على الرغم من أن التحفيزات الاقتصادية الصينية، التي تطبّقها الحكومة في بكين خلال 2024، تستهدف تنشيط اقتصاد البلاد، فهي تواجه في الوقت الحالي أزمات إضافية، تفرضها تحديات خارجية، من بينها الحروب التجارية.
وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الإشكال الحالي أن الحكومة الصينية تنتظر هذه التحفيزات لتنشيط الاقتصاد، ولكن الإنفاق تاريخيًا يجري على القطاعات التي تسهم بنمو أكبر في الاقتصادات، وهي قطاعات التصدير.
الآن، تعاني قطاعات التصدير من الحروب التجارية، لذلك هناك تأثير في أيّ دعم تتلقاه هذه القطاعات من خطة التحفيزات الاقتصادية الصينية، لذلك لجأت الحكومة في بكين إلى دعم القطاعات الأخرى.
لكن هذه القطاعات بدورها، وفق الحجي، لا تؤدي إلى نمو كبير بمقدار نمو القطاعات التي تعاني من حروب تجارية حاليًا، ومن ثم فإن هذا الإنعاش من خلال التحفيزات الاقتصادية الصينية سيكون له دور محدود.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها الدكتور أنس الحجي من مدينة أبو ظبي في دولة الإمارات، التي يحضر فيها فعاليات مؤتمر “أديبك 2024″، وجاءت بعنوان “هل يتعافى الاقتصاد ويرتفع الطلب على النفط والغاز بخطط التحفيز الصينية؟”.
تحسُّن الأداء وأثر التحفيزات الاقتصادية الصينية
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن المدة الأخيرة شهدت تحسنًا بالأداء الصناعي في الصين، ولكنه تحسّن قليل.
وأضاف: “هناك تحسّن في أداء الخدمات، ولكنه تحسّن قليل أيضًا، وقد يكون هذا ناتج عن التحفيزات الاقتصادية الصينية، ولكن وجدنا أن أسعار النفط ارتفعت بحدود دولارين أو 3 دولارات، لكن بسبب أوبك وهذا النشاط الصيني فالارتفاع محدود، والأسعار ما تزال في السبعينيات”.
لذلك، بحسب الدكتور أنس الحجي، فإن الإشكال الكبير الآن يكمن في أن التحفيزات الاقتصادية الصينية أثرها محدود في الأسواق عمومًا، ومن ثم سيكون أثرها محدودًا في أسواق النفط.
وتابع: “أحد الأسباب التي جعلت أوبك+ أو مجموعة الـ8 تمدد تخفيضات النفط الطوعية حتى نهاية العام، هو وضوح الرؤية في أمور عدّة، ومن الضروري معرفة بعض الأمور، من بينها ما سيحدث في أوروبا والصين والدول الأخرى بناءً على نتائج الانتخابات الأميركية”.
ولفت إلى أن هناك حاجة إلى معرفة مدى التزام الدول التي وعدت بخفض إنتاجها والتعويض عن هذا الإنتاج، وهذا ينطبق على روسيا والعراق وقازاخستان، لذلك فإن فكرة التمديد متعلقة أيضًا بمعرفة ما سيحدث للاقتصاد الصيني وتأثير التحفيزات الاقتصادية الصينية التي قامت بها الحكومة.
النقطة الأخيرة، وفق الحجي، هي كيف يمكن للأفراد أن يستفيدوا من الاستثمار في التحفيزات الاقتصادية الصينية، إذ من ضمن الأشياء الملاحَظة أن الصين لديها اتجاه معين لهذه التحفيزات يختلف عن الماضي.
ومن ضمن أوجه اختلاف التحفيزات الاقتصادية الصينية، هو تحفيز الصناعات المحلية للاستهلاك المحلي، وهذا يعني أن هناك احتمالًا كبيرًا أن يؤدي ذلك إلى زيادة إنتاج السيارات الكهربائية في الصين، ومن ثم زيادة نموها وزيادة أرباح الشركات، ليصبح الاستثمار فيها مهمًا ومجديًا.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أنه -بالنسبة للسيارات الكهربائية الصينية- هناك عشرات السيارات الكهربائية ليست كلّها من النوع الجيد فيما يتعلق بالاستثمار، ولكن هناك مجموعة شركات من الواضح تمامًا أنها ستستفيد بشكل كبير من التحفيزات الاقتصادية الصينية، وسترتفع أسعار أسهمها.
شركات الطاقة الشمسية في الصين
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي: “من ضمن الأشياء التي يُنظر لها الآن، أنه من الواضح تمامًا أن قطاع الطاقة الشمسية تحديدًا يعاني بشدة في الصين، لذلك تبتعد عنه الحكومة ضمن خطة التحفيزات الاقتصادية الصينية”.
وأضاف: “لقد أصبح من الواضح تمامًا أنه ستكون هناك شركات تفلس، وأنه ستكون هناك عمليات دمج بين شركات داخليًا، وهي من ضمن الأشياء التي من الواضح تمامًا أنه لم يتكلم عنها الإعلام الغربي”.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى نقطة مهمة، لها علاقة بمؤتمر أديبك 2024 في أبو ظبي، وهي أن هناك اتجاهًا منذ نحو عامين من جانب الحكومة الصينية، لتشجيع شركاتها النفطية على التنقيب عن النفط والغاز بأيّ تكاليف داخل الأراضي والمياه الصينية، أي التركيز على الموارد المحلية.
وتابع: “هذا ينطبق على التعديل، ومن الواضح أن جزءًا من التحفيزات الاقتصادية الصينية يذهب إلى هذا الاتجاه، ومن ثم يصبح الاستثمار في هذه الشركات مجديًا أيضًا، وهو التفسير الوحيد لما تقوم به الحكومة الصينية، بالرغم من أنها تحصل على الغاز والنفط الروسيين، وكذلك النفط الخليجي”.
وأوضح أن هناك تخوفًا من حرب قادمة، لا أحد يعرف إذا كانت الصين هي من يخطط لها، أم أنها تعرف أن الغرب سيهاجمها يومًا ما، ومن ثم تريد أن تحمي نفسها وتؤمّن الإمدادات من الداخل، خاصةً أن الحديث عن النفط والغاز، وهذا ما يمكن تسميته “اتجاه مسعور”.
وقال الدكتور أنس الحجي، إنه مع هذا الاتجاه نحو التنقيب عن النفط والغاز داخل الصين، بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي تتلقاه الشركات النفطية الحكومية من الدولة، يمكن للمستثمرين شراء أسهم هذه الشركات والاستفادة منها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..