تلقّت صناعة الوقود الحيوي في أوروبا ضربة جديدة من شركة النفط متعددة الجنسيات شل (Shell)، التي أعلنت وقف مشروع لإنتاج وقود الطيران المستدام في السويد والذي كانت قد أطلقته عام 2021 بالتعاون مع شركة فاتنفول السويدية (Vattenfall).

ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، سبق ذلك قرار مماثل اتخذته شل في مطلع يوليو/تموز 2024، بإغلاق أحد أكبر مصانع الوقود الحيوي في أوروبا والذي تحتضنه هولندا، بسبب ما سمّته “مخاوف تتعلق بالجدوى الاقتصادية”.

يأتي ذلك خلال وقت يواجه فيه صناع الوقود الحيوي بأوروبا منافسة شرسة بسبب “فيضان” الواردات الصينية، ما دفع لإطلاق نداء استغاثة إلى المفوضية الأوروبية.

وتزامن انعدام الجدوى وانتفاء ربحية المشروعات، مع سعي الرئيس التنفيذي لشركة شل وائل صوان، لزيادة الإيرادات؛ إذ باع وألغى مشروعات لإنتاج الهيدروجين والطاقة المتجددة وانسحب من أسواق الكهرباء الأوروبية والصينية وباع مصافي التكرير للتركيز على مشروعات النفط والغاز الأكثر ربحية.

تعاون شل وفاتنفول

قالت شركة فاتنفول إنها وشل قررتا تعليق تعاونهما المشترك في مشروع “هاي سكايز” (HySkies) لإنتاج الوقود الاصطناعي، كما اتفقتا على مواصلة البحث عن شركاء آخرين للانضمام للمشروع المحتمل الكائن في منطقة فورسمارك شرقي السويد.

أكد ذلك كبير مطوري الأعمال في فاتنفول، بير سونديل، الذي أعرب عن اعتزام شركته مواصلة عمليات التحقق من الشركاء المناسبين لمشاركة طموحاتها نحو مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري.

واتخذت فاتنفول زمام المبادرة في عام 2021 لتطوير المشروع مع شل، بهدف تسريع التحول إلى إنتاج أنواع الوقود الاصطناعي التي ستلبي حاجة قطاع الطيران لإزالة الكربون من الصناعة.

شاحنة تحمل شعار شركة شل في أثناء تزويد الطائرات بالوقود – الصورة من موقع الشركة

وفي بيان صحفي عبر موقعها الإلكتروني، أكدت فاتنفول أنها ما زالت شديدة الإيمان بالفرص المتاحة داخل منطقة فورسمارك لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة، عبر استعمال الكهرباء الخالية من الكربون والهيدروجين واحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، لكنها قالت إن الإمكانات الكاملة له قيد المراجعة حاليًا.

بحسب البيان، عندما يجري التحقق من التقنيات الجديدة على أرض الواقع كما في مشروع “هاي سكايز” تكون هناك تعديلات في المراحل المبكرة مثل تلك الخاصة بدراسة الجدوى.

وسبق أن لفتت فاتنفول في فبراير/شباط 2024 إلى وجود “تصور مختلف بشأن الجداول الزمنية لتحقيق المشروع”، وفي بيان اليوم (6 يوليو/تموز)، أكدت أنها ما زالت في طور المراجعة وتسعى لجذب شركاء آخرين.

ورغم وقف التعاون مؤقتًا؛ فما زالت شل تتوقع مستقبلًا لمشروع وقود الطيران المستدام وفرصًا للتعاون المستقبلي المحتمل.

وبتعليق تطوير المشروع، طلبت الشركتان وقف اتفاق للحصول على منحة من صندوق الابتكار التابع للاتحاد الأوروبي بقيمة 80.2 مليون يورو (87 مليون دولار).

(اليورو = 1.08 دولارًا أميركيًا).

واعتبرت الشركتان أنه سيتعذر نجاح المشروع داخل إطار الاتفاق، وبإنهاء الدعم تمنح الفرصة لشركات أخرى للاستفادة من الأموال لتحقيق طموحات إزالة الكربون.

مصنع الوقود الحيوي في هولندا

في 2 يوليو/تموز 2024، قررت شركة شل وقفًا مؤقتًا لبناء مصنع إنتاج الوقود الحيوي داخل مجمع الطاقة والكيماويات الكائن بمدينة روتردام في هولندا.

وكان من المقرر أن ينتج المصنع 820 ألف طن سنويًا من الوقود الحيوي، على أن يبدأ تشغيله في العام الجاري، وفق بيان صحفي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتستهدف الخطوة المفاجئة تقييم أكثر الطرق المجدية تجاريًا للمضي قدمًا في المشروع وضمان التنافسية المستقبلية في ضوء ظروف السوق الحالية.

وإذ أكدت أن الوقود الحيوي المستدام ما زال “مكونًا رئيسًا” في إستراتيجيتها الرامية إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، قالت شل إنها ستواصل استعمال رأسمال حملة الأسهم على نحو “مدروس ومنضبط” يحقق مزيدًا من القيمة مع خفض أكبر للانبعاثات.

ووضعت الشركة خططًا لخفض إنتاج الوقود الأحفوري التقليدي بنسبة 55% بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، مع توفير أنواع بديلة منخفضة الكربون مثل الوقود الحيوي المستعملة لأغراض النقل النظيف ووقود الطيران المستدام والهيدروجين من بين أخرى.

وكان مصنع روتردام سيُنتج الديزل الحيوي بما يكفي لخفض ما يصل إلى 2.8 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بما يعادل إبعاد مليون سيارة عن الطرق.

أزمة الوقود الحيوي في أوروبا

تواجه سوق الوقود الحيوي في أوروبا أزمة بسبب “فيضان” الواردات الصينية، لتنهار الأسعار بصورة تهدد مستقبل الصناعة جراء الزيادة الضخمة بالواردات.

وحلّت الصين في المركز الرابع بقائمة أكبر الدول المنتجة للوقود الحيوي عالميًا خلال العام الماضي (2023)، وهو ما يوضحه الرسم البياني التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة:

أكثر 10 دول إنتاجًا للوقود الحيوي عالميًا

دفع ذلك الوضع شركات القارة العجوز إلى مطالبة المفوضية الأوروبية للتدخل من أجل الحد من وصول الصينيين إلى سوق الاتحاد الأوروبي لأنهم “يحتالون عبر تصدير الوقود الحيوي المنتج من مواد لقيم محظورة”، بحسب تقرير لمنصة “يوراكتيف” (euractiv) طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وبموجب قواعد الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، لكي يُعد الوقود الحيوي متقدمًا يجب إنتاجه باستعمال المخلفات ومنها مخلفات الغابات أو زيت الطهي المستعمل ودهون حيوانية بعينها كما جاء في توجيه الطاقة المتجددة.

وفي المقابل، ثمة شكوك متزايدة بأن الصين تستعمل في إنتاج الوقود الحيوي مواد أولية محظورة مثل زيت النخيل الذي يعده الاتحاد مساهمًا في أزمة إزالة الغابات.

ومع إغلاق المصانع وانتفاء الربحية والجدوى الاقتصادية للمشروعات بسبب زيادة واردات النفايات والوقود الحيوي من الصين، حذر مسؤولون أوروبيون من أن الدولة الآسيوية أصبحت أكبر مصدر للوقود الحيوي إلى الاتحاد الأوروبي.

وكانت إحدى أبرز ضحايا القطاع خلال العام الجاري شركة نيستي الفنلندية المتخصصة في إنتاج الوقود الحيوي (Neste) التي تراجعت قيمة أسهمها إلى النصف تقريبًا خلال العام الجاري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.