويعدّ واحدًا من أهم الحقول القريبة من المنطقة الحدودية المشتركة مع العراق، لينضم بذلك إلى أهم الحقول السورية الواقعة في هذه المحافظة، وفق ما نشرته منصة “أوفشور تكنولوجي” المختصة بأخبار حقول النفط والغاز العالمية.
وخرج الحقل النفطي إلى الوجود للمرة الأولى في عام 1968، إلّا أن عمليات تطويره تأخّرت حتى ثمانينيات القرن الماضي، لا سيما أن قربه من الحدود العراقية جعله في مرمى الخلافات بتوقيت الحرب مع إيران، التي اندلعت في أواخر السبعينيات.
وشهد حقل الورد على مدى السنوات الـ12 الماضية تصاعدًا دراميًا لأحداث العنف والمعارك العسكرية، إذ تمكنت جماعة مسلحة تُدعى “الجيش السوري الحر” من السيطرة عليه في أواخر عام 2012، ليظل تحت سيطرتها لمدة عامين، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة لقطاع الطاقة في سوريا.
وفي عام 2014، أعلن تنظيم “داعش” أن الحقل النفطي الإستراتيجي المهم قد أصبح تحت سيطرته، ليتوالى بعد ذلك سقوط حقول النفط والغاز السورية، وصولًا إلى إعلان التنظيم أنه تمكَّن من السيطرة بالكامل على كل الحقول في فبراير/شباط من عام 2015.
إلّا أن التحالف الدولي الموجود في سوريا سرعان ما أدرك حجم الكارثة التي تواجه قطاع الطاقة في البلاد، فقدّم الدعم لقوّات سوريا الديمقراطية “قسد”، التي تحركت بشكل منظم وخاضت معارك ضد تنظيم داعش، حتى تمكنت من طرده من حقل الورد، وباقي الحقول السورية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
احتياطيات حقل الورد
لا توجد مصادر رسمية تتحدث عن احتياطيات حقل الورد النفطي الواقع في مدينة الميادين بمحافظة دير الزور السورية، إلّا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أنه يحتوي على احتياطيات تبلغ نحو 171 مليون برميل من النفط الخام الثقيل.
وخلال مرحلة ما قبل الحرب، أي قبل عام 2011، كان حجم إنتاج الحقل النفطي يبلغ نحو 65 ألف برميل يوميًا، إلّا أن الرقم المُعلن بشأن أخر إنتاج للحقل كان نحو 5 آلاف برميل يوميًا، وذلك في عام 2022، بحسب بيانات الإنتاج لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
يشار إلى أن وزير النفط السوري الدكتور فراس قدور كان قد صرّح، في حوار أجراه معه مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح، بأن إنتاج النفط لدى بلاده تراجع من مستوى 385 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011، إلى نحو 15 ألف برميل يوميًا حتى نهاية عام 2023.
وأوضح الوزير، خلال الحوار -الذي جرى على هامش مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر، الذي نظّمته منظمة أوابك، واستضافته دولة قطر في ديسمبر/كانون الأول 2023- أن بلاده لم تعد تحصل على أيّ تمويل دولي، بينما توقفت الشركات الأجنبية عن استكشاف النفط والغاز تمامًا في سوريا.
أحداث مهمة في حقل الورد
في عام 2021، حاولت روسيا السيطرة على حقل الورد وحقل التيم النفطيين في ريف محافظة دير الزور، إذ أعلنت حرصها على الاستثمار في الحقلين، ورغبتها في إعادتهما إلى طاقتهما الإنتاجية السابقة، وفق ما جاء في تقرير نشرته منصة “ذا سيريان أوبزرفر” (The Syrian Observer).
إلّا أن الخبراء الروس الذين اتجهوا إلى الحقل النفطي، سرعان ما تخلّوا عن قناعتهم بجدوى الاستثمار هناك، وذلك بعدما اطّلعوا على دراسة أشارت إلى أن الاحتياطيات في حقلي التيم والورد أصبحت عصيّة على الاستثمار، بسبب ما تعرضت له البنية التحتية للحقول من أعمال تخريب قوية.
ولاحقًا، وتحديدًا في عام 2023، خرجت دراسة جديدة تشير إلى إمكان الاستفادة تجاريًا من حقل الورد النفطي السوري، وذلك في حالة إصلاح الأثار المدمرة التي خلّفتها المعارك المختلفة هناك، وفق ما جاء في نص التقرير.
في الوقت نفسه، يستبعد الخبراء أن تعود الشركات العالمية العاملة في مجال التنقيب عن النفط والغاز إلى العمل في سوريا مرة أخرى، على الأقل في الوقت الحالي، وذلك بسبب العقوبات التي سبق أن أعلنتها الولايات المتحدة، وتهدد بها المتعاونين مع الحكومة السورية.
وتتطلب عملية إعادة تطوير حقل الورد دراسة جدوى اقتصادية وفنية، بالإضافة إلى مسح جيوفيزيائي على الأرض، وذلك لمعرفة الأرقام الدقيقة للاحتياطيات النفطية في الحقل، بالإضافة إلى معرفة نتائج الآبار الاستكشافية بشفافية، لمعرفة متى يمكن بدء الإنتاج والاستغلال التجاري.
نرشح لكم..