اقرأ في هذا المقال

  • خطط لتعزيز إنتاج محطات الكهرباء الصغيرة ومرافق القطاع الخاص بمقدار 800 ميغاواط في إيران
  • زيادة بنسبة 1% في استعمال الطاقة المتجددة قد تعزز النمو الاقتصادي بنسبة 7.5%
  • الحكومة الإيرانية تواجه ديونًا كبيرة مستحقة لمشغّلي محطات الكهرباء الخاصة
  • العقوبات الدولية تعوق قدرة إيران على تأمين التمويل لمحطات الكهرباء الجديدة

يستعد قطاع الكهرباء في إيران لإيجاد حلول جديدة لوقف الانقطاعات المستقبلية، بحلول صيف عام 2025، بعد معاناة البلاد من مشكلات كبيرة بسبب نقص التوليد في صيف عام 2023.

وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة تافانير (شركة توليد وتوزيع ونقل الكهرباء الإيرانية) Tavanir، مصطفى رجبي مشهدي، خطة إستراتيجية لسدّ الفجوة بين توليد الكهرباء واستهلاكها بحلول صيف عام 2025.

وتتكون هذه الخطة من 14 مبادرة رئيسة تهدف إلى تحسين إمدادات الكهرباء في إيران، بما في ذلك استكمال مشروعات محطات الكهرباء الجارية ونمو سعة الطاقة الكهروحرارية بمقدار 3 غيغاواط و629 ميغاواط، ووُضِعَت خطط لتعزيز إنتاج محطات الكهرباء الصغيرة ومرافق القطاع الخاص بمقدار 800 ميغاواط، من أجل تحسين تلبية الطلب على الكهرباء.

يواجه قطاع الكهرباء في إيران عقبات كبيرة على الرغم من التحسينات الأخيرة، مثل نمو بنسبة 4.3% في توليد الكهرباء في عام 2023 الذي سيتجاوز مستويات الإنتاج في العديد من الدول المتقدمة.

تحديات قطاع الكهرباء في إيران

في غياب إجراءات فورية، يتوقع الخبراء نقصًا محتملًا بالكهرباء في إيران بمقدار 26 غيغاواط بحلول صيف عام 2025.

ولتحقيق الاستقرار في قطاع الكهرباء في إيران، سيتعين على الحكومة إنفاق ما بين 900 مليون دولار ومليار دولار على ترقيات البنية التحتية للطاقة.

ومنذ مارس/آذار 2023، بدأت شركة (تافانير) 61 مشروعًا لبناء شبكات النقل والتوزيع الفائق لمعالجة هذه المشكلات والحدّ من انقطاعات إمدادات الكهرباء خلال أوقات الطلب المرتفع.

في المقابل، يتطلب التغلب على التفاوت في التوليد والاستهلاك، بحلول عام 2025، أن تكون هذه التحسينات والإضافات ناجحة.

محطة كهرباء هجينة بالقرب من مدينة يزد في إيران – المصدر: موقع “برهون طرح”

التأثيرات الاقتصادية لتوسيع توليد الكهرباء

من المتوقع أن يتأثر اقتصاد إيران بشكل كبير بالتوسع المتوقع بقدرة إنتاج الكهرباء في إيران، بعدّة طرق.

وستُزاد قدرة محطات الكهرباء في إيران بمقدار 22 غيغاواط، ما سيحسّن أمن الطاقة واستقرارها من خلال الحدّ من انقطاعات الكهرباء ونقصها.

وبالنظر إلى أن انقطاعات الكهرباء قد تسبّب اضطرابات، فمن المتوقع أن تؤدي زيادة التغذية الكهربائية إلى ارتفاع الناتج الصناعي وتعزيز النمو الاقتصادي.

ووفقًا للتوقعات قصيرة الأجل، فإن زيادة بنسبة 1% في استعمال الطاقة المتجددة قد تعزز النمو الاقتصادي بنسبة 7.5%، في حين إن زيادة بنسبة 4.06% في الناتج المحلي الإجمالي مرتبطة بزيادة مماثلة طويلة الأجل.

وتشير هذه الأرقام إلى أن المشروعات المقترحة قد تعزز اقتصاد إيران بشكل كبير.

إضافة إلى ذلك، أصبح مزيج الطاقة في إيران أكثر تنوعًا بفضل 12 غيغاواط من المصادر المتجددة و9 غيغاواط من محطات الكهرباء ذات الدورة المركبة، إذ يمكن أن يقلل هذا من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويزيد من أمن الطاقة، ويخفض التكاليف.

ومن المتوقع أن تجتذب هذه المبادرات استثمارات ضخمة وتولّد فرص عمل جديدة، وذلك بفضل استثمار 3 مليارات دولار أميركي سنويًا في قطاع الكهرباء على مدى السنوات الـ3 الماضية.

ومن المتوقع أيضًا أن يعزز قطاع الطاقة المتجددة النشاط الاقتصادي في مجالات أخرى، ويخلق فرص عمل جديدة، ومن ناحية ثانية، قد يسمح تعزيز قدرة إنتاج الكهرباء لإيران بتلبية الطلب الداخلي المتزايد مع إمكان تصدير المزيد من الكهرباء إلى الدول المجاورة، الأمر الذي يوفر مصادر جديدة للدخل.

بدوره، قد يؤدي التحول نحو الطاقة المتجددة إلى تحقيق فوائد بيئية وصحية، بما في ذلك الحدّ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي وتحسين جودة الهواء، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج أفضل في مجال الصحة العامة وخفض تكاليف الرعاية الصحية.

تحديات تمويل مشروعات محطات الكهرباء

على الرغم من الخطط الواعدة للتوسع، تواجه إيران عقبات كبيرة بتمويل مشروعات محطات الكهرباء في إيران، إذ أدّت العقوبات الدولية إلى الحدّ بشكل كبير من قدرة البلاد على الوصول إلى الاستثمار والتكنولوجيا الأجنبية، خصوصًا في قطاع الطاقة المتجددة.

وقد عاقَ هذا التقييد تطوير المشروعات الأساسية التي يمكن أن تساعد في التخفيف من أزمة الطاقة.

إضافة إلى ذلك، فإن استبعاد إيران من الأسواق المالية العالمية بسبب عدم الامتثال لقواعد مجموعة العمل المالي (FATF) يعقّد قدرتها على تأمين التمويل اللازم لمبادرات الطاقة.

من ناحية ثانية، يؤدي غياب التعاون مع المؤسسات المالية الدولية إلى تقييد خيارات إيران بشدة لتمويل البنية الأساسية للطاقة، إذ تواجه الحكومة الإيرانية ديونًا كبيرة مستحقة لمشغّلي محطات الكهرباء الخاصة، التي تضاعفت 4 مرات منذ أن تولّت الحكومة الحالية منصبها.

ويؤدي هذا الضغط المالي إلى إعاقة الصيانة والإصلاحات في الوقت المناسب، ما يفاقم أزمة الطاقة واستمرار انقطاعات الكهرباء في إيران.

على صعيد آخر، فإن عدم الاستقرار الاقتصادي – الذي تميَّز بزيادة 6 أضعاف في سعر الصرف ومعدلات التضخم التي ارتفعت بين 300% و 400% – يجعل التخطيط المالي طويل الأجل للمشروعات واسعة النطاق أمرًا صعبًا.

وتقوّض هذه الصعوبات الاقتصادية ثقة المستثمرين وتعوق جهود الحكومة الرامية إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

في الوقت نفسه، فإن أسعار الطاقة المدعومة تؤدي إلى عدم كفاية دخل قطاع الكهرباء في إيران، لدعم الاستثمارات الأساسية.

مزرعة للطاقة الشمسية بمنطقة قلعة غنج في محافظة كرمان الإيرانية
مزرعة للطاقة الشمسية بمنطقة قلعة غنج في محافظة كرمان الإيرانية – المصدر: أسوشيتد برس

وهذا يخلق فجوة بين الأسعار المدعومة المفروضة على الأسر والصناعات والتكاليف الفعلية لإنتاج الكهرباء، ولمعالجة العجز المتوقع في الكهرباء، فإن الاستثمارات المقدّرة بنحو 25 إلى 27 مليار دولار ضرورية، وهو هدف صعب المنال في ظل القيود الاقتصادية الحالية.

وللتغلب على هذه التحديات التمويلية، يتعين على إيران أن تسعى إلى إيجاد حلول تمويلية مبتكرة، بما في ذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص وإستراتيجيات التمويل البديلة، مع السعي في الوقت نفسه إلى الامتثال للقواعد المالية الدولية لاستعادة قدرة الوصول إلى الاستثمار والخبرة الأجنبية.

ومن الممكن أن يساعد هذا النهج الشامل في استقرار قطاع الطاقة وتشجيع التنمية المستدامة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المستمرة.

إلى جانب ذلك، فإن تعزيز قدرات الإنتاج المحلية من خلال رعاية الصناعات المحلية لتكنولوجيا الطاقة والبنية الأساسية من شأنه أن يقلل من الاعتماد على الواردات، ما يجعل التمويل أكثر قابلية للتحقيق.

ومن المرجّح أن يؤدي الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين كفاءة محطات الكهرباء القائمة واستكشاف مصادر الطاقة الجديدة إلى خلق بيئة طاقة أكثر مرونة، وجذب الاستثمار ومعالجة الحاجة الملحّة إلى حلول الطاقة المستدامة.

الطاقة في إيران

عاقت العقوبات الاقتصادية بشكل كبير قدرة إيران على الاستثمار في البنية التحتية الجديدة للطاقة، ما أدى إلى تقييد قدرة الحكومة على تمويل المشروعات داخل قطاع الطاقة بشكل كبير.

ومن العوامل المهمة في هذه المعضلة الانخفاض الحادّ في صادرات النفط وإيراداته.

وانخفضت صادرات النفط الإيرانية من نحو 2.3 مليون برميل يوميًا في أوائل عام 2018 إلى ما يقرب من مليون برميل يوميًا بحلول أبريل/نيسان 2019، ثم انخفضت إلى ما يُقدَّر بنحو 260 ألف برميل يوميًا بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وعلى نحو مماثل، انهارت إيرادات تصدير النفط من 41 مليار دولار في عام 2016، و53 مليار دولار في عام 2017، إلى 8-9 مليارات دولار فقط من مارس/آذار 2019 إلى مارس/آذار 2020.

وفي الأشهر الـ6 التالية، أفادت الأنباء أن إيران كسبت 2.5 مليار دولار فقط من صادرات النفط.

وقد أدى هذا التباطؤ إلى ركود اقتصادي، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي الإيراني بنحو 4.8% في عام 2018، ومن المتوقع أن ينخفض ​​بنسبة 9.5% في عام 2019.

وانخفض اعتماد الحكومة على إيرادات النفط في موازنتها بشكل كبير، إذ انخفض من نحو 25% قبل العقوبات إلى 9% متوقعة للسنة المالية 2020-2021.

من ناحية أخرى، فإن العقوبات الدولية، خصوصًا تلك التي فرضتها الولايات المتحدة، تعوق قدرة إيران على تأمين التمويل لمحطات الكهرباء الجديدة.

بدورها، فإن عزلة القطاع المصرفي الإيراني عن الأسواق المالية العالمية تجعل من المستحيل تقريبًا على البلاد معالجة المدفوعات أو الحصول على تمويل لمبادرات الطاقة.

على سبيل المثال، أوقِفَت منشأة الطاقة الشمسية المقترحة بقدرة 600 ميغاواط بسبب هذه العقوبات، وتعمل هذه العزلة المالية على تقييد فرص التمويل، وتحدّ من الوصول إلى التقنيات المتقدمة المهمة لتطوير محطات الكهرباء الفعالة، خصوصًا في مجال الطاقة المتجددة.

ونتيجة لذلك، ارتفعت الديون الحكومية إلى 34% من الناتج المحلي الإجمالي (نحو 118 مليار دولار) في عام 2022.

وتوقّع صندوق النقد الدولي أن تتجاوز أسعار النفط العالمية 317 دولارًا للبرميل لمنع حدوث عجز في الميزانية في السنة المالية المقبلة.

إزاء ذلك، تظل آفاق النمو الاقتصادي قاتمة، حيث يُقدَّر صندوق النقد الدولي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في إيران سينخفض ​​من 4.7% العام الماضي إلى 3.3% في عام 2024 و3.1% في عام 2025، إلى جانب زيادات طفيفة في إنتاج النفط.

وتوضح هذه العوامل مجتمعة كيف أدت العقوبات الاقتصادية إلى تقييد قدرة إيران على الاستثمار في البنية التحتية للطاقة والصناعة، ما يفرض عقبات كبيرة أمام تمويل وتطوير مشروعات الطاقة الجديدة.

محطات الكهرباء الحرارية

من المرجّح أن يكون للتوسع المتوقع للمحطات الكهروحرارية العديد من التأثيرات الضارة في البيئة.

ولأنها تطلق غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون التي تفاقم مشكلات تغير المناخ، فإن هذه المحطات تسهم بشكل كبير في تلوث الهواء.

بالإضافة إلى ذلك، فإنها تطلق ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة والملوثات الأخرى التي تؤدي إلى تدهور جودة الهواء، وتضرّ بصحة الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منها.

محطة خرمشهر لتوليد الكهرباء بالدورة المركبة في إيران
محطة خرمشهر لتوليد الكهرباء بالدورة المركبة في إيران – المصدر: موقع شركة سابا

بالإضافة إلى ذلك، تعمل المحطات الكهروحرارية على الإضرار بالنظم البيئية المائية من خلال إطلاق النفايات الملوثة والتسبب في التلوث الحراري في المجاري المائية القريبة.

وقد يؤدي تطوير وتشغيل المحطات الكهروحرارية إلى تفكيك وتدمير الموائل، ما يؤثّر في التنوع البيولوجي الإقليمي والإنتاج الزراعي.

وتشكّل انبعاثات هذه المحطات مصدر قلق للصحة العامة والسلامة، لأنها مرتبطة باضطرابات الجهاز التنفسي وغيرها من المشكلات الطبية الخطيرة.

ومن شأن زيادة إنتاج الطاقة الحرارية أن تسرّع من تغير المناخ والاحتباس الحراري العالمي، إذ إن البشر يُعدّون من أكبر مصدري الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري.

الخلاصة

تفاقمت أزمة الكهرباء في إيران لتصبح قضية حرجة وعاجلة، ما يؤثّر بشكل كبير في الاقتصاد والصناعات والحياة اليومية لمواطنيها.

وعلى الرغم من الوعود السابقة التي قدّمتها الحكومة، فإن انقطاع التيار الكهربائي ما يزال يمثّل مشكلة مستمرة، ما يعطّل العمليات الصناعية والحياة السكنية.

ويتفاقم الوضع بسبب الطلب القياسي على الكهرباء، الذي ارتفع إلى 77 غيغاواط و151 ميغاواط، إلى جانب درجات حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية في مناطق معينة.

وفي الوقت نفسه، فإن المشروعات الضخمة الطموحة التي اقترحها الرئيس التنفيذي لشركة تافانير، مصطفى رجبي مشهدي، لعام 2025 تبدو الآن غير كافية لمواجهة العجز الوشيك في الطاقة.

ويحذّر الخبراء من عجز محتمل قدره 26 غيغاواط بحلول صيف عام 2025، وهو ما يمثّل نحو ثلث احتياجات البلاد من الكهرباء.

وتتفاقم هذه الأزمة بسبب الديون الضخمة التي تتحملها الحكومة لمشغّلي محطات الكهرباء الخاصة، ما يعوق الصيانة الأساسية والتحديثات.

ويؤدي الاعتماد المستمر على محطات الكهرباء الحرارية والغازية القديمة، إلى جانب غياب التحديث في الشبكة أو الانتقال إلى محطات الدورة المركبة الأكثر كفاءة، إلى تفاقم الوضع.

وللتعامل مع هذه الأزمة بطريقة مجدية، يتعين على إيران أن تسعى إلى أكثر من مجرد زيادة قدرة توليد الكهرباء.

وتبرز الحاجة إلى إستراتيجية شاملة، تنطوي على استثمارات كبيرة في البنية التحتية، وتحديث المرافق القائمة، وتنويع مصادر الطاقة، وتعزيز ممارسات إدارة الطاقة.

تجدر الإشارة إلى أن البلاد تواجه عقبات كبيرة في تنفيذ هذه الإستراتيجيات بسبب العقوبات الدولية، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والحوكمة غير الفعّالة داخل قطاع الطاقة.

ومن دون اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة، من المرجّح أن تعاني إيران من نقص مستمر في الكهرباء، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على اقتصادها ومجتمعها في السنوات المقبلة.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001“.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.