اقرأ في هذا المقال
- التركيز على الطاقة الرخيصة المقدّمة للشركات والأفراد كلّف الحكومة مليارات الدولارات
- حكومة إبراهيم رئيسي تؤكد ضرورة معالجة دعم الغذاء والوقود
- دعم الطاقة في إيران يفيد في المقام الأول الأفراد الأكثر ثراءً
- من المرجّح أن تواجه الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الوقود تكاليف تشغيلية متزايدة
أدى دعم البنزين في إيران وتقديمه بأسعار معقولة لمواطنيها إلى الإسراف في الاستهلاك وزيادة التلوث، خصوصًا في المناطق الحضرية مثل طهران.
ولمعالجة هذه القضايا، تدرس الحكومة إجراء إصلاحات، بما في ذلك طرح بنزين “السوق الحرة” الأكثر تكلفة وتقليل الاعتماد على الواردات.
وقد شرعت الحكومة بتخفيضات تدريجية لدعم البنزين في إيران، ونفّذت برامج مساعدة اجتماعية مستهدفة منذ عام 2010 لتعزيز إنتاجية المنشآت وكفاءة البنية التحتية لمحطات توليد الكهرباء.
في المقابل، قد تؤثّر هذه الإصلاحات بشكل كبير في الشركات والمستهلكين، وخصوصًا أولئك الذين يعملون في القطاعات كثيفة استهلاك الوقود.
بالإضافة إلى ذلك، تقدّم إيران أكبر قدر من دعم الطاقة على مستوى العالم، حسبما ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا)، في مقال نُشر مؤخرًا.
وكان التركيز على الكهرباء رخيصة الثمن المقدّمة للشركات والأفراد لأكثر من 40 عامًا، ما كلّف الحكومة مليارات الدولارات.
وتؤكد حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، المحافظة ضرورة معالجة دعم الغذاء والوقود، خصوصًا في ظل استنزاف الخزائن بسبب العقوبات الأميركية.
ارتفاع استهلاك البنزين في إيران
بحسب وزير النفط جواد أوجي، ارتفع استهلاك البنزين في إيران خلال عطلة عيد النوروز بمقدار 7 ملايين لتر مقارنة بالعام الماضي.
وفي المدة من 19 مارس/آذار الماضي إلى 1 أبريل/نيسان الجاري، وُزِّع ما متوسطه 120.8 مليون لتر من البنزين في إيران، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 6% عن المدة نفسها من العام الماضي.
وبعد هذه العطلة، أعلن أوجي طرح بطاقات الوقود الشخصية لشراء البنزين، بحيث يقتصر استهلاك الأفراد على 160 لترًا، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ خلال 10 أيام.
إزاء ذلك، ثارت مخاوف بشأن خطة حكومة رئيسي لزيادة أسعار البنزين في إيران.
وأثار الإعلان الأخير بشأن بطاقات الوقود الشخصية مخاوف تتعلق بتأثيرها في النمط اليومي المعتاد للمواطنين والأعباء المالية.
ويمكن أن يؤثّر الارتفاع المتوقع في تكاليف الوقود لكل لتر ومحدودية مخصصات كل بطاقة، بشكل كبير، في السكان، وخصوصًا ذوي الدخل المنخفض.
ولمعالجة هذه المخاوف، يمكن للحكومة استكشاف إستراتيجيات مختلفة، بما في ذلك مبادرات المساعدة الاجتماعية المستهدفة التي تقدّم مساعدات مالية مباشرة أو مخصصات الوقود المدعومة للقطاعات المعتمدة على الوقود، مثل خدمات النقل والبناء والتوصيل.
النتائج المحتملة لتطبيق بنزين “السوق الحرة” في إيران
احتمال حدوث اضطرابات واحتجاجات مدنية: غالبًا ما أدت المحاولات السابقة للحكومة الإيرانية لرفع أسعار الوقود وخفض الدعم إلى احتجاجات واضطرابات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد.
ويتأثر السكان بقوة في زيادات تكاليف الوقود، إذ ينظرون إليها على أنها سلع أساسية.
التأثير المتباين في الفقراء: يفيد دعم الطاقة في إيران، في المقام الأول، الأفراد الأكثر ثراءً، ما يترك ذوي الدخل المنخفض يواجهون الصعوبات.
وقد يؤدي إلغاء هذا الدعم مع غياب شبكات أمان اجتماعي كافية إلى زيادة تفاقم عدم المساواة بين الأسر.
التأثير في الاقتصاد: قد تواجه الصناعات التي تعتمد على الوقود، مثل النقل والبناء وخدمات التوصيل، نفقات متزايدة؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع التكاليف على المستهلكين، وقد يؤثّر ذلك في قدرتها التنافسية وربحيتها.
وللتخفيف من هذه الآثار، قد تحتاج الحكومة الإيرانية إلى تقديم مساعدات مستهدفة وإستراتيجيات التعويض، وقد يشمل ذلك تقديم مساعدة نقدية مباشرة أو تقديم مخصصات وقود مدعومة لقطاعات محددة.
تحسين كفاءة الطاقة وخفض الاستهلاك
يُعدّ تحسين كفاءة الطاقة وخفض الاستهلاك من الأهداف الرئيسة لجهود إصلاح الدعم، وتشير الدراسات إلى أن أحد أهداف إصلاح الدعم هو تقليل استهلاك الطاقة المحلية والهدر.
ويمكن لطرح البنزين الأكثر تكلفة أن يحفّز المستهلكين والشركات على استعمال الطاقة بشكل أكثر كفاءة.
ومن الممكن أن يؤدي الاستثمار في توسيع البنية التحتية للنقل العام دورًا حاسمًا بتقليل الاعتماد على السيارات الشخصية وخفض استهلاك الوقود.
ومن شأن هذا النهج أن يخفف من الازدحام المروري وتلوث الهواء، خصوصًا في المراكز الحضرية، مثل طهران.
إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز ممارسات كفاءة استعمال الطاقة مثل اعتماد السيارات الكهربائية وتعزيز معايير كفاءة استهلاك الوقود يمكن أن يؤدي إلى خفض الاستهلاك الإجمالي للوقود وتخفيف الطلب على البنزين المدعوم.
سياسة بطاقة الوقود
يُعدّ الإعلام الحكومي الشفاف فيما يتعلق بالسبب الجوهري وراء سياسة بطاقة الوقود والخطوات المتخذة للتخفيف من تأثيرها أمرًا بالغ الأهمية، ومن شأن هذه الشفافية أن تخفّف من الارتباك والقلق العام.
من ناحية ثانية، فإن إنشاء نظام للرصد والتقييم المنتظم لتأثيرات هذه السياسة لدى المواطنين والشركات من شأنه تمكين إجراء تعديلات سريعة في حالة حدوث عواقب غير مقصودة.
ومن شأن تنفيذ هذه التدابير أن يمكّن الحكومة الإيرانية من المعالجة الفاعلة للآثار السلبية المحتملة لسياسة بطاقة الوقود، وتسهيل انتقال أكثر سلاسة نحو نظام دعم الوقود أكثر استدامة وكفاءة.
وتثير السياسة الجديدة لحكومة “رئيسي” المتعلقة ببطاقات الوقود الشخصية وتخفيض مخصصات البنزين المدعومة مخاوف كبيرة بشأن تأثيرها في حياة المواطنين ونفقاتهم اليومية، فضلًا عن احتمال حدوث اضطرابات مدنية وعواقب على الشركات.
ولذلك، ستحتاج الحكومة إلى إدارة تنفيذ هذه السياسة بعناية، وتوفير تدابير الدعم الكافية، للتخفيف من هذه المخاوف.
وأثار الإعلان الأخير للحكومة الإيرانية بشأن بطاقات الوقود الشخصية والإصلاحات المحتملة لسياسات دعم الوقود قلقًا كبيرًا بين المواطنين والشركات.
وعلى الرغم من أن أهداف الحدّ من الاستهلاك المسرف وتعزيز الكفاءة الاقتصادية ما تزال حاسمة، فمن الضروري تقييم العواقب الاجتماعية والاقتصادية المحتملة وتوفير الدعم الكافي للفئات السكانية الضعيفة خلال المرحلة الانتقالية.
إضافة إلى ذلك، فإن احتمال زيادة أسعار البنزين في إيران يؤدي إلى تفاقم هذه المخاوف، إذ إن مثل هذه الارتفاعات غالبًا ما يثير احتجاجات واضطرابات اجتماعية واسعة النطاق، وخصوصًا بين الفئات السكانية ذات الدخل المنخفض.
الإصلاحات المحتملة
بالنظر إلى أن حكومة رئيسي تفكر في الإصلاحات المحتملة، يجب عليها أن تأخذ في الحسبان التداعيات المحتملة على مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ من المرجح أن تواجه الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الوقود تكاليف تشغيلية متزايدة وزيادات محتملة في أسعار المستهلك.
وللتغلب على هذه التحديات، من الضروري وضع استراتيجية شاملة، تشمل مبادرات الدعم الاجتماعي المستهدفة، والإعلام الشفاف، والمراقبة اليقظة لتأثيرات السياسات.
ومن خلال هذه التدابير، تستطيع إيران متابعة الإصلاح الاقتصادي، مع تخفيف الآثار السلبية على مواطنيها، وضمان انتقال أكثر سلاسة إلى إطار اقتصادي مستدام.
* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001“.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..