اقرأ في هذا المقال
- دول شرق آسيا تلتزم الحياد تجاه التوترات الإسرائيلية الإيرانية
- تتمتع البلدان الكبرى في شرق آسيا بنفوذ عسكري قوي
- لن تقف الصين صامتة حال تعرض إمداداتها النفطية للخطر
- أسعار النفط تواصل ارتفاعها اليوم الأربعاء
- تواصل الصين اعتمادها على الخام المستورد من الشرق الأوسط
تبدو عمليات مصافي التكرير الآسيوية بمأمن من التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، التي لن يكون لها أي تداعيات -حتى الآن على الأقل- على إمدادات النفط الواصلة من البلدان الخليجية إلى الشرق الأقصى.
ولعل السبب الرئيس في بقاء إمدادات النفط المذكورة بعيدة عن معادلة الصراع الدائر في الشرق الأوسط هو الموقف المحايد الذي تتخذه البلدان المصدرة للنفط في شرق آسيا إزاء تلك التوترات؛ ما ينأى بها عن أي مخاطر محتملة ذات صلة.
كما أن الاقتصادات الكبرى المستوردة للنفط في شرق آسيا، التي تتمتع بنفوذ عسكري لن تقف مكتوفة الأيدي حال تعرّض تدفقات الخام الواصلة إليها من دول الخليج العربي للخطر، وهو ما يدركه -تمامًا- طرفا الصراع الحالي ويضعانه في حساباتهما.
وغالبًا ما يعتمد العديد من مصافي التكرير الآسيوية على النفط المتوسط إلى الثقيل، الذي يأتي -عادةً- من دول الخليج، على الرغم من أن أسعاره أصبحت باهظة مؤخرًا، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
موقف جيوسياسي محايد
لا تُبدي مصافي التكرير الآسيوية انزعاجًا من التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، في ظل ثقة العديد من المشترين الرئيسين لأنواع الخام الحامض بمواصلة التدفقات التجارية بين دول الخليج وآسيا دون تعطل، في حين من المرجح أن تواصل إيران وإسرائيل تحييد الشرق الأوسط في صراعهما، بحسب ما أوردته منصة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).
ولطالما ظلّت مصافي التكرير الآسيوية غير مهتمة بالتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي لم يؤدِّ فيه الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل إلى أي نقص في إمدادات الخام أو حتى اضطرابات في آسيا.
وبينما تبرز أهمية أمن إمدادات الخام الآتية من الخليج العربي، يعتقد العديد من شركات التكرير الآسيوية أن الصراع الموسع بين طهران وتل أبيب لن يؤثر سلبًا في التدفقات النفطية بين الدول الخليجية وآسيا؛ نظرًا إلى الموقف الجيوسياسي المحايد للبلدان في شرق آسيا، بحسب ما قالته “إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس”، نقلًا عن مصادر في شركات تكرير في تايلاند وكوريا الجنوبية وتايوان واليابان والصين.
الـ4 الكبار
هدّدت إيران بالانتقام عبر مهاجمة البنية التحتية الطاقوية الرئيسة في الشرق الأوسط إذا تدخلت الولايات المتحدة أو أي من حلفائها عسكريًا في صراعها المسلح مع إسرائيل، وفق بيان متلفز صادر عن الجيش الإيراني في 1 أكتوبر/تشرين الأول (2024).
ومع ذلك، فإنه من غير المرجح أن تصعّد إسرائيل وإيران حدة التوترات بينهما إلى النقطة التي تتسبّب عندها في اضطرابات شديدة لإمدادات الخام الشرق الأوسطية الواصلة إلى مصافي التكرير الآسيوية في الشرق الأقصى؛ إذ قد تعرّض تلك الأفعال الحياد الجيوسياسي في آسيا للخطر، وتُقحِم القوى العسكرية الآسيوية الكبرى في بؤرة الصراع، وفقًا لما قاله مديرو المواد الخام والتجار، إلى إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.
وقالت المنصة: “المستوردون الـ4 الكبار في آسيا (الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان) هم أكبر 4 اقتصادات في المنطقة، وكلهم -كذلك- في قائمة الـ10 الكبار في التصنيف العسكري العالمي”، نقلًا عن محلل في سوق الخام والمكثفات لدى شركة تجارة يابانية متكاملة، مقرّها سنغافورة.
وأضافت: “من المرجح أن هذا الشيء تدركه إيران وإسرائيل جيدًا”، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
سيناريو كارثي واحد
ستكون التدخلات الدبلوماسية والعسكرية من شرق آسيا أمرًا حتميًا إذا كان اقتصاد المنطقة يواجه تهديدًا خطيرًا حال حصول اضطرابات شديدة في إمدادات النفط والتدفقات التجارية، وفق ما نقلته “إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس” عن مديري المواد الخام في مصافي التكرير في الصين وكوريا الجنوبية واليابان.
وقال مدير التجارة والمخزونات في شركة تكرير صينية حكومية: “إذا كانت الصين تواجه أي اضطرابات خطيرة في تدفق الواردات النفطية، فإنني أشك في أن بكين ستقف صامتة، ولن تحرك ساكنًا، بل ستتخذ تدابير صارمة جدًا قد ترقى إلى الأعمال العسكرية”.
وعلى الرغم من تراجع واردات الخام من الصين -حتى الآن- خلال العام الحالي (2024) نتيجة تفضيل مصافي التكرير لديها الخامين الروسي والإيراني منخفضي التكلفة، يواصل أكبر مشترٍ للخام في آسيا الاعتماد على الشرق الأوسط في سد أكثر من نصف مشترياته الخارجية النفطية.
ووفق أحدث البيانات الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك الصينية، ظلت الحصة السوقية للخام الشرق الأوسطي في إجمالي سلة واردات الصين عند 54% خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب (2024).
وقال مدير المواد الخام في شركة تكرير كورية جنوبية ومقرّها مدينة أولسان: “البلدان الواقعة شرق آسيا حيادية جدًا من حيث موقفها من الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل، ولا تجرؤ أي من طهران أو تل أبيب على الإقدام على عمل من شأنه أن يسبب اضطرابات شديدة في تدفق تجارة الخام إلى الشرق الأقصى؛ إذ إن مثل هذا السلوك سيدفع قوى عسكرية آسيوية إلى الانخراط في المعادلة”، في تصريحات إلى “إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس”.
ولامست واردات كوريا الجنوبية -ثالث أكبر مستورد للنفط الخام في آسيا- 493.12 مليون برميل من الخام الآتي من بلدان الشرق الأوسط خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الحالي، صعودًا بنسبة 2.9% على أساس سنوي، وفق أحدث البيانات الصادرة عن مؤسسة النفط الوطنية الكورية الحكومية.
اليابان والخام السعودي
بينما يواصل العديد من شركات الشحن الدولية ومصافي التكرير الآسيوية الساعية إلى تأمين تسليماتها من الخام تجنّب الإبحار في البحر الأحمر بسبب مخاطر هجمات الحوثيين في اليمن، قالت شركة التكرير اليابانية تايو أويل (Taiyo Oil) إنها ستواصل شحن الخام العربي الخفيف من ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتعتمد اليابان -بقوة- على الخام المستورد من الشرق الأوسط؛ إذ اشترت رابع أكبر مستورد للنفط الخام في آسيا، 2.19 مليون برميل يوميًا من الموردين في دول الخليج العربي خلال الأشهر الـ8 الأولى من 2024.
ويمثّل هذا الرقم أكثر من 96% من إجمالي واردات طوكيو من النفط الخام خلال المدة ذاتها، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..