فاجأت مصر أسواق الغاز المسال العالمية بإعلان حاجتها إلى استيراد عدد من الشحنات، لتأمين احتياجاتها خلال فصل الشتاء المقبل، في خطوة دفعت أسعار الغاز في أوروبا إلى الصعود.

وللمرة الأولى منذ سنوات التي تستورد خلالها القاهرة الغاز قبل حلول فصل الشتاء؛ إذ تسعى لشراء 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول 2024، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وأثار الطلب المصري على الغاز المسال مخاوف التجار بشأن توازن الإمدادات في أوروبا؛ إذ قد يؤدي ارتفاع الطلب في أجزاء أخرى من العالم إلى انخفاض كميات الغاز التي تصل إلى القارة العجوز.

ورغم تمتع أوروبا بإمدادات جيدة، في الوقت الحالي، فإنها تعتمد على التدفقات المستمرة من جميع أنحاء العالم، بعد تقييد روسيا عمليات التسليم عبر خطوط الأنابيب في عام 2022.

أسعار الغاز في أوروبا

واصلت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية مكاسبها، إذ حقّقت العقود الآجلة القياسية ارتفاعًا بأكثر من 3%، خلال تعاملات اليوم الجمعة 6 سبتمبر/أيلول 2024، بعد أن أغلقت مرتفعة أمس الخميس.

بحلول الساعة 10:17 صباحًا بتوقيت غرينتش (01:17 مساءً بتوقيت مكة المكرمة)، ارتفع مؤشر “تي تي إف” الهولندي (مقياس أسعار الغاز في أوروبا) لعقود أكتوبر/تشرين الأول بنسبة 3.15%، إلى 37.34 يورو (41.48 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2023.

*(اليورو= 1.11 دولارًا أميركيًا)

كما صعدت أسعار الغاز الأوروبية، تسليم نوفمبر/تشرين الثاني، بنسبة 2.47% إلى 39.23 يورو لكل ميغاواط/ساعة، في حين زادت أسعار عقود ديسمبر/كانون الأول بنسبة 2.43%، إلى 40.15 يورو لكل ميغاواط/ساعة.

وعادةً ما تستعمل شركات الغاز في أوروبا وحدات القياس “غيغاواط” و”تيراواط” في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة من الغاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة من الغاز).

وقالت الخبيرة الإستراتيجية في مجال الطاقة الأوروبية في رابوبانك، فلورنس شميت، إن “أسعار الغاز في أوروبا ستتحرك خلال فصل الشتاء وفقًا لنمو الطلب”، مشيرة إلى أن “مستويات البرودة المتوقعة الشتاء المقبل في أوروبا قد تضيف مزيدًا من الضغوط الصعودية”.

واردات مصر من الغاز المسال

طرحت مصر مناقصة لشراء 20 شحنة من الغاز المسال، لتغطية الطلب على الكهرباء خلال الشتاء في مواجهة انخفاض حاد في إنتاج الغاز المحلي.

وتُعد هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها القاهرة مناقصة لتغطية الطلب الشتوي منذ عام 2018؛ إذ عادت أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان إلى كونها مستوردًا صافيًا للغاز الطبيعي العام، واشترت أكثر من 30 شحنة لتغطية الطلب في الصيف، وعكست موقعها مصدرًا في السنوات الأخيرة.

وتسعى الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” إلى شراء 20 شحنة فورية للتسليم خلال المدة من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول من خلال مناقصة تُغلق في 12 سبتمبر/أيلول.

وبموجب المزايدة تسعى القاهرة إلى شراء 17 شحنة للتسليم إلى محطتها العائمة في ميناء العين السخنة على البحر الأحمر، و3 شحنات للتسليم إلى ميناء العقبة في الأردن خلال المدة نفسها.

ومن المقرر أن تتسلّم القاهرة 6 شحنات في أكتوبر/تشرين الأول، و5 في نوفمبر/تشرين الثاني، و6 في ديسمبر/كانون الأول في ميناء العين السحنة، وشحنة شهريًا في ميناء العقبة الأردني.

وتستورد القاهرة الغاز المسال من الأردن بناءً على اتفاق بين شركتي إيجاس، والكهرباء الوطنية الأردنية، يُتيح استغلال البلدين بصورة مشتركة وحدة غاز مسال عائمة تحمل اسم (Solar Eskimo) بداية من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وحتى نهاية العقد الأردني المبرم مع شركة غولار للغاز المسال (GLNG) في يونيو/حزيران 2025.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات الأردن من الغاز المسال حسب المشتري خلال 2024:

واردات الأردن من الغاز المسال حسب المشتري خلال 2024

وكانت شركة إيجاس قد طلبت ما يصل إلى 5 شحنات للتسليم خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، من خلال مناقصة أُغلِقَت في 29 من يوليو/تموز.

ومن المرجح أن يجري منح المناقصة بالكامل بمتوسط ​​علاوة 1.5 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية فوق مؤشر تي تي إف الهولندي، حسبما ذكرت آرغوس.

الطلب على الغاز المسال

لجأت الحكومة المصرية، خلال صيف 2024، إلى استيراد شحنات من الغاز المسال للمرة الأولى منذ 2018، بالتزامن مع تراجع إنتاج الغاز المصري، لا سيما من حقل ظهر.

ومن المرجح أن تظل شهية مصر للشحنات الفورية قائمة، خاصة مع انخفاض إنتاج الغاز المحلي في البلاد، إذ انخفض إنتاج مصر من الغاز إلى أدنى مستوى له منذ 7 سنوات في يونيو/حزيران، وفقًا لأحدث تقرير لمبادرة البيانات المشتركة (جودي).

قالت شركة إنرجي أسبكتس الاستشارية إن إنتاج الغاز في مصر انخفض إلى أدنى مستوى في 6 سنوات في مايو/أيار، منخفضًا بنحو 25% عن ذروته في 2021، ومن المتوقع أن ينخفض ​​بنسبة 22.5% أخرى بحلول نهاية 2028، حسبما ذكرت رويترز.

وفي الوقت نفسه، تأثرت عمليات تسليم الغاز عبر خط الأنابيب من إسرائيل بعدم اليقين منذ بدء الصراع بين إسرائيل وغزة، إذ انخفضت عمليات التسليم عبر خط الأنابيب من إسرائيل إلى مصر لنحو 731 مليون متر مكعب في يونيو/حزيران من 851 مليون متر مكعب في مايو/أيار، بعد أن وصلت إلى مستويات قياسية في وقت سابق من هذا العام.

واردات مصر من الغاز

وفي يوليو/تموز الماضي، أرجع وزير البترول المصري أسباب انخفاض إنتاج النفط والغاز إلى زيادة المتأخرات المستحقة لشركات النفط الأجنبية، ما أدى إلى تباطؤ برامج الاستكشاف والتطوير، لافتًا إلى أن القاهرة تعمل على تسوية هذه التراكمات.

وفي منتصف أغسطس/آب، قدّر التجار أن مصر سوف تسعى لشراء ما بين 8 و15 شحنة فورية لفصل الشتاء، وربما يشير أحدث طلب لشراء 20 شحنة إلى أن الطلب على الواردات في البلاد يتجه نحو الارتفاع.

وقالت الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا آن صوفي كوربو: “كانت مصر بمثابة المفاجأة الحقيقية في سوق الغاز المسال العالمية. فقد انهار الإنتاج تمامًا، وهذه هي المشكلة، ولا سبيل إلى تجاوزها: إما أن تقلل الطلب وإما أن تزيد من الواردات الصافية”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.