تقع شركات الطاقة الشمسية الصينية بين مطرقة الطاقة الإنتاجية الفائضة محليًا وسندان الرسوم الجمركية التي تطارد صادراتها بالسوق الأميركية.

وبحسب تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سجلت أكبر شركات الطاقة الشمسية في الصين والعالم “لونغي غرين إنرجي تكنولوجي” (Longi Green Energy Technology) رابع خسائر فصلية في الربع الثالث 2024، حيث خسرت 177 مليون دولار.

وفي مواجهة الأزمة المزدوجة، اتجهت بعض الشركات الكبرى إلى الاستثمار في دول أخرى مثل إندونيسيا ولاوس، حيث زادت واردات الولايات المتحدة منها إلى 246 مليون دولار و48 مليون دولار على التوالي خلال أول 8 أشهر من العام الجاري (2024).

وأعلنت شركة “جينكو سولار” الصينية (JinkoSolar) إبرام اتفاق بقيمة مليار دولار لبناء مصنع خلايا وألواح شمسية في السعودية بقدرة 10 غيغاواط.

الرسوم الجمركية الأميركية

تخشى الولايات المتحدة من “إغراق” سوقها المحلية بواردات الطاقة الشمسية الصينية الرخيصة، ما يضرّ بإرساء سلسلة توريد مستقلة وموثوقة تدعم هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وكانت الولايات المتحدة رائدة عالمية بصناعة الطاقة الشمسية، لكن بعد مرور عقدين أصبحت الصين تستحوذ على قرابة 80% من إجمالي الصادرات العالمية، وفق وكالة رويترز.

ووجّهت واشنطن عدّة ضربات للصناعة الصينية في صورة رسوم جمركية على الواردات، وكانت البداية في عام 2012، وفي 2018 أعلن الرئيس حينئذٍ دونالد ترمب فرض رسوم جمركية على كل واردات الخلايا والألواح من كل بلدان العالم.

وفي العام الماضي (2023)، فُرض على المنتجات الصينية رسوم إضافية بنسبة 25%، لتنخفض حصة الولايات المتحدة في صادرات الطاقة الشمسية من الدولة الأسيوية إلى أقل من 1%.

عاملتان داخل مصنع للألواح الشمسية – الصورة من وكالة أسوشيتد برس

ومنذ 2012، تضاعفت واردات الولايات المتحدة من مكونات الطاقة الشمسية، لتسجل قيمتها بالعام الماضي 15 مليار دولار.

وتقريبًا، لم تستورد الولايات المتحدة شيئًا من الصين في 2023، لكن 80% من الواردات جاءت من فيتنام وتايلاند وماليزيا وكمبوديا التي تحتضن على أراضيها شركات صينية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول (2024)، أدركت الولايات المتحدة هذه الحقيقة، وفرضت رسومًا جمركية على واردات الطاقة الشمسية من الدول الأسيوية الـ4 المذكورة.

وبفعل تلك الرسوم الجمركية، اضطرت بعض كبريات الشركات الصينية في فيتنام إلى خفض الإنتاج وتسريح العمال.

شركات الطاقة الشمسية الصينية

بعيدًا عن رادار الرسوم الجمركية الصينية، اتجه عدد من شركات الطاقة الشمسية الصينية إلى لاوس وإندونيسيا لبناء مصانع جديدة تكفي قدراتها الإنتاجية لتزويد الولايات المتحدة بنحو نصف الألواح المركبة في العام الماضي.

وبدأ الإنتاج في 4 مصانع صينية، أو تربطها علاقات بالصين، لإنتاج الخلايا والألواح في إندونيسيا وفيتنام خلال الشهور الـ18 الماضية، كما أُعلِنَت إقامة مصنعين آخرين، بإجمالي قدرات 22.9 غيغاواط..

وسيتجه معظم ذلك الإنتاج إلى الولايات المتحدة التي اشتكت مصانعها من عدم القدرة على المنافسة غير العادلة مع الواردات الصينية الرخيصة.

وتفصيليًا، أعلنت شركة “ثورونوفا سولار” (Thornova Solar) -التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، وتمتلك 4 مصانع في فيتنام والصين- بناء مصنعين جديدين في إندونيسيا، بقدرة إنتاج مجمعة 5 غيغاواط، موجّهين لأميركا الشمالية.

وسيدخل مصنع جديد تابع لشركة ترينا سولار الصينية (Trina Solar) بقدرة إنتاج 1 غيغاواط حيّز الإنتاج بنهاية عام 2024، وسيشهد توسعات إضافية، كما تمتلك شركة ليسو غروب الصينية (Lesso Group) مصنعًا بقدرة إنتاج 2.4 غيغاواط.

وفي العام الماضي، أعلنت شركة “نيو إيست سوار” المرتبطة بالصين (New East Solar) بناء مصنع بقدرة 3.5 غيغاواط لإنتاج الخلايا والألواح.

وتضاعفت واردات أميركا من الطاقة الشمسية من إندونيسيا إلى 246 مليون دولار حتى أغسطس/آب (2024).

وفي لاوس، افتتحت شركة “إمبريال ستار سولار” -أصولها صينية، ويتركّز إنتاجها في كمبوديا- مصنعًا لإنتاج الرقائق في مارس/آذار 2024 بقدرة 4 غيغاواط.

كما افتتحت شركة “سولار سبيس” (SolarSpace) مصنعًا بقدرة 5 غيغاواط في سبتمبر/أيلول 2023، لكنها نفت أن يكون له علاقة بالرسوم الجمركية الأميركية.

وحتى أغسطس/آب 2024، ارتفعت واردات معدّات الطاقة الشمسية في أميركا من لاوس إلى 48 مليون دولار.

وتراهن الحكومة الصينية بقيادة شي جين بينغ على تحفيز صناعات الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم التي تُوصف بالقوى الإنتاجية الجديدة.

كما سهّلت الصين القروض، وخصصت الأراضي، وقدّمت إعانات ومحفزات، ومع تدنّي الأجور تحولت الدولة الآسيوية إلى عملاقة عالمية.

ورغم الإيجابيات السابقة، تحولت الشركات إلى الخسارة بفعل المنافسة الشرسة التي دفعت بعضها إلى البيع بسعر أقل من التكلفة؛ ما حدا بالسلطات إلى التدخل، محذّرةً من أنها “ممارسة ترقى إلى حدّ انتهاك القانون”.

مصنع ألواح شمسية
مصنع ألواح شمسية – الصورة من موقع شركة جينكو سولار

الانتخابات الأميركية

وصف المسؤول التجاري السابق في حكومة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وكبير المستشارين في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ويليام إيه راينش، العلاقات التجارية الصينية الأميركية في هذا الصدد بـ”لعبة قط وفأر” كبيرة.

واجتذب موضوع الرسوم الجمركية على واردات الطاقة الشمسية الصينية اهتمام المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستنطلق غدًا الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر/تشرين الثاني (2024).

ويقترح المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب زيادة الرسوم الجمركية على كل واردات الولايات المتحدة لتحفيز الصناعة المحلية، لتصل النسبة إلى 60% على أيّ سلع صينية.

وفي الناحية الأخرى، ترى المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس أن مقترح ترمب سيرفع التكاليف على المواطنين.

ويؤيد النواب من الحزبين فرض رسوم جمركية أشد صرامة على واردات الطاقة الشمسية الصينية لحماية سلسلة التوريد المحلية، وخاصة في حالة اللجوء إلى دول أخرى لانتهاك القانون الأميركي.

وتقيم شركات الطاقة الشمسية الصينية مصانع لها على الأراضي الأميركية، للاستفادة من الحوافز التي يقدّمها قانون خفض التضخم.

وخلال العام المقبل (2025)، من المتوقع وصول قدرات إنتاج مصانع الطاقة الشمسية الصينية في الداخل الأميركي إلى 20 غيغاواط على الأقل، وهو ما يكفي لتلبية نصف الطلب المحلي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.