شهدت تدفقات النفط الروسي إلى آسيا رحلة مثيرة للكثير من التساؤلات خلال شهر أغسطس/آب الجاري (2024)، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ورصدت صور الأقمار الاصطناعية ومنصات التتبع تحول مسار اثنتين من ناقلات النفط الروسي بعيدًا عن طريق البحر الأحمر، في إشارة إلى أنهما ربما ليستا بمأمن من هجمات الحوثيين أو تجنبتا قناة السويس هربًا من العقوبات الأميركية بسبب خرق السقف السعري.
وتقول جماعة الحوثي المسلحة إنها تستهدف الضغط على إسرائيل وداعميها من خلال هجماتها على السفن، من أجل وقف الحرب المستمرة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول (2023).
وفي الوقت الذي علّقت فيه شركات عالمية المرور عبر الطريق الشائك، توصلت الصين وروسيا إلى تفاهمات مع الحوثيين، للسماح للسفن التابعة لهما بالمرور دون التعرض لهجوم، في مقابل دعم سياسي للجماعة.
وفي تطور مفاجئ، استهدف الحوثيون في 12 و26 يناير/كانون الثاني (2024)، ناقلات تحمل الوقود والنفط الروسي.
ناقلات النفط الروسي
كانت الناقلتان من فئة ناقلات قناة السويس “أبوس” (Apus) و”أرلان” (Arlan) قادمتين من ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود في روسيا، وعلى متن كل منهما مليون برميل من النفط الروسي.
وكان من الممكن -من الناحية النظرية- أن تمر الناقلتان عبر طريق قناة السويس ثم التحرك جنوبًا باتجاه الطريق الذي يسيطر عليه الحوثيون.
ثم نقلت السفينتان الشحنتين إلى ناقلة النفط العملاقة “ذا غولد بيرل” (The Gold Pearl) بالقرب من ميناء بورسعيد بمصر في مطلع شهر أغسطس/آب الجاري (2024).
واستمرت عملية نقل شحنة النفط من الناقلة أبوس إلى “ذا غولد بيرل” بين يومي 6 و8 أغسطس/آب.
في المقابل، كانت بيانات نقل شحنة الناقلة “أرلان” مخفية، لكن صورًا التقطتها الأقمار الاصطناعية كشفت أنها كانت تسير جنبًا إلى جنب مع الناقلة “ذا غولد بيرل” قرب سيدي كرير في مصر يوم 10 أغسطس/آب، وبعد أيام قليلة على نقل الشحنة، وجدت أنظمة التتبع الرقمية أنها قريبة من إسرائيل.
وبعد مغادرة ميناء بورسعيد في 11 أغسطس/آب، جرى تحديث بيانات الناقلة “ذا غولد بيرل”، لتظهر عبر أنظمة التتبع أنها محملة عن آخرها بالنفط، وهي الآن في طريقها إلى سنغافورة.
وقبل ذلك توقفت في البحر المتوسط بإسبانيا ومالطة، إذ اقتربت من ناقلة يُحتمل أنها زوّدت “ذا غول بيرل” بالوقود.
ولا يُعرف سبب تغيير طريق الناقلتين ونقل شحنتيهما إلى ناقلة أكبر، وما إذا كان الغرض منه الابتعاد عن طريق البحر الأحمر لتجنّب التعرض لنيران الحوثيين من عدمه، غير أن شحنات أخرى من النفط الروسي تعبر الطريق نفسه في الوقت الحالي.
وربما يُبرر سبب نقل الشحنات إلى ناقلة أكبر للسير عبر طريق أطول إذا كانت الصين هي الوجهة النهائية لشحنة النفط الروسي، وفق تقرير لوكالة بلومبرغ.
وتلك ليست المرة الأولى التي تجري فيها عمليات نقل شحنات النفط الروسي بين الناقلات، وشهد مطلع شهر أغسطس/آب أيضًا نقل 730 ألف برميل من خام الأورال كانت على متن الناقلة أرابيلا (Arabela) القادمة من ميناء بريمورسك إلى الناقلة “لايف” (Life)، إذ نُقلت الشحنات إلى ميناء قريب من مدينة إسطنبول التركية.
تحايل على العقوبات الأميركية
شهد أسطول ناقلات النفط الروسي واقعة أخرى كانت بطلتها الناقلة “فيكتور باكييف” (Victor Bakaev) التي كانت قادمة من ميناء بريمورسك الروسي في 21 يوليو/تموز (2024) وعلى متنها 732 ألف برميل من خام الأورال.
وقبل وصولها إلى الصين في 19 أغسطس/آب (2024)، سلكت الناقلة طريق المحيط الشمالي المتجمد وبحر بارنتس، وفق تقرير لوكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال” (spglobal) الذي رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتلك هي أولى رحلات الناقلة منذ إعلان الولايات المتحدة إدراجها على القوائم السوداء، بسبب تجاوز شحناتها السقف السعري الذي أقرته دول الغرب عند 60 دولارًا للبرميل ضمن حزمة عقوبات لتحجيم قدرات موسكو على تمويل الحرب على أوكرانيا، التي بدأت في فبراير/شباط (2022).
ويتطلّب ممر الملاحة الشمالي الرابط بين آسيا وأوروبا، ناقلات خاصة يُطلق عليها ناقلات جليدية قادرة على التكيف مع برودة المياه المتجمدة.
النفط الروسي إلى الصين
انخفضت واردات الصين من النفط الروسي في يوليو/تموز (2024) بنسبة 7.4% على أساس سنوي إلى 7.46 مليون طن.
ويمثّل ذلك أدنى مستوى لواردات الصين من خامات موسكو منذ شهر سبتمبر/أيلول (2022)، وفق تقرير لوكالة رويترز.
وخفّضت المصافي الصينية حجم مشترياتها من الخام خلال الشهر الماضي، بسبب تراجع الطلب الكلي باستثناء وقود الطائرات وتراجع هوامش الأرباح.
ورغم الانخفاض، ظلت روسيا أكبر مصدري النفط إلى الصين، وضمن قائمة المصدّرين الآخرين المملكة العربية السعودية وماليزيا والعراق وسلطنة عمان والبرازيل والإمارات وأنغولا والكويت والولايات المتحدة على الترتيب.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..