قال خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش، إن السيارات الكهربائية أصبحت حديث الساعة، مع كل ما يقوله أنصارها بشأن كونها صديقة للبيئة وأكثر موثوقية وتخفض الطلب على النفط.

وأوضح الخبير في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أن وسائل الإعلام تسهم يوميًا في ضخ أفكار للمتلقّين، بشأن هذه السيارات، وكيف أنها أقلّ أعطالًا، وتسهم في مسيرة الحدّ من الطلب على النفط.

جاء ذلك خلال مشاركة خبير أوابك المهندس تركي حمش، في حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي بمنصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان “السيارات الكهربائية وأثرها في الطلب على النفط”.

وفي بداية الحلقة، لفت خبير أوابك إلى أن الدراسات التي تصدرها المنظمة في مختلف مجالات الصناعة النفطية، متاحة مجانًا في موقعها الإلكتروني (www.oapecorg.org)، بالإضافة إلى الدراسات عن التقرير الإحصائي السنوي الذي يشمل كل بيانات المتاحة عن الصناعات الدولية بمختلف مراحلها.

وأضاف: “لدينا وثيقة مهمة جدًا، وهي تقرير الأمين العام السنوي، الذي يتضمن عرضًا سنويًا شاملًا لأهم الأحداث المؤثّرة في الصناعة النفطية، بمختلف نواحيها، بالإضافة إلى الموضوعات الاقتصادية والبيئية، التي يستعرض أهم نشاطاتها”.

السيارات الكهربائية والطلب على النفط

قال خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش، إن الحديث عن السيارات الكهربائية، وذكرى إنتاج النفط التي باتت قاب قوسين أو أدنى، وكذلك الحديث عن ضرورة التعايش مع مدة ما بعد النفط، تدفع إلى التفكير في فرضية “هوبل” الذي تنبّأ بأن ذروة النفط الأميركية ستكون في عام 1963.

وأضاف: “الولايات المتحدة الآن تنتج نحو 13 مليون برميل يوميًا، وذلك إذا احتسبنا ما يسمى إعلاميًا بـ”النفط الصخري”، وهو “زيت السجيل”، أمّا النفط التقليدي الأميركي، فيبلغ إنتاجه في الوقت الحالي نحو 7.5 مليون برميل يوميًا”.

وأوضح خبير أوابك المهندس تركي حمش أن هذا لا يعني بأيّ حال من الأحوال أن مصادر الطاقة الأخرى غير مرحَّب بها، بما فيها الطاقات التي يُطلق عليها اسم “متجددة”، مثل طاقات الشمس والرياح.

ولكن كل ما في الأمر، وفق حمش، أن منظمة أوابك تنظر إلى الأمر من جانب أن هذه الطاقات تعدّ مكمّلة للطاقات التقليدية، وليست منافسًا مهمته إزاحة الوقود الأحفوري عن عرش الطاقة.

وتابع: “يعرف كثيرون أن أول سيارة كهربائية بُنيت في الولايات المتحدة عام 1896، أي قبل 128 عامًا، لذلك فإن الموضوع ليس جديدًا، والترويج لها في ذلك الوقت جرى على أساس أنها أقل صخبًا من سيارات محركات الاحتراق الداخلي”.

السيارات الكهربائية

وأوضح خبير أوابك أنه بعد ظهور أولى السيارات الكهربائية في أميركا بنحو 5 سنوات، ظهرت السيارات الهجينة في عام 1901، لكن السيارات الكهربائية مثّلت ثلث سيارات الولايات المتحدة بين عامي 1900 و1912.

وعن أسباب اختفائها بعد ذلك، قال حمش، إن السبب غريب نوعًا ما، إذ إن إحدى مشكلات السيارات العادية كانت طريقة تشغيلها يدويًا باستعمال ما يسمى “المانيوال”، وفي عام 1911 اخترع هنري فورد “المارش” أو المقلع الكهربائي.

وأردف: “مع اكتشاف كميات وفيرة من النفط في تكساس في عام 1920، بدأت السيارات الكهربائية تختفي في عام 1935، حتى انتهت بشكل كامل من العالم”.

السيارات الكهربائية وخفض انبعاثات الكربون

قال خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش، إن معظم من الدول التي حاولت تعزيز نشر السيارات الكهربائية، فعلت ذلك عبر تقديم الحوافز، وتراوحت الأسباب المعلنة بالنسبة للمستهلكين بين الفوائد الاقتصادية والحوافز الحكومية، وبين الاستفادة من التقنيات الجديدة.

وأوضح أن الذريعة الرئيسة دومًا كانت الوصول إلى تخفيض جذري في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وهذا ما يدفع إلى النظر بانبعاثات قطاع النقل في العالم عمومًا.

وأضاف: “سأنظر الآن إلى 3 مناطق في العالم، وهي الولايات المتحدة، وأوروبا والدول العربية، إذ دون كثير من التفاصيل، نجد أن انبعاثات مركبات النقل العام والشاحنات التجارية في الولايات المتحدة في عام 2019 كانت تعادل 42% من إجمالي الانبعاثات”.

انبعاثات قطاع النقل

وأوضح خبير أوابك أن انبعاثات السيارات الخاصة كانت النصف أو أكثر بقليل من نصف هذه الكمية، كما أن انبعاثات قطاع النقل في الولايات المتحدة تجاوزت انبعاثات قطاع توليد الكهرباء.

وتابع: “قد يظن بعضهم أن هذا بسبب السيارات التي تلوث البيئة، لكن الواقع أن هذا التجاوز لم يكن بسبب انبعاثات قطاع النقل بقدر ما كان بسبب تراجع انبعاثات قطاع توليد الكهرباء، إذ إن أميركا خفضت استعمال الفحم الحجري في توليد الكهرباء بنسبه 30%”.

بالنسبة لأوروبا، وفق المهندس تركي حمش، كشفت بيانات وكالة البيئة الأوروبية (EEA) مساهمة قطاع النقل في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 25% من إجمالي الانبعاثات في القارة العجوز عام 2019.

وأردف: “دول أوروبا التي تستميت في الدفع بالسيارات الكهربائية تمتلك النفط، ففي عام 2000 كانت ذروة إنتاج النفط في أوروبا، اليوم تنتج نحو 3.2 مليون برميل يوميًا، وتأتي 85% من هذه الكميات من النرويج، ولكن أوروبا تستهلك نحو 14 مليون برميل يوميًا”.

ولفت إلى أن معاهدات “ماسترخت” و”أمستردام” وبقية المعاهدات البيئية حثّت على الحدّ من استعمال الوقود الأحفوري، لكن هذا لم يحصل، وهناك دور مهم في السياسات من جانب بعض الأحزاب الأوروبية، التي تحاول الترويج لنفسها عبر التوجهات البيئية”.

وبالنسبة للدول العربية، بحسب خبير أوابك، كانت حصتها من إجمالي انبعاثات مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون العالمية التي سجلت 54 مليار طن في عام 2022، نحو 3.1 مليار طن فقط، أي إن انبعاثات الدول العربية كانت أقل من 6% من إجمالي انبعاثات العالم.

وأشار إلى أن بعضهم يشير أحيانًا إلى السعودية بصفتها أكثر دولة ملوثة في المنطقة العربية، ولكن المملكة لها خصوصية لا تملكها أيّ دولة أخرى في العالم، فهي منطقة عبور بين بلاد الشام والبحرين والإمارات.

وضرب خبير أوابك مثلًا بتقرير للهيئة العامة للإحصاء في السعودية عام 2019، فقال، إن عدد السيارات التي غادرت عبر جسر الملك فهد، الرابط بين السعودية والبحرين، تجاوز 186 ألف سيارة، والسيارات القادمة بلغت 180 ألفًا.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مواسم الحج والعمرة الذي يؤدي دورًا مهمًا في زيادة الانبعاثات، إذ أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني بالمملكة أن عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها في عام 2023 تجاوز 11.5 مليون مسافر، بين بداية شهر رمضان حتى 9 شوال.

إحدى وسائل المواصلات في السعودية خلال موسم الحج
إحدى وسائل المواصلات في السعودية خلال موسم الحج – الصورة من وزارة الحج

من هو خبير أوابك تركي حمش؟

استعرض مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، جزءًا من السيرة الذاتية لخبير أوابك المهندس تركي حسن حمش.

وقال الحجي، إن حمش حاصل على بكالوريوس في هندسة البترول في عام 1993، بالإضافة إلى درجة الماجستير في جيولوجيا البترول من جامعة أكسفورد بروكس في بريطانيا عام 2000.

خبير أوابك المهندس تركي حسن حمش

وشغل المهندس تركي حمش مناصب عديدة، في الشركة السورية للنفط، وكان عضوًا في اللجنة العليا لإنتاج النفط والغاز في سوريا، كما شغل منصب عضو مجلس إدارة في شركه الفرات للنفط في عام 2005.

ويعمل حمش منذ عام 2007 خبيرًا نفطيًا في مجالات الاستكشاف والإنتاج بمنظمة أوابك، كما يتولّى ملف التدريب في المنظمة، وله العديد من الدراسات والأبحاث والمقالات المنشورة في مختلف مناحي الصناعة النفطية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.