كشفت رائدة الطاقة النووية الروسية روساتوم (Rosatom) النقاب عن تقنية جديدة لمعالجة الوقود النووي المستعمل، لتخطو بذلك خُطوة جديدة في مجال مواجهة معضلة النفايات المشعة، عبر حرقها في المفاعلات.

وتعتمد الشركة على ما يُطلق عليه “تقنية التبلور” (Crystallization)، التي من المتوقع أن تصبح المرحلة النهائية في عملية تنقية المواد النووية المعزولة من وقود اليورانيوم والبلوتونيوم والنبتونيوم المشع.

وتقنية التبلور هي عملية فصل من أجل الحصول على بلورات نقية لمادةٍ ما من خليط غير نقي.

وزادت صادرات روسيا من التقنيات النووية -من بينها الوقود النووي- بنحو الضعف خلال العامين الماضيين، وذهبت أكثر من ثلث تلك الصادرات خلال العام الماضي (2023) إلى دولتين غربيتين تقدمان الدعم العسكري إلى أوكرانيا؛ الولايات المتحدة وفرنسا.

وقفزت الصادرات النووية الإجمالية لروسيا من 1.6 مليار دولار إلى 3.1 مليار دولار بين عامي 2021 و2023، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

تقنية جديدة

قالت روساتوم، إن العلماء في قسم الوقود ومشروع بروريف (Proryv) التابعين لها طوروا تقنية جديدة من المقرر أن تُنفّذ في المنشأة المخصصة لإعادة معالجة وقود اليورانيوم والبلوتونيوم المشع (SNUP).

وتُعد هذه المنشأة جزءًا من مجمع الطاقة النووية التجريبي أو دي إي كيه (ODEK) الجاري بناؤه في الموقع الخاص بمجمع سيبيريا الكيميائي الواقع في مدينة سيفرسك غرب سيبيريا، وفق ما أورده موقع وورلد نيوكلير نيوز (World Nuclear News) المتخصص.

ويستهدف مشروع بروريف الذي تنفذه روساتوم تطوير تقنية دورة الوقود النووي المغلقة، ما يسدل الستار، في النهاية، على النفايات المشعة الخطرة المُنتَجة خلال عملية توليد الطاقة النووية.

وخلال دورة الوقود النووي المغلقة، يُرسَل الوقود المستهلك إلى منشأة المعالجة عقب تبريده في الموقع، ويُعاد تدوير اليورانيوم ليصبح جديدًا، غير أنه لا يمكن إعادة تدوير الوقود النووي سوى مرة واحدة فقط مع تلك التقنية المستعملة حاليًا.

أما في دورة الوقود المفتوحة، فتُستعمَل حزم أعمدة الوقود مرة واحدة فقط، ثم تُخزن الحزم المستعملة داخل المحطة مؤقتًا لتبريدها قبل إرسالها إلى منشأة التخزين المؤقتة أو طويلة الأمد.

ويتألف مجمع الطاقة التجريبي من وحدة إنتاج/إعادة تصنيع وقود تهدف إلى إنتاج وقود اليورانيوم والبلوتونيوم الكثيف (النتريد) للمفاعلات السريعة، إلى جانب محطة طاقة نووية مزودة بمفاعل نيوتروني سريع مبرد بالرصاص من طراز BREST-OD-300 ووحدة لإعادة معالجة الوقود المستعمل.

عمال داخل مجمع الطاقة النووي التجريبي “أو دي إي كيه” – الصورة من www.neimagazine

معايير أمان عالية

قالت روساتوم، إن تقنية التنقية بالتبلور ستضمن مستوى عاليًا من الأمان في أثناء معالجة الوقود النووي المستعمل، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضافت: “العملية التقنية ستتيح إمكان تنقية وعزل اليورانيوم و النبتونيوم بصفتهما مُنتَجًا واحدًا، ولذا فإن التقنية تتسق بصورة كاملة مع نظام حظر الانتشار النووي”.

وأشارت الشركة الروسية إلى أنه إضافة إلى تقنيات الاستخلاص المُستعمَلة في تنقية المواد النووية، تأتي تقنية التبلور مصحوبة بإنتاج كمية صغيرة من النفايات الثانوية، لأسباب عدة، من بينها استعمال محاليل حمض النيتريك فقط ككواشف.

وتابعت: “وهذه التقنية ستحسّن معايير السلامة البيئية لعملية إعادة معالجة الوقود النووي”.

وتتسم تقنيات إعادة معالجة الوقود المشع بأهمية خاصة بالنسبة إلى غلق دورة الوقود النووي في مجمع الطاقة التجريبي.

وسترسل المواد المفصولة من الوقود النووي المستعمل، بعد إعادة المعالجة، لتصنيع الوقود الجديد.

وبعد ذلك سيصير هذا النظام -تدريجيًا- مستقلًا بصورة عملية ومستقلًا عن إمدادات الطاقة الخارجية، وفق ما ذكرته روساتوم.

مفاعل نووي
مفاعل نووي – الصورة من xceed

روسيا تهيمن

عادت الطاقة النووية إلى الواجهة مجددًا مع سعي الدول إلى فطم نفسها عن النفط والغاز الروسيين للحد من الانبعاثات، غير أن هذا قد أدى إلى تزايد الاعتماد على شركة روساتوم، المملوكة للحكومة في روسيا.

وبينما تمتلك دول أخرى، بما في ذلك كندا وأستراليا، مناجم يورانيوم واحتياطيات كبيرة من هذا المعدن الإستراتيجي، ما تزال موسكو تهيمن على سعة المعالجة، خاصة المعالجة التجارية لليورانيوم المنخفض التخصيب مرتفع الكثافة والتحليل هالو (HALEU)، وهو النوع الذي تستعمله المفاعلات الحديثة الأكثر تقدمًا.

وتستأثر روساتوم بما نسبته 16.3% من سوق الوقود النووي العالمية، علمًا بأن الشركة لم تخسر أي مناقصة لتوريد هذا الوقود خلال 10 سنوات.

وتغطي شركة الوقود تفيل (TVEL) التابعة لشركة روساتوم احتياجات جميع محطات الطاقة النووية الروسية من الوقود النووي بالكامل، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

كما أنها توفر الوقود النووي إلى 73 مفاعلاً نوويًا (من أصل أكثر من 440) تعمل في 13 دولة (من أصل 30).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.