يتطلب خفض انبعاثات صناعة الصلب إحداث نقلة نوعية في القطاع بالتحول من عمليات الإنتاج التقليدية القائمة على الفحم إلى أساليب أكثر استدامة تعتمد على إعادة تدوير “الخردة” والحديد المختزل المباشر في أفران القوس الكهربائي.

وتشير تقديرات حديثة إلى أن قطاع الصلب يمكن أن يشهد انخفاضًا في الانبعاثات بنسبة 30% بحلول عام 2050، في ظل الحالة الأساسية والتقنيات التجارية الحالية، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

بالرغم من ذلك، فإن تحقيق إزالة الكربون من القطاع بالكامل يشهد تحديات كبيرة مرتبطة بارتفاع التكاليف والتعقيدات التقنية؛ ما يجعل من غير المرجّح تحقيق مسار خفض انبعاثات صناعة الصلب، بالتوافق مع أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.

ومن المتوقع أن يكون أغلب انخفاضات انبعاثات صناعة الصلب من خلال تنفيذ التقنيات منخفضة الكربون في مصانع الصلب القائمة حاليًا.

تنفيذ التقنيات منخفضة الكربون

من أجل تحقيق سيناريو الحياد الكربوني، فإن انبعاثات صناعة الصلب العالمية تحتاج إلى الانخفاض بما يصل إلى 84% بحلول عام 2050، مع بروز الصين محركًا رئيسًا للتغيير بسبب موقعها المهيمن في سوق الصلب العالمية، بالإضافة إلى الاقتصادات الناضجة في الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا وتايوان.

وفي ظل هذا السيناريو، ستحتاج الاقتصادات الناشئة -مثل الهند وجنوب شرق آسيا- إلى تبنّي إستراتيجيات أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات بنسبة 60%-65% بحلول عام 2050، وفق التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.

وعلى الرغم من عدم وجود حل سريع لخفض انبعاثات صناعة الصلب، توجد تقنيات منخفضة الكربون يمكن أن تسهم في ذلك.

ويتمثل أحد الأساليب الواعدة في الاعتماد على تقنيات أفران الصهر الكهربائية، التي تتيح استعمال خامات الحديد منخفضة الجودة بصفتها مادة وسيطة للحديد المختزل المباشر.

أحد أفران الصهر في مصنع شركة تاتا ستيل الهندية – الصورة من The Economic Times

ويمكن دمج هذه التقنية مع أفران الأكسجين الأساسية أو أفران القوس الكهربائي؛ ما يؤدي إلى توفير كبير في النفقات الرأسمالية يصل إلى 150 مليون دولار، مقارنة ببناء مصنع جديد للحديد المختزل المباشر.

إلّا أن الاعتماد على هذه التقنيات في صناعة الصلب ما يزال في مرحلة التجريب، كما أن انتشارها على نطاق واسع غير مؤكد.

وفي السياق نفسه، أشار التقرير إلى أهمية الغاز الطبيعي بصفته وقودًا انتقاليًا بخفض انبعاثات صناعة الصلب في أستراليا، قبل نشر الهيدروجين الأخضر.

ومع ذلك، فإن أسعار الغاز الحالية في أستراليا تجعل من الصعب على الصلب منخفض الكربون أن يكون تنافسيًا من حيث التكلفة مقارنة بالفحم.

استعمال الهيدروجين في صناعة الصلب

تتطلب عملية خفض انبعاثات صناعة الصلب تطوير إنتاج الصلب القائم على الهيدروجين، ولكن يجب التغلب على التحديات التقنية المتعلقة بالتكلفة.

وتتوقع وود ماكنزي، في الحالة الأساسية، إنتاج 260 مليون طن من الصلب باستعمال الهيدروجين بحلول عام 2050، وهو ما يمثّل 12% من الإنتاج العالمي، على أن يبدأ معظم هذا الإنتاج بعد عام 2040.

ويحتاج تحقيق سيناريو الحياد الكربوني إلى أكثر من ضعف هذه الكمية، مع ما يُقدَّر بنحو 42 مليون طن من الهيدروجين الأخضر اللازم لتغذية مصانع الاختزال المباشر أو حقنه في أفران الصهر.

مصنع لإنتاج الصلب الأخضر
مصنع لإنتاج الصلب الأخضر – الصورة من مورغان ستانلي

ويعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر على وفرة الكهرباء المتجددة، وتتمثل إحدى العقبات الرئيسة التي يجب التغلب عليها، بالحاجة إلى كمية كبيرة من الطاقة المتجددة على مستوى العالم، نحو 1600 غيغاواط، وهو ما يمثّل 75% من القدرة المتجددة المثبتة حاليًا.

ويمثّل ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر عقبة كبيرة أمام الصناعة، ولجعل إنتاج الصلب القائم على الهيدروجين قابلًا للتطبيق، يجب خفض التكلفة بنسبة 60% تقريبًا، وسيتطلب ذلك دعمًا واستثمارًا حكوميًا، فضلًا عن تطوير بنية تحتية أكثر شمولًا للهيدروجين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.