أعلنت شركة سيارات كهربائية إفلاسها، في خطوة تكشف الغموض الذي يحيط بمستقبل المركبات النظيفة، التي عوّلت عليها العديد من الدول الغربية لتأدية دور حيوي في خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.

ووفق بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تقدمت شركة فيسكر (Fisker) لصناعة السيارات الكهربائية بطلب للحماية من الإفلاس، بعد عدم توصلها إلى اتفاق بشأن الاستثمار مع إحدى شركات صناعة السيارات الكبرى.

وتُعد فيسكر واحدة من شركات السيارات الكهربائية التي عانت أزمة سيولة، وطاردها شبح الإفلاس خلال الأشهر الأخيرة، ما دفعها إلى اتخاذ قرارها النهائي في ظل عدم قدرتها على مواصلة العمل دون تأمين شراكة تضمن ضخ سيولة بها.

وكانت شركة نيسان اليابانية Nissan قد أجرت في شهر مارس/الجاري محادثات مع فيسكر، شركة سيارات كهربائية أميركية، لضخ استثمارات بها، إلا أنه لم يجرِ التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

أصول فيسكر

أدرجت فيسكر أصولًا تتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار، وديونًا بين 100 مليون و500 مليون دولار، في طلب للحماية من الإفلاس قدمته في 17 يونيو/حزيران في ولاية ديلاوير.

ويوفر تقديم الطلب الحماية لشركة صناعة السيارات الكهربائية من الدائنين، في حين تعمل على وضع خطة لسداد ديونها.

سيارة فيسكر الكهربائية – الصورة من موقع الشركة

وطلبت شركة صناعة السيارات الكهربائية الحماية من الإفلاس، بعد أن أعلنت في وقت سابق تحقيق أرباح أقل من المتوقع، وخططًا لتسريح 15% من قوتها العاملة.

وتسعى شركة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية لبيع أصولها وإعادة هيكلة ديونها، بعد أن استسلمت لاستنزاف سريع للأموال لتسليم سياراتها الرياضية متعددة الاستعمالات “أوشن” في الولايات المتحدة وأوروبا.

وكانت الشركة الأميركية قد أعلنت في فبراير/شباط أن قدرتها على مواصلة العمل قد تتعرض لـ”شكوك كبيرة” إذا لم تتمكن من تأمين تمويلات أكثر.

صناعة السيارات الكهربائية

يأتي إشهار إفلاس فيسكر في وقت تعاني فيه صناعة السيارات الكهربائية التكيف مع تباطؤ المبيعات في الولايات المتحدة وأوروبا وضعف طلب المستهلكين.

وعلى الرغم من استمرار قوة الحماس للسيارات الكهربائية، ستستحوذ الصين على نحو 60% من مبيعات السيارات الكهربائية العالمية خلال 2024.

وعانت شركة “فيسكر” مشكلات في الإنتاج وعيوبًا تقنية، وخفّضت مستهدف الإنتاج الاسترشادي العام الماضي، وكانت تسير على خطى عدد من الشركات الناشئة الأخرى في مجال السيارات الكهربائية التي أعلنت إفلاسها، بما فيها “تشارج إنتربرايسز” (Charge Enterprises)، التي تنشئ محطات شحن للسيارات الكهربائية، وتقدمت بطلب حماية من الإفلاس بموجب الفصل 11 في مارس/آذار.

وتعرّضت عدد من شركات صناعة السيارات الكهربائية للإفلاس خلال العامين الماضيين، مثل بروتيرا (Proterra) ولوردستون (Lordstown) وإلكتريك لاست ميل سوليوشنز (lectric Last Mile Solutions)، بسبب استنفاد الاحتياطيات النقدية وعقبات جمع الأموال والتحديات في زيادة الإنتاج بسبب مشكلات سلسلة التوريد العالمية.

وتتزامن مشكلات الشركة مع جهود عامة لدى شركات صناعة السيارات لإعادة ترتيب أوضاعها، من خلال كبح استثمارات السيارات الكهربائية وسط تباطؤ نمو المبيعات، أو بذل جهود للعثور على التمويل في سوق أكثر تشددًا.

وكانت الشركة التي أسسها مصمم السيارات هنريك فيسكر، أثارت شكوكًا حول قدرتها على البقاء في العمل خلال فبراير/شباط، وبعد شهر، فشلت محاولاتها لتأمين استثمار من شركة صناعة سيارات كبيرة، ما أجبرها على كبح العمليات.

وقال فيسكر، في بيان بوقت مبكر من يوم الثلاثاء: “مثل الشركات الأخرى في صناعة السيارات الكهربائية، واجهنا العديد من الرياح المعاكسة في السوق والاقتصاد الكلي التي أثرت في قدرتنا على العمل بكفاءة”.

وأضافت: “بعد تقييم جميع الخيارات المتاحة لأعمالنا، قررنا أن المضي قدمًا في بيع أصولنا بموجب الفصل 11 هو المسار الأكثر قابلية للتطبيق بالنسبة إلى الشركة”، حسبما ذكرت رويترز.

وبعد فشل فيسكر في الحصول على تمويل من شركة صناعة سيارات كبيرة -التي ذكرت رويترز أنها شركة صناعة السيارات اليابانية نيسان- بدأت استكشاف الخيارات، بما في ذلك إعادة الهيكلة داخل المحكمة أو خارجها ومعاملات أسواق رأس المال. وأوقفت الشركة التصنيع والاستثمار في المشروعات المستقبلية حتى حصلت على شراكة في مجال السيارات، وقالت إنها ستخفّض قوتها العاملة بنحو 15%.

وأنتجت شركة فيسكر أكثر من 10 آلاف مركبة في عام 2023، وهو أقل من ربع توقعاتها، لكنها سلمت نحو 4 آلاف و700 مركبة فقط، وتخضع سياراتها للتحقيق التنظيمي بسبب حوادث معينة، بما في ذلك التحقيق الذي بدأته هيئة تنظيم سلامة السيارات الأميركية خلال الشهر الماضي.

سيارة فيسكر الكهربائية
سيارة فيسكر الكهربائية – الصورة من موقع الشركة

مستقبل صناعة السيارات الكهربائية

يكشف إفلاس شركة فيسكر الغموض الذي يحيط بمستقبل صناعة السيارات الكهربائية، التي انتعشت خلال المدة الماضية بفضل الدعم الحكومي وإعفائها من الضرائب.

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن السيارات الكهربائية أصبحت لها انعكاسات على أشياء كثيرة في حياة البشر خلال السنوات القليلة الماضية.

وقال، خلال حلقة من برنامج “أنسيّات الطاقة”، تحت عنوان “هل ستنفجر فقاعة السيارات الكهربائية؟”، إن هناك تطورات كبيرة حدثت مؤخرًا في مجال صناعة السيارات الكهربائية قد تكشف حقيقة انتشارها، من بينها أن الدول بدأت تفكر في فرض ضرائب عليها بعد سنوات من حصولها على إعانات، ما حمّل ميزانيات الدول أعباءً كبيرة.

وكشف الحجي عن أنه في الولايات المتحدة وحدها توجد 17 ولاية تفرض ضرائب إضافية على السيارات الكهربائية، فضلًا عن ارتفاع أسعار النحاس بصورة كبيرة، وهو ما أدى إلى قطع اللصوص أسلاك الكهرباء لشواحن السيارات الكهربائية في أماكن وجودها.

وأشار الحجي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على السيارات الكهربائية، إذ إنه في بعض الدول الأوروبية يبلغ ما يعادل 8 آلاف دولار سنويًا، وهو رقم ضخم للغاية بالنظر إلى مختلف التكاليف الأخرى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.