مع تفاقم أزمة الكهرباء في لبنان، التي تُعد أحدث حلقاتها استفحالًا للأزمة الاقتصادية والطاقوية التي يعيشها البلد العربي الآسيوي منذ نحو 30 عامًا، أصبحت هناك ضرورة لمعرفة أصل الأزمة وتاريخها.

وفي هذا الإطار، توضح مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، أن لبنان وطريقة إنتاج الكهرباء فيه، وكل مشكلاته، يمكن مقارنته بالدول الفاشلة فقط.

جاء ذلك خلال مشاركتها في حلقة من برنامج “أنسيّات الطاقة“، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، بعنوان: “انقطاع الكهرباء في لبنان.. لماذا تفاقمت الأزمة وما الحل؟”.

وقالت المتحدثة إنه لا مجال لمقارنة لبنان مع دول المنطقة، إذ إنه يصطف مع الدول التي تشبهه نوعًا ما من حيث انهيار المؤسسات وضعفها، ومواجهة الحروب، إذ إن بعض الدول التي تعاني الحروب يمكن أن تكون خدمة الكهرباء فيها أفضل.

أزمة الكهرباء في لبنان

قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، إن لبنان أصبح في مكان لا يمكن مقارنته فيه مع بلدان المنطقة، وأصبح خارج أي نوع من التصنيفات.

وأضاف: “أزمة الكهرباء في لبنان، التي نواجهها اليوم، من خلال مؤسسة كهرباء لبنان، وهي المؤسسة التي يفترض فيها أن تكون مستقلة ماليًا، وأن يكون لديها مجلس إدارة لديه القدرة على تأمين خدمات الكهرباء للمواطنين والمقيمين”.

مقر مؤسسة كهرباء لبنان – الصورة من وزارة الطاقة

وأوضحت لوري هايتيان، أنه لا توجد أي مؤسسة أخرى يمكنها أن تنافس هذه المؤسسة فيما يخص خدمات الكهرباء في لبنان، إذ إنها الوحيدة من نوعها، ومن ثم فإنها عبر سنوات طويلة لم تستطع أن تعمل بنفسها وباستقلالية على توفير الخدمات.

ولفتت إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان كانت تعتمد منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1990، على الاستدانة من الحكومة اللبنانية لتشتري الفيول، على أمل أن تعيد تسديد الديون للدولة عندما يكون لديها المال الكافي.

وأشارت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن توفير هذه الأموال لسداد الديون كان من المفترض أن يتم من خلال الجباية، وتقديم خدمات الكهرباء في لبنان، لتتمكّن المؤسسة من سداد ديونها للدولة.

ولكن، وفق هايتيان، لم تكن هناك إمكانية لرد هذه الديون إلى الدولة، ومن ثم كانت المشكلة تتراكم، والأرقام تشير إلى أنه عبر البرلمان كان هناك فتح اعتماد وتصديق عليه بقيمة مليار أو مليار ونصف المليار سنويًا، حسب سعر الطاقة وسعر برميل النفط عالميًا.

أسعار النفط

وتابعت لوري هايتيان: “هذه الأموال والاعتمادات المليارية كانت دائمًا ما يجري التعامل معها على أنها سلفة، وأن مؤسسة كهرباء لبنان سترد هذه الأموال مرة أخرى إلى الدولة، ولكن بعد توفير المال اللازم لذلك”.

وأردف: “المشكلة كانت أنه لا مجلس النواب كان يتابع ويطالب ويقول أين هذه الأموال ولماذا لا تردها مؤسسة كهرباء لبنان، ولا مجلس الوزراء كان يؤدي واجبه بالضغط على الوزارة للقيام بواجبها بما أنها مشرفة على هذه المؤسسة”.

وأوضحت أن مؤسسة كهرباء لبنان -بما أنها كانت تأخذ هذه الأموال- كانت تشعر بالضغط عليها لضرورة رد هذه الأموال، ولكنها لم تكن تؤدي واجباتها لتحسين الخدمات وتحسين الجباية لتوفير ما يلزم لسداد هذه الديون.

3 مشكلات تواجه “كهرباء لبنان”

قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، إن مؤسسة كهرباء لبنان لديها مشكلة تقنية من خلال الشبكة القديمة، التي تحتاج إلى إعادة صيانة، ومن ثم هناك خسارة كبيرة.

وأشارت إلى أن هذه الخسارة تكمن في الإنتاج وتكلفته، التي كانت عالية جدًا في مقابل جباية منخفضة لا تعكس هذه التكلفة، وذلك لأنه كان هناك دعم لأسعار الكهرباء في لبنان، ومن ثم كانت الخسائر كبيرة.

أزمة الكهرباء في لبنان

بالإضافة إلى ذلك، وفق لوري هايتيان، كان هناك رفض من الحكومات المتتالية أو مجلس النواب لتعديل أسعار الكهرباء في لبنان، وكانت هناك خسارة بسبب العجز الذي كانت تتكبّده المؤسسة، ومن ثم كانت الخسارة تتحملها الدولة اللبنانية، لأنها هي من كانت تمنح الأموال لشراء الوقود.

المشكلة الثانية، تكمن في الجباية السيئة وليس فقط في التكلفة، إذ كانت هناك جباية في مؤسسة كهرباء لبنان، ولكنها تكون متأخرة جدًا، مضيفة: “أنا اليوم أعيش في بروكسل، وتأتينا فاتورة الكهرباء شهريًا، فإذا لم أدفع فاتورتي تُقطع الكهرباء”.

أما في لبنان، حسب هايتيان، فإن المواطنين لا يدفعون فاتورة الكهرباء شهريًا، وإنما يكون الدفع بأثر رجعي لمدة 6 أشهر أو عام كامل، وهذه مشكلة خطيرة.

أما المشكلة الثالثة، وهي الأخطر، فإن هناك نسبة عالية ممن يستعملون الكهرباء في لبنان من المؤسسة، لا يدفعون أي فواتير، والحديث هنا ليس عن الوزارات والإدارات والمسؤولين والنواب والوزراء، فهؤلاء يمكن اعتبار الكهرباء من المنافع التي يحصلون عليها، لأنهم يخدمون البلاد.

الكهرباء في لبنان

ولكن، وفق لوري هايتيان، المشكلة في المواطنين العاديين الذي يستهلكون الكهرباء ولكنهم لا يدفعون قيمة الاستهلاك، وهم نسبة كبيرة ولديهم غطاء سياسي، ومن ثم فإن المشكلة التي تعانيها البلاد في الغطاء السياسي من جانب بعض المسؤولين، الذي يحمون مجتمعاتهم ضد مؤسسة الكهرباء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.



رابط المصدر

شاركها.