من المتوقّع أن يشهد مسار توليد الكهرباء بالفحم في أميركا تغييرات ضخمة مع استهداف البلاد تنويع مزيج الطاقة على المدى البعيد.

ورغم توقعات نمو الطلب على الكهرباء بوتيرة سريعة جراء مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي؛ فإن من غير المرجح أن يؤدي الفحم دورًا محوريًا في ذلك مع الإفساح لبدائل أنظف مثل الغاز الطبيعي والطاقة النووية والمصادر المتجددة.

وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن حصة الفحم بمزيج توليد الكهرباء في أميركا قد تتراجع إلى 16% خلال العام الجاري، مقابل 40% في عام 2011.

ومع استمرار تراجع توليد الكهرباء بالفحم في أميركا، من المتوقع أن يعتمد القطاع على مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي؛ ما يشير إلى تحول لمشهد الطاقة الأميركية بصورة لا رجعة فيها.

انخفاض مطرد

مع وجود خطط ضخمة لإغلاق محطات توليد الكهرباء بالفحم في أميركا، تستعد المرافق الأميركية لتحويل قرابة 68.8 غيغاواط من سعة الفحم الحالية إلى الغاز الطبيعي بين عامي 2025 و2030، بحسب بيانات معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).

ويمثل ذلك ضعف البيانات التي قدمتها إدارة معلومات الطاقة في التقرير الشهري لشهر سبتمبر/أيلول، والبالغة 36.4 غيغاواط.

ويكشف المسار الطويل الأمد لتوليد الكهرباء بالفحم في أميركا عن انخفاض مطرد في القدرة والإنتاج، منذ بلوغ الذروة عام 2011 عند 317.6 غيغاواط، حينما كان يمثل الفحم أكثر من 40% من توليد الكهرباء.

ومن عام 2011 إلى 2020، تخلصت البلاد تدريجيًا من إجمالي 103.9 غيغاواط، مع انخفاض الإنتاج من المحطات المتبقية.

وتشير التوقعات إلى أن مساهمة الفحم في مزيج الكهرباء آخذة في التراجع، وخلال العام الجاري لن تتجاوز 16%، بما يعادل 175 غيغاواط.

وبحلول 2030، قد تتقلص حصة الفحم في توليد الكهرباء إلى 115 غيغاواط، ويمثل ذلك انخفاضًا بنحو 63.8% عن الذروة، مع توقعات بالابتعاد نهائيًا عنه بحلول عام 2040، وفق تقديرات معهد اقتصادات الطاقة.

محطة لتوليد الكهرباء – الصورة من موقع “يو إس جي إس”

أسباب تراجع توليد الكهرباء بالفحم في أميركا

حدد معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي 3 عوامل تسهم في تراجع توليد الكهرباء بالفحم في أميركا.

وفقًا للتحليلات الأخيرة -التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أعلنت الشركات خطط تقاعد أو إغلاق ما مجموعه 38.9 غيغاواط من القدرة المتبقية بين عامي 2031 و2040، وهو ما يشكل 33.7%، وهذا أحد الأسباب الرئيسة لتوقع استمرار انخفاض توليد الكهرباء بالفحم.

وهناك عامل حاسم آخر سيؤثر في تراجع توليد الكهرباء بالفحم، وهو تقادم بنية المحطات القائمة.

وبحلول عام 2030، سيصل عمر بعض محطات الفحم، والبالغة قدرتها 8.1 غيغاواط، إلى 60 عامًا، ولم يقدم أصحابها تواريخ محددة لموعد الإغلاق، ومن غير المرجح بقاؤها قيد التشغيل بحلول عام 2040، بسبب ارتفاع تكاليف الصيانة وضعف الأداء، فضلًا عن اقتراب محطات أخرى، بقدرة 20 غيغاواط، من نهاية عمرها التشغيلي المتوقع.

كما من المتوقع أن تعمل محطات الفحم المتبقية بمعدلات أقل، في أعقاب اتجاه طويل الأمد لانخفاض معامل القدرة، الذي يقيس مقدار الكهرباء المنتجة مقسومًا على أقصى إنتاج خلال مدة زمنية معينة.

فقد انخفض معامل القدرة لمحطات الفحم الأميركية باستمرار، منذ بلوغ الذروة عند 62.8% خلال عام 2011، ولم تصل إلى مستوى الأداء اللازم على أساس شهري منذ عام 2021.

فخلال العقد الأول من القرن الحالي، انخفض معامل القدرة السنوي تدريجيًا من نطاق 50% إلى 47.5% لأول مرة في عام 2019، ثم سجل أدنى مستوى له عند 42.1% عام 2023، وشهد انخفاضًا طفيفًا بحلول يوليو/تموز من العام الجاري عند 41.5%، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويفرض هذا الوضع تحديات اقتصادية على محطات الفحم؛ حيث يؤدي انخفاض إنتاج الكهرباء إلى توزيع التكاليف الثابتة المتعلقة بالصيانة والتشغيل على قدر أقل من الكهرباء المولدة، ويسفر ذلك عن ارتفاع تكاليف الكهرباء.

محطة لتوليد الكهرباء في جورجيا
محطة لتوليد الكهرباء في جورجيا – الصورة من أتلانتا جورنال كونستيتيوشن

مصادر طاقة بديلة

مع تزايد تراجع توليد الكهرباء بالفحم في أميركا تنمو مصادر الطاقة البديلة بوتيرة سريعة؛ حيث تقوض الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات وطاقة الرياح والغاز الطبيعي الجدوى الاقتصادي لمحطات الفحم.

وبحسب أحدث توقعات إدارة معلومات الطاقة، ستنخفض حصة الفحم في السوق إلى قرابة 10% بحلول أبريل/نيسان المقبل.

وبالمقارنة، تتخلف الولايات المتحدة عن دول أخرى، مثل المملكة المتحدة، التي أغلقت آخر محطات توليد الكهرباء بالفحم بعد توقف تدريجي دام لمدة 12 عامًا.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تحرز تقدمًا بالوتيرة نفسها؛ فإن المسار العام مشابه؛ حيث يتضاءل دور الفحم كل عام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.