أطلق لبنان مرحلة جديدة للبحث عن الغاز في المياه الإقليمية، في خطوة من شأنها أن تدعم خطط بيروت لتثمين مواردها من الهيدروكربونات، بالتزامن مع تزايد عمليات التنقيب في شرق المتوسط.

ومنحت وزارة الطاقة والمياه رخصة لشركة “تي جي إس” (TGS) البريطانية لتنفيذ عمليات مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد في المربع 8، الواقع بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

وعقدَ وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فيّاض مؤتمرًا صحفيًا اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر/كانون الأول (2024) لكشف تفاصيل عمليات المسح التي ستنفّذها الشركة البريطانية الرائدة بمجال بيانات الطاقة لتنفيذ في مربع رقم 8.

وأوضح أن العملية تهدف إلى تأمين قاعدة بيانات عن منطقة الدراسة للاعتماد عليها في حفر الآبار من أجل التنقيب عن الغاز في لبنان، ما يتيح للبلاد ترويج وتسويق المربع عالميًا على الشركات الراغبة في التنقيب.

وشدد على أن إطلاق عمليات المسح يزيد التنافس لمساعدة لبنان للحصول على أفضل شروط تجارية بالنسبة لاقتسام الموارد والأرباح من جراء مشاركة القطاع الخاص والشركاء المستقبليين.

وقف إطلاق النار في لبنان

قال وزير الطاقة وليد فياض، إنه مع نهاية الحرب ووقف إطلاق النار، “أعدنا إطلاق الأعمال والرخصة التي ستؤمّن الاستطلاع في البحر، وخاصة في مربع 8 للبحث عن موارد النفط والغاز”.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي تابعته منصة الطاقة المتخصصة، أن لبنان من الآن سيستفيد من الظرف الناشئ من وقف إطلاق النار، ليحصل على الاستثمارات من أجل بدء أعمال التنقيب عن الغاز في لبنان.

وأشار إلى أن أهمية إطلاق أعمال مسح من أجل إعادة إطلاق الاستثمارات في قطاع النفط والغاز في لبنان، معولًا على اهتمام الشركات العالمية، لا سيما فرنسا وأميركا، إذ كانتا في طليعة الدول التي أسست لهذه المرحلة.

وشدّد فياض على أن هذه المرحلة الجديدة مناسبة للقبول بشروط الحكومة اللبنانية في موضوع التنقيب عن النفط والغاز، وذلك بعد أن تسبّبت الخلافات مع بعض الشركات بوقف أعمال التطوير في مربعي 8 و10.

وشدد وزير الطاقة اللبناني على أهمية أن يكون هناك رئيس جمهورية وتشكل حكومة من أجل مواكبة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز في لبنان، مرجعًا قلة الاستثمارات في السابق بسبب الأوضاع في لبنان والمنطقة.

وأعرب فياض عن تفاؤله بأعمال البحث والتنقيب عن الغاز في لبنان، موضحًا أن الإحصاءات تشير جنوبًا وشمالًا إلى أن هناك الكثير من الاستكشافات حصلت، وليس هناك سبب لعدم وجود غاز، ولكن يجب بذل جهد واستثمارات أكبر.

وذكرَ أنَ أن “الحرب انتهت، ونأمل عودة الاستقرار الذي سيأتي باستثمارات متعلقة بالنفط والغاز، لا سيما أن القوانين صالحة في هذا الموضوع، والعقود الموجودة هي عقود مستدامة يؤسّس عليها، ويمكن إدخال تعديلات عليها لتحسينها”.

التنقيب عن الغاز في لبنان

يأتي إطلاق عمليات المسح بعد ما يزيد على عام من فشل عمليات التنقيب عن الغاز في لبنان بمربع 9، بعد أن أنهت منصة الحفر “ترانس أوشن” عمليات الحفر داخل حقل قانا، دون التوصل إلى اكتشاف مواد هيدروكربونية.

أكدت مصادر في وزارة الطاقة اللبنانية، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة وقتها، أن كل نتائج التنقيب عن الغاز في لبنان ضمن المربع 9 البحري أثبتت عدم وجود أيّ اكتشافات ذات جدوى تجارية، وسط احتمال كبير لعدم حفر أيّ آبار أخرى في المربع.

وكان تحالف الشركات العاملة في المربع 9 -وهي شركات توتال إنرجي الفرنسية وإيني الإيطالية وقطر للطاقة- قد تقدَّم في وقت سابق للحصول على حق العمل في المربعين 8 و10 الملاصقين لحقل قانا في مربع 9، إلّا أن عددًا من النقاط الخلافية عرقلت المشروع.

يشار إلى أنه في فبراير/شباط 2018، وقّع لبنان أوّل عقد للتنقيب البحري عن النفط والغاز في منطقتي امتياز 9 و4، مع تحالف يضمّ شركات الطاقة العملاقة توتال، وإيني، ونوفاتيك.

وبعد نحو عامين، وبالتحديد في أبريل/نيسان 2020، أعلن لبنان أن عمليات الحفر الأوّلية في منطقة امتياز 4 أظهرت آثارًا للغاز، لكنّها لم تكن تملك احتياطيات تجارية، وتوقّفت عمليات الاستكشاف في منطقة امتياز 9، بسبب وجود جزء منه في المنطقة المتنازَع عليها مع إسرائيل.

وبعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، تحركت توتال إنرجي من أجل بدء عمليات الحفر، تكللت بوصول سفينة الحفر “ترانس أوشن” في الربع الثالث من 2023، إلّا أن عمليات الحفر جاءت مخيّبة للآمال.

وكان لبنان قد أطلق جولة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز بالمياه البحرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، المرحلة الثانية، ومُدِّدَ الموعد النهائي لتقديم طلبات الاشتراك عدّة مرات.

وتتضمن الجولة أرقام الرقع المفتوحة للمزايدة، وهي 8 قطع من أصل 10 رقع، إذ جرت المزايدة على الرقعتين 4 و9 في دورة التراخيص الأولى.

وتضم المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان 10 مناطق بحرية، تتراوح مساحتها بين 1201 و2374 كم2 للمربع الواحد، وأُسنِدَت عمليات البحث في قطاعين منها (قطاع4 وقطاع9) إلى ائتلاف من 3 شركات، هي توتال الفرنسية، وإيني الإيطالية، ونوفاتك الروسية، وانسحبت الأخيرة، لتؤول حصتها إلى الحكومة اللبنانية.

وكان خبير صناعة الغاز في أوابك، وائل عبدالمعطي، قد أكد في تغريدة سابقة له بمنصة “إكس” أنه “على مدار العقدين الماضيين، جُمِعَت بيانات المسح السيزمي ثنائي وثلاثي الأبعاد في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 22 ألفًا و730 كيلو مترًا مربعًا، وبحسب المعطيات الأولية يوجد 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز في الركن الجنوبي الغربي”.

وأضاف: “بتقديري، إن نجح لبنان خلال السنوات القليلة المقبلة في استخراج الغاز من مياهه الاقتصادية (المنطقة الاقتصادية الخالصة) سيكون لاعبًا مهمًا على المسرح الإقليمي، وموقعه الجغرافي يؤهله لذلك”.

الخريطة التالية، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، تستعرض مربعات النفط والغاز في لبنان:

مربعات النفط والغاز في لبنان

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.