ما يزال مشروع استيراد الكهرباء والغاز عبر الأراضي السورية يواجه العديد من العقبات على المستويين الداخلي والخارجي، رغم مرور أكثر من عامين على ظهوره.

وأكد عدد من خبراء الطاقة اللبنانيين أن قانون قيصر ليس العقبة الرئيسة التي تواجه تنفيذ هذا المشروع، وإنما هناك تحديات أخرى من بينها التمويل ونقص الغاز المصري من حقل ظهر؛ ما يجعل من الصعب تصديره إلى الجانب اللبناني.

وكان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض قد أشار -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة (مقرّها واشنطن)- إلى أن لبنان ينتظر قرارًا أميركيًا بإلغاء قانون قيصر حتى تتمكن البلاد من استيراد الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر الأراضي السورية.

وأوضحت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، أن مشروع استيراد الكهرباء والغاز عبر الأراضي السورية كان قد خُطط له بمباركة أميركية، مشيرة إلى أن البنك الدولي كان قد رصد نحو 300 مليون دولار لتمويل هذه الخطة.

حل أزمة الطاقة

قالت هايتيان -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إن هذا المشروع كان قد ظهر منذ أكثر من عامين لحل أزمة الطاقة في لبنان، لافتة إلى أن البنك الدولي كان قد اشترط لتمويل المشروع إجراء بعض الإصلاحات الداخلية على شركة كهرباء لبنان.

وعلى المستوى الخارجي، أوضحت أن المشروع واجه تحديًا كبيرًا تمثّل في العقوبات المفروضة على سوريا، التي كانت رادعًا كبيرًا، ولا سيما بالنسبة للجانب المصري الذي جعله متخوفًا من تنفيذ هذا المشروع في غياب وجود ضمانات من الإدارة الأميركية التي ترى أن المشروع يساعد ويدعم النظام السوري.

وأضافت أن مصر أرادت أن تضمن عدم تعرضها لأي عقوبات إذا حدث مرور للغاز عبر الأراضي السورية.

وتابعت أن تصريحات وزير الطاقة اللبناني -التي قال فيها إنه في حال إلغاء قانون قيصر يمكن تنفيذ مشروع استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن لحل أزمة الكهرباء في لبنان- منطقية للغاية، مشيرة إلى أن انتهاءه سيجعل هناك انفتاحًا على الجمهورية العربية السورية مع نظامها الجديد أيًا كان، شريطة ألا يكون نظامًا خارجًا عن القانون والمجتمع الدولي.

واستطردت هايتيان قائلة: “هناك -أيضًا- بعض الأسئلة التي تطرح نفسها مثل: مَن سيمول هذا المشروع؟.. هل البنك الدولي سيعود إلى تمويله؟ ومن سيدفع ثمن الغاز والكهرباء؟ وإذا وُجد من يدفع، هل تستطيع الدولة اللبنانية أو مؤسسة كهرباء لبنان سداد هذا الدين إلى البنك الدولي أو الحكومتين الأردنية والمصرية أم ستضيف مزيدًا من العجز على ميزانية البلاد؟”.

الاستعانة بالغاز الإسرائيلي

أكدت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنه حتى الآن لم تنفذ الحكومة اللبنانية أي نوع من الإصلاحات التي طالب بها البنك الدولي؛ ما يجعل من الصعب تنفيذ هذا المشروع.

بالإضافة إلى أن مصر ليس لديها -حاليًا- الغاز الكافي لبيعه إلى الأسواق الأخرى، مشيرة إلى أن القاهرة تعتمد على غازها لتلبية الاحتياجات الداخلية بجانب الغاز الإسرائيلي.

ولفتت إلى أن أي غاز سيدخل إلى السوق اللبنانية لن يكون غازًا مصريًا، ويمكن في ظل الظروف الحالية الاستعانة بالغاز الإسرائيلي.

من جانبها، ترى مستشارة سياسات الطاقة لدى الحكومات والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط بمجال الكهرباء جيسيكا عبيد، أن هناك سلسلة عقبات تواجه هذا المشروع وليس فقط قانون قيصر.

وأوضحت أنه حتى في ظل قانون قيصر، كان هناك استعداد من قِبل الجانب الأميركي لاعتبار المشروع في إطار المساعدة الإنسانية، بشرط عدم حدوث تداول مالي، وبالتالي كانت سوريا ستستفيد من مرور الغاز والكهرباء عبر أراضيها بطريقة عينية من خلال الحصول على حصة منه.

مستشارة سياسات الطاقة لدى الحكومات والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط بمجال الكهرباء جيسيكا عبيد

تحدي التمويل

قالت جيسيكا عبيد -في تصريحاتها إلى منصة الطاقة المتخصصة- إن التمويل يمثّل العقبة الرئيسة لتنفيذ مشروع استيراد الكهرباء والغاز عبر الأراضي السورية، في ظل عدم تنفيذ الحكومة الإصلاحات التي اشترطها البنك الدولي على قطاع الكهرباء في لبنان، التي كان من بينها تقليص الهدر الفني وغير الفني.

وأضافت أن مصر تعاني -بالأساس- من مشكلة نقص الغاز في حقل ظهر، والجانب المصري يعاني -حاليًا- من أزمة لتأمين الغاز، وبالتالي سيكون من الصعب منح هذا الغاز بسعر زهيد إلى لبنان، موضحة أن مصر تعتمد -حاليًا- على الغاز الإسرائيلي.

وتابعت أن قطاع الطاقة في لبنان ما يزال بحاجة إلى إجراءات إصلاحية حقيقية وفاعلة، وهذا الذي لم يحدث بعد، مطالبة بضرورة وضع رؤية وخطة واضحة لإجراء إصلاحات فعلية في قطاع الكهرباء بدلًا من الحلول المؤقتة التي وضعتها وزارة الطاقة ولم يكن لها مردود ناجح.

بدوره، أوضح المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان، مروان عبدالله، أن العائق الرئيس لتنفيذ هذا المشروع يتعلّق بحوكمة قطاع وسياسات الطاقة في لبنان.

المدير التنفيذي لجمعية استدامة البترول والطاقة في لبنان مروان عبدالله

رفع العقوبات

لفت عبدالله -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن الحل لا يتعلق فقط باستيراد الغاز والكهرباء عبر سوريا، الذي لا يمثل سوى جزء صغير من المشكلة، مشيرًا إلى أن الحل داخلي بالأساس ويتمثّل في إصلاح إدارة الحكومة اللبنانية لقطاع الطاقة في لبنان.

من جهته، أوضح الباحث في مجال الطاقة بمعهد عصام فارس في الجامعة الأميركية لدى بيروت مارك أيوب، أنه من المبكر جدًا التعويل على التحول السياسي في سوريا من أجل رفع العقوبات، مؤكدًا أن ذلك سيستغرق وقتًا ولن يحدث سريعًا.

وأضاف أن مشروع استيراد الغاز والكهرباء عبر الأراضي السورية معلق إلى أجل غير مسمى، موضحًا أنه قد جرت الاستعاضة عنه بالموافقة على قرض لمشروعات الطاقة الشمسية بقيمة 250 مليون دولار قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان.

وطالب الحكومة اللبنانية بإجراء العديد من الإصلاحات الداخلية المطلوبة في قطاع الطاقة التي طال انتظارها، قبل التعويل على ما يمكن أن يسفر عن التحول السياسي في سوريا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.