اقرأ في هذا المقال
- • قطاع التكرير في إيران يُعدّ جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للطاقة في البلاد
- • إيران عازمة على أداء دور بارز في سوق الطاقة العالمية
- • قطاع التكرير في إيران يسعى إلى تحسين إمكانات التصدير وتقليل الاعتماد على الواردات
- • من المتوقع أن يكون لقدرات إيران التكريرية الموسعة العديد من الآثار الاقتصادية الإيجابية
يمثّل قطاع تكرير النفط في إيران جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للطاقة في البلاد، عدا عن كونه داعمًا مهمًا لاقتصادها وأمن الطاقة.
وتقوم إيران باستثمارات كبيرة لتحديث وزيادة قدرتها التكريرية لتحويل احتياطياتها الوفيرة من الغاز الطبيعي والنفط الخام إلى منتجات ذات قيمة أعلى، على سبيل المثال، البتروكيماويات والديزل والبنزين.
وبالإضافة إلى تلبية الطلب المحلي، يسعى قطاع تكرير النفط في إيران إلى تحسين إمكانات التصدير، وتقليل الاعتماد على الواردات، وبناء المرونة الاقتصادية في مواجهة العقوبات العالمية.
وتُعدّ إيران عازمة على أداء دور بارز في سوق الطاقة العالمية، حسبما يتضح من التدابير الأخيرة، مثل بناء مصافي تكرير جديدة وتحويل المحطات القديمة إلى مصافٍ نفطية.
تحديات ومستقبل قطاع تكرير النفط في إيران
واجه قطاع تكرير النفط في إيران تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك البنية التحتية القديمة، وانخفاض قدرة التكرير، والمخاوف البيئية.
ويعاني معظم مصافي التكرير الإيرانية، التي أنشئت في الغالب قبل الثورة الإسلامية في عام 1979، من مرافق قديمة، ما أدى إلى قدرة تكرير محدودة تقلّ عن 265 ألف برميل يوميًا، مع تشغيل 3 مصافٍ فقط بعد عام 1979.
ولمعالجة هذه المشكلة، تتوقع إيران زيادة كبيرة في قدرة التكرير، إذ تشير التوقعات إلى زيادة محتملة قدرها 750 ألف برميل يوميًا من خلال تنفيذ مشروعات جديدة.
وتؤدي المشكلات البيئية، مثل التلوث المفرط الناجم عن تحويل النفط الخام إلى منتجات ثانوية شديدة التلوث، واستعمال الوقود المحمّل بالكبريت في محطات توليد الكهرباء والصناعات، إلى تفاقم التحديات التي يواجهها قطاع التكرير.
إضافة إلى ذلك، تعاني البلاد من نقص البنزين، ما يستلزم اتخاذ تدابير مثل إضافة مواد قد تكون ضارة لتكملة العرض.
إزاء ذلك، تعمل إيران على تحديث بنيتها التحتية للتكرير، وهو ما يتجسّد في مشروعات مثل مصفاة “نجم الخليج الفارسي”، التي تستعمل التقنيات المحلية والصينية لتكرير مكثفات الغاز.
ومن المقرر أن تستمر حملة التحديث هذه مع الإكمال الوشيك لمصفاة “مهر الخليج الفارسي”، التي من المتوقع أن تعزز قدرة إيران على التكرير وإمدادات البنزين بحلول أوائل عام 2025.
ومن المتوقع أن تؤدي محطات التكرير والبتروكيماويات المتكاملة دورًا حاسمًا بتعزيز مرونة إيران الاقتصادية في مواجهة العقوبات، وتنويع مصادر الإيرادات، وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتشير التوقعات إلى توسّع كبير في قدرة قطاع تكرير النفط في إيران بحلول عام 2024، مع مشروعات مثل مصافي “مرواريد مكران” و”الشهيد سليماني” التي تسهم في هذا النمو.
وتدلّ هذه المساعي على الموقع الإستراتيجي لإيران في مشهد التكرير في الشرق الأوسط، ما يقلل الاعتماد على واردات الوقود ويحفّز التقدم الاقتصادي وفرص العمل.
قدرة تكرير النفط في إيران خلال 2024
أضافت إيران 10 ملايين طن متري من إنتاج البتروكيماويات إلى قدرتها، منذ أن بدأت الحكومة الحالية عملها في أغسطس/آب 2021.
وتهدف البلاد إلى زيادة إنتاجها من البنزين إلى 100 مليون لتر يوميًا، وإنتاج الديزل الأحمر إلى 112 مليون لتر يوميًا.
ومن شأن بناء مصافي النفط في جميع أنحاء البلاد أن يزيد من قدرات قطاع تكرير النفط في إيران بنسبة 30%.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه الإنجازات إلى تعزيز قدرة قطاع تكرير النفط في إيران بصورة كبيرة، ما يسهم في أمن الطاقة والنمو الاقتصادي في البلاد.
خطط لبناء مصفاة جديدة
تشمل إستراتيجية طهران الطموحة لتوسيع قدرة قطاع تكرير النفط في إيران، بناء 12 مصفاة نفط جديدة، مع ظهور مصفاة “مهر الخليج الفارسي” مشروعًا بارزًا، ومن المقرر إكمال مرحلته الأولية بحلول أوائل عام 2025.
ويشكّل هذا المسعى جزءًا لا يتجزأ من خطة إيران الشاملة لتحصين قدراتها التكريرية، وهو أمر بالغ الأهمية لتلبية الطلب المحلي وزيادة إمكانات التصدير.
ومن المتوقع أن تؤدي المصافي المقبلة إلى زيادة قدرة إيران على تحويل النفط الخام لمنتجات نفطية قيمة بصورة كبيرة، ومن ثم تقليل الاعتماد على الوقود المستورد وتعزيز أمن الطاقة.
واستكمالًا لهذه المصافي النفطية، تعتزم وزارة النفط الإيرانية إنشاء 8 مصافٍ إضافية بالتعاون مع القطاع الخاص.
وتهدف هذه المشروعات إلى مضاعفة الإنتاج في قطاع النفط والغاز من خلال دمج قطاع تكرير النفط في إيران مع تصنيع البتروكيماويات.
ومن الجدير بالذكر من بين هذه المساعي مصفاة “مرواريد مكران”، التي من المتوقع إكمالها منها بحلول عام 2026، بقدرة يومية تبلغ 300 ألف برميل، بهدف تنويع قدرات إيران الإنتاجية، وتسهيل إنتاج مجموعة واسعة من السلع النفطية والبتروكيماوية.
الآثار الاقتصادية الإيجابية
من المتوقع أن يكون لقدرات إيران التكريرية الموسّعة العديد من الآثار الاقتصادية الإيجابية، إذ تريد إيران الابتعاد عن بيع الموارد الخام والاتجاه نحو بيع السلع ذات القيمة المضافة، مثل البتروكيماويات والبنزين والديزل من خلال تنمية قطاع التكرير لديها.
ومن شأن هذا التغيير أن يعزز الشركات المحلية القائمة على المعرفة من خلال خفض الطلب على الواردات وخلق فرص العمل.
ويتمثل الهدف الآخر لمشروعات تكرير النفط في إيران في توجيه الأموال نحو الاستثمارات الوطنية المربحة.
من ناحية ثانية، تأمل إيران في تعزيز مكانتها في سوق الطاقة العالمية، من خلال تصدير المزيد من المنتجات النفطية وتوليد القيمة في صناعة النفط، وذلك بفضل قدرتها التكريرية الموسعة.
بالإضافة إلى ذلك، من خلال تقليل اعتماد إيران على بيع النفط الخام، قد تساعد مرافق التكرير والبتروكيماويات المتكاملة في تخفيف الآثار السلبية للعقوبات على اقتصاد البلاد وتعزيز المرونة.
وستكون إيران قادرة على تمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية الاقتصادية من خلال الأموال الإضافية التي تتلقّاها من صادرات النفط وتحسين قدرة التكرير.
ومن شأن هذه التغييرات أن تعزز الاقتصاد الإيراني وأمن الطاقة وسيكون لها تأثير كبير في صادرات البلاد من الطاقة.
ومن المتوقع تحقيق مزايا اقتصادية كبيرة من زيادة طاقة التكرير، بما في ذلك انخفاض الواردات، ونمو العمالة، وزيادة الصادرات، وتوجيه الاستثمار، وتحسين مقاومة العقوبات.
تغيير بيئة الطاقة في إيران
خلاصة القول، يمثّل النمو المدروس لقطاع تكرير النفط في إيران خطوة ثورية باتجاه تغيير بيئة الطاقة في البلاد.
وبعيدًا عن المنفعة المالية، فإن هذا المشروع يشكّل أهمية بالغة بالنسبة لطموحات إيران في فرض النفوذ العالمي والسيادة على الطاقة.
بدورها، تلبي إيران احتياجاتها من الطاقة، وتعمل على تحسين مكانتها في سوق الطاقة الدولية، من خلال تعزيز قدراتها في مجال التكرير.
في المقابل، يوجد العديد من العقبات التي تعترض تحقيق هذا الهدف، أبرزها البنية التحتية المتقادمة والقضايا البيئية التي قد تعوق التنمية.
وتعرقل البنية التحتية والإجراءات العتيقة الكفاءة والاستقرار البيئي في قطاع تكرير النفط في إيران، ما يستلزم نفقات مالية كبيرة لتحديث وتكامل التكنولوجيا المتطورة.
ويزداد غموض أهداف إيران بسبب الاضطرابات الجيوسياسية والعقوبات الدولية، التي تشكّل عقبات كبيرة أمام التعاون والاستثمار.
ولإنشاء تحالفات والحصول على التمويل اللازم لتوسيع قطاع تكرير النفط في إيران، فإن التغلب على هذه التحديات يتطلب دبلوماسية ماهرة وتخطيطًا إستراتيجيًا.
على صعيد آخر، فإن فوائد قطاع التكرير الصحي متعددة، وتمتد إلى ما هو أبعد من المكاسب النقدية لتشمل توليد فرص العمل، وتطوير تكنولوجيات جديدة، والحفاظ على البيئة.
لذلك، تضع إيران الأساس للنمو الاقتصادي المستدام والقيادة العالمية في صناعة الطاقة، من خلال إعطاء الأولوية للاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجية في مجال التكرير وحماية مستقبل الطاقة لديها.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..