قال خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش، إن السيارات الكهربائية لن يكون لها أثر كبير في خفض الطلب على النفط، وكذلك لن تؤثّر بشكل كامل في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن ذلك لن يقلل من أهميتها.
وأضاف: “عندما يصف الطبيب دواء، فإن هذا الدواء تكون له آثار جانبية، والآثار الجانبية في حالة كهربة قطاع النقل هي التحديات التي تواجهه، والتي يمكن التغلب عليها، ولكن ذلك يوجب تسليط الضوء عليها أولًا”.
جاء ذلك خلال مشاركته في حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي في منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان “السيارات الكهربائية بين الواقع والمأمول وأثرها في الطلب على النفط”.
وأوضح حمش أن هذه التحديات يمكن التغلب عليها، كما أن السيارات الكهربائية حال استعمالها في مدينة ذات كثافة سكانية عالية، سوف تكون مفيدة جدًا بالنسبة للصحة العامة، إذ إن بعض المدن العربية يشعر السائر فيها بأنه يتنفس دخان العوادم.
تأثير السيارات الكهربائية في خفض الانبعاثات
خلال الحلقة، أشار مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي إلى دراسة سابقة، قالت، إنه في حالة استبدال سيارات كهربائية بكل السيارات في الاتحاد الأوروبي، فإن هذا سيخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمقدار 2% فقط.
وأضاف: “هناك إحصائية أخرى تقول، إنه في حال تغيير كل المواصلات في الولايات المتحدة -بما فيها البرية والبحرية وفي الأنهار والمزارع والشاحنات والطائرات-، وإن أصبحت كلّها كهربائية بالكامل، فإن هذا سيخفض انبعاثات الكربون بمقدار 4.6% فقط”.
وعلّق خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش بالقول، إن النقطة المهمة هي أن توليد الكهرباء اللازمة لهذه السيارات الكهربائية يجب أن يكون من مصادر طاقة متجددة.
وتابع: “أمّا في حال استعمال الفحم الحجري أو النفط لتوليد الكهرباء، ونفقد قسمًا من الطاقة الحرارية فيه، ثم هناك ضياع حراري خلال عمليات النقل، وضياع حراري خلال عمليات التخزين وتحميل الكهرباء إلى حركه ميكانيكية ثانية، فلن تكون الفائدة هي ما يرجونه”.
بالإضافة إلى ذلك، وفق حمش، هناك نقطة في العمليات العسكرية حول العالم، إذ لا يعرف أحد حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منها، فمثلًا حاولت إحدى الدراسات تقدير كميات الوقود المستعملة في وزارة الدفاع الأميركية، فقدّرت أنه بين عامي 2001 و2018 كان هناك 1276 مليون طن مكافئ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ولفت خبير أوابك إلى نقطة أخرى مهمة، وهي تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستعمال إنترنت الأشياء والتطور الذي يحدث فيها، لأنها تحتاج إلى كميات إضافية من الكهرباء بمعدل سنوي، تتراوح بين 26 و36%.
ومن ثم، فإنه في حالة وجود إرادة لتحويل الأساطيل العادية إلى سيارات كهربائية، ستكون هناك حاجة إلى مصادر جديدة للكهرباء، ومن ثم ستكون هناك حاجة إلى بنية تحتية للكهرباء، بالإضافة إلى نقاط أخرى.
المنافسة الصينية في صناعة السيارات الكهربائية
ردَّ خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش على سؤال من الدكتور أنس الحجي، بشأن دور الصين في مجال السيارات الكهربائية والمنافسة القوية في هذا المجال، وأثر ذلك عالميًا، بجانب مصير الجهود والاستثمارات الصينية بهذا القطاع.
وقال حمش، إنه مع تزايد الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، تتزايد المنافسة على ما يسمى “المعادن الحرجة” أو المعادن الأرضية النادرة التي تُستعمل في صناعة هذه السيارات.
وأضاف: “يعدّ الكوبالت أحد أهم المعادن اللازمة لصناعة السيارات الكهربائية، لأنه يعزز من كثافة الطاقة في البطارية، ويدعم استقرارها، بالإضافة إلى مهام أخرى، وهذا المعدن قدَّرت هيئة المسح الجيولوجي احتياطياته العالمية خلال العام الماضي 2023 بنحو 11 مليون طن”.
وأوضح خبير أوابك أن نحو 57% من احتياطيات الكوبالت العالمية موجودة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أي نحو 6 ملايين طن، وهي أيضًا الدولة الأولى في إنتاج الكوبالت عالميًا، إذ أنتجت نحو 170 ألف طن، أي نحو 74% من الإنتاج العالمي، وهذا زاد من حجم الاهتمام الدولي بالكونغو.
ولكن، وفق حمش، يبدو أن الصين قد وضعت هذا الأمر في حسبانها منذ زمن طويل، إذ إنها على مدى العقدين الماضيين كانت تؤدي دورًا مركزيًا بقطاع الكوبالت في الكونغو، وبدأت الاستثمارات الصينية تدخل هذا القطاع التعديني الكونغولي منذ عام 2007.
وتابع: “في ذلك الوقت، قررت جمهورية الكونغو الديمقراطية مقايضة مواردها الطبيعية مقابل أن تستثمر الصين في بنيتها الأساسية، إذ تطوّر الصين البنية التحتية في الكونغو مقابل الحصول على النحاس والكوبالت”.
وبهدف الاستثمار في قطاع التعدين الكونغولي، أسست الصين شركة مشتركة في ذلك الوقت، أطلقت عليها اسم “شركة التعدين الصيني الكونغولي”، تمتلك فيه بكين حصة تُقدَّر بنحو 68%، وحصلت بها على قرض بنحو 9 مليارات دولار.
ولفت خبير أوابك المهندس تركي حمش إلى أن هذا القرض جاء نتيجة لضغوط من مجتمع التمويل الدولي، وشعر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالقلق إزاء هذه المديونية المرتفعة، فعُدِّلَ القرض إلى 6 مليارات دولار.
وأشار إلى أن 28% من الكوبالت يدخل في صناعة السيارات الكهربائية حاليًا، ومن المتوقع في عام 2025 أن يصل الرقم إلى 45%، وهنا تبرز أهمية الصين، إذ إن 4 من أصل أكبر 10 شركات مصنّعة للبطاريات الكهربائية في العالم صينية.
وأكد خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش أنه في عام 2018، استهلكت صناعه بطاريات السيارات الكهربائية في الصين نحو 52 ألف طن من الكوبالت، إذ إن الصين أكبر دولة في العالم تعمل في مجال تكرير الكوبالت واستخراجه من خاماته الأولى.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..