تحافظ سوق الحفر البحري على استقرارها أمام المستجدات والمتغيرات التي تواجهها صناعة النفط والغاز العالمية، وتواصل المنصات الاستجابة لطلب برامج التنقيب رغم التحديات.
وبحسب قراءة أجرتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتصريحات مسؤول شركة ضمن أكبر 10 مقاولي حفر بحري العام الماضي 2023، فإن هناك 3 عوامل رئيسة كانت “قوية، لكن بتأثير محدود” في السوق.
وتتمثل العوامل الـ3 في: تعثُّر خطط التطوير عدد من كبريات الشركات مثل أرامكو السعودية، وتوقعات الطلب العالمية وأسعار النفط، بالإضافة إلى الاندفاع نحو وقود أقل في معدل الانبعاثات، وكذلك الطاقة النظيفة والمتجددة.
وقلّل الرئيس التنفيذي لشركة فالاريس (Valaris) -التي تأسست في أميركا، وتتخذ من بريطانيا مقرًا حاليًا لها- أنطون ديبويتز من تأثير هذه العوامل في سوق الحفر البحري، بل على العكس، رجّح إمكان ارتفاع عقودها في الآونة المقبلة، إضافة إلى أسعار المنصات.
تراجع التنقيب.. أرامكو نموذجًا
تعدّ التعديلات في برامج الشركات من أكبر المؤثرات في سوق الحفر البحري، وأبرز مثال على ذلك ارتباك عقود المنصات عقب قرار شركة أرامكو السعودية بوقف خطة زيادة إنتاج النفط إلى 13 مليون برميل يوميًا بحلول 2027.
وعقب القرار المعلَن نهاية يناير/كانون الثاني، والاتجاه لتطوير الغاز الطبيعي والمسال، علّقت أرامكو عمل 22 منصة حفر خلال العام الجاري 2024.
وتعدّ مشروعات أرامكو أكبر سوق عالمية لمقاول الحفر “فالاريس”، ورغم ذلك قال الرئيس التنفيذي أنطون ديبويتز، إنه يمكن إدارة المنعطف المترتب على قرار أرامكو مع بعض التغييرات في الأسعار لجذب المزيد من شركات التنقيب.
وانعكس ذلك على سوق الحفر البحري، لكن بشكل محدود، إذ تشارك منصات شركة “فالاريس” بنسبة كبيرة في خطط التنقيب وبرامج تطوير أرامكو، وأوضح “ديبويتز” أن (بعض) هذه المنصات نُقِلَ إلى السوق الدولية عبر تعاقدات جديدة.
وأوضح ديبويتز أن مستوى أسعار تعاقدات المنصات، في نطاق 150 ألف دولار يوميًا، ساعد في التعامل مع تداعيات قرار أرامكو، لافتًا إلى أن شركة “فالاريس” تنشر منصاتها -أيضًا- في ترينيداد وتوباغو وأستراليا، حيث تشهد أسعار المنصات ذاتية الرفع زيادة.
ورغم قوة تداعيات قرار أرامكو، فإن الشركة لم تكن الوحيدة التي علّقت برامج الحفر، إذ شهدت خطط عدّة وبرامج تطوير للمياه العميقة تأجيلًا لأشهر أو لمدة قد تصل إلى عام.
الطلب وسوق النفط
قال الرئيس التنفيذي لـ”فالاريس” أنطوني ديبويتز، إن ركود بعض المنصات وعدم إشغالها في تنفيذ عقود لا يعني بالضرورة ضعف سوق الحفر البحري، مشيرًا إلى أن إرجاء بعضهم مشروعات التنقيب والتطوير هو أمر يتعلق ببعض الشركات، وليس اتجاهًا عامًا للسوق.
وكشف أن أسطول “فالاريس” يضم 53 منصة، تشمل 35 منصة ذاتية الرفع جاك أب (Jack-Ups) تعمل في المياه الضحلة، و18 منصة تؤدي مهام في المياه العميقة، بالإضافة إلى منصات أخرى تنتمي للجيل السابع ذي المواصفات عالية الكفاءة.
ورغم أن التعاقدات الحالية للشركة لا تغطي أسطول “فالاريس” ومقاولين آخرين بالكامل، فإن “ديبويتز” يرى أن سوق الحفر البحري ما زالت قوية ومستقرة، حسب ما نقلته إس أند بي غلوبال (S&P Global) عن تصريحات له في مؤتمر باركليز في نيويورك.
ودلّل ديبويتز على رؤيته بمتانة اقتصاد النفط البحري ومستويات أسعار الخام التي تراوحت مؤخرًا بين 85 و75 دولارًا، مشيرًا إلى أن تراجع الأسعار إلى معدل أكبر لن يؤثّر في جاذبية سوق الهيدروكربونات.
ويبدو أن توقعات الطلب على النفط والغاز المستقبلية كان المعيار الرئيس لرؤية الرئيس التنفيذي لشركة الحفر، رغم الضغوط السعرية للخام.
الاندفاع المتجدد وسوق المنصات
تمسَّك “أنطوني ديبويتز” بتوقعات نمو الطلب على النفط والغاز، رغم توسعات مشروعات الوقود المتجدد والبدائل الأكثر نظافة.
ورجّح أن الطلب العالمي المستقبلي على النفط سيصل إلى 113 مليون برميل يوميًا، ارتفاعًا من 102 مليون برميل يوميًا في الآونة الحالية.
ويبدو أن التوسعات المتجددة، والتركيز على استعمال الغاز الطبيعي والمسال مقابل تقليص استهلاك النفط الخام، لم ينجحا في إرباك سوق الحفر البحري وخطط وبرامج التنقيب.
وعلى النقيض من ذلك، أيّد ديبويتز توقعات ارتفاع أسعار منصات الحفر، موضحًا أن أسعار منصات الحفر شبه الغاطسة وسفن الحفر تدرجت من 200 ألف دولار يوميًا مطلع عام 2021، إلى 450 ألف دولار العام الماضي.
وتوقّع أن ترفع الزيادة المرتقبة أسعار منصات الحفر إلى مستويات تدور في نطاق 400 و500 ألف دولار يوميًا، وقد تقفز إلى 800 ألف دولار يوميًا، مع احتساب معدل التضخم للأسعار قبل 10 سنوات.
وكشف ديبويتز أن نهاية العام المقبل ومطلع عام 2026 سيشهدان إطلاق 30 برنامج حفر، دون كشف المزيد من التفاصيل.
وأشاد بأداء منصات سوق الحفر البحري في المياه العميقة، التي تعدّ منطقة جذب للمطورين، لانخفاض تكلفتها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..