تفاقمت أزمة قطع الكهرباء في إيران خلال الأيام الأخيرة، مع اتخاذ الحكومة إجراءات تتضمن عمليات فصل مبرمجة للتيار تحت شعارات بيئية، وهو ما أثار العديد من التساؤلات.
وكشف تقرير حديث، اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الأسباب الحقيقة وراء تصاعد أزمة الكهرباء في طهران والعديد من المدن الإيرانية، في ظل انخفاض ملحوظ باحتياطي الديزل وزيت الوقود من محطات توليد الكهرباء.
وبدأت حكومة طهران قطع الكهرباء في إيران بسبب نقص الوقود في المحطات، في ظل مساعي للحدّ من إنتاج الكهرباء في المحطات العاملة بالمازوت، وسط خطط الرئيس مسعود بزشكيان لوقف المحطات التي تستعمل وقودًا ملوثًا.
وتعرضت حكومة طهران في الأيام الأخيرة إلى انتقادات شديدة بسبب نقص إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء في إيران، والتشكيك في الإجراءات التي اتخذها قطاع النفط والغاز لتوفير إمدادات مستقرة من الوقود.
وقود محطات الكهرباء في إيران
أعلن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني أن احتياطيات محطات توليد الكهرباء من الديزل وزيت الوقود انخفضت في الأشهر الـ6 الأولى من العام الفارسي 1403(بدأ في 21 مارس/آذار)، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي (1402هـ).
وأشار مكتب دراسات الطاقة والصناعة والتعدين التابع لمركز البحوث، في تقرير حول مراجعة مشروع قانون موازنة البلاد، إلى أن مشروع قانون موازنة العام المقبل تعدّه الحكومة في وضع تواجه فيه البلاد استياء متزايدًا في جميع شركات الكهرباء، بسبب نقص إمدادات في الغاز الطبيعي والديزل.
وأوضح التقرير أنه في عام 1401 (انتهى في 20 مارس/آذار 2023)، بلغ اختلال توازن الغاز الطبيعي عند ذروة الاستهلاك 315 مليون متر مكعب يوميًا، ورغم انخفاض الرقم إلى نحو 280 مليون متر مكعب يوميًا بسبب ارتفاع درجة الحرارة في العام الماضي 1402 (نهايته 20 مارس/آذار 2024)، فإن تحدّي اختلال توازن الغاز الطبيعي ما يزال قائما طوال العام الجاري، خاصة في الأشهر الباردة.
وكشف التقرير ارتفاع استهلاك الوقود السائل في محطات الطاقة الحرارية، ما أدى إلى انخفاض احتياطي الديزل وزيت الوقود بمحطات توليد الكهرباء في إيران خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي.
وتوقّع التقرير أن تؤدي زيادة اختلال توازن الغاز ونقص الوقود السائل البديل إلى خلق تحديات أمام إمدادات الكهرباء في إيران خلال فصل الشتاء المقبل، حسبما ذكرت وكالة شانا.
وشدد التقرير على وجود عجز في المعروض من الديزل وزيت الوقود، مُرجعًا السبب إلى إهمال سياسات إدارة الاستهلاك، الذي أدى إلى الاضطرار لاستيراد وشراء المنتجات ذات الصلة من الوحدات المحلية.
احتياطيات الوقود في إيران
انخفض احتياطي إيران من الوقود السائل بمقدار 2.6 مليار لتر (16.4 مليون برميل) في أول 6 أشهر من العام المالي الحالي، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي المنتهي في مارس/آذار (2024)
وعملت حكومة طهران في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على زيادة تسليم النفط والغاز إلى محطات توليد الكهرباء في إيران بنسبة 122% أكثر مما كانت عليه في العام الماضي.
وكشفت أرقام نظام الطاقة الحرارية لوزارة الطاقة، وبيانات التخزين والتسليم الخاصة بالشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المشتقات النفطية، أن مستوى احتياطيات النفط والغاز في محطات توليد الكهرباء والشركة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية انخفض بمقدار 2.6 مليار لتر بحلول 31 أغسطس/آب مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أنه رغم انخفاض مستوى احتياطي النفط والغاز بمحطات الكهرباء في إيران والتخطيط لتغطية النقص من خلال الاستيراد من الخارج، فقد أُنتج في الأشهر الأخيرة للحكومة الـ13 أكثر من 1.3 مليار لتر (8.2 مليون برميل) من الديزل.
وانتقد التقرير بيع إنتاج مصفاة عبادان في بورصة الطاقة، إذ جرى تداول 471 مليون لتر (2.9 مليون برميل) من البنزين وزيت الوقود والديزل، وأدى إلى انخفاض احتياطيات الوقود في البلاد، ما دفع البلاد إلى استيراد كميات من الوقود والغاز بأسعار أعلى، إذ لم يؤدِّ الإجراء إلى انخفاض مستوى الاحتياطيات فحسب، بل فرض عبئًا ماليًا بعدّة ملايين من الدولارات على البلاد.
وحمّل التقرير الحكومة الماضية السبب في الأزمة نظرًا لعدم تنفيذها معظم إصلاحات مصافي الغاز والنفط في إيران في الأشهر الأولى من العام المالي الجاري، خلافًا للممارسة في السنوات السابقة.
وقال، إن تأجيل أعمال الصيانة للنصف الثاني من العام الجاري تسبَّب في تحديات واجهت إنتاج الديزل وزيت الوقود وتوصيله إلى محطات توليد الكهرباء في الأشهر الـ3 الأولى من عمل الحكومة الحالية.
ونفّذت الحكومة الـ14 بعد تشكيلها في يوليو/تموز عدّة إجراءات مثل تقليل مدة الإصلاح ورفع الإنتاج من الحقول إلى الحدّ الأقصى، وهو ما أدى خلال أشهر سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني إلى زيادة معدلات تسليم الغاز الطبيعي للشبكة الوطنية بنسبة 2%.
وعلى الرغم من الإجراءات المتخذة لمنع انخفاض إنتاج الغاز والزيادة في حجم الغاز المسلَّم للشبكة، فإن الطلب المنزلي والتجاري على الغاز سجّل قفزة قدرها 94 مليون متر مكعب يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني 1403، مقارنة بنوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بسبب تراجع درجات الحرارة.
وأشار التقرير إلى أن توريد الغاز للقطاع التجاري والمنزلي يمثّل أولوية، لذلك تأثَّر العرض الغاز لمحطات الكهرباء في إيران.
جودة زيت الوقود
انتقد التقرير عدم إجراء تعديلات في المصافي الإيرانية لتحسين جودة وقود الديزل، ولم تُركَّب مرشحات لمنع انبعاث الملوثات في محطات توليد الكهرباء طوال مدة عمل الحكومة الماضية.
وقال: “منذ الأسابيع الأولى لتشكيل الحكومة الجديدة، عُقدت عدّة اجتماعات بحضور وزير النفط والمسؤولين المعنيين في وزارة النفط من أجل الإسراع في تنفيذ الخطط واستكمالها”.
وشدد التقرير على أن الخلل بتوازن الغاز والكهرباء والمنتجات السائلة في البلاد نتيجة قرارات وسياسات طويلة الأمد، ويتطلب جهدًا جدّيًا وإصرارًا من الجميع لحلّ الخلل في أسرع وقت ممكن.
من جانبها، شددت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني على أن تركيز الحكومة ينصبّ على صحة الناس، إذ قررت تقليل حرق زيت الوقود، مؤكدةً أن قطع الكهرباء في إيران أمر لا مفرّ منه.
وقالت خلال مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني (2024): “الرئيس داعم لإنتاج الطاقة النظيفة، وعُقِدت عدّة اجتماعات مع المستثمرين، ما سيضيف 30 ألف ميغاواط من الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية”.
وأعلنت مواقفة الحكومة على فتح الباب أمام استيراد وتوزيع البنزين قبل الجهات المرخّصة من وزارة النفط، مشيرة إلى أن أولوية الحكومة هي الاهتمام بمعيشة الفئات ذات الدخل المحدود.
واستطردت: “موازنة العام المقبل مصممة دون زيادة سعر البنزين، لكن الحقيقة هي أن لدينا استياءً في مجال البنزين، ونحن مضطرون إلى استيراده”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..