يقترب مشروع تطوير مصفاة سترة في البحرين، الذي طال انتظاره، من الخروج إلى النور، في خطوة إستراتيجية تعزّز طاقة تكرير النفط في دول مجلس التعاون الخليجي.
أُنشئت مصفاة سترة في عام 1936، بطاقة إنتاجية أولية بلغت نحو 10 آلاف برميل يوميًا، واحتفظت الحكومة البحرينية بملكية المصفاة بنسبة 100%، من خلال إنشاء شركة نفط البحرين (بابكو) في عام 1999.
تعمل شركة بابكو إنرجي على تنفيذ مجموعة من المشروعات؛ بما في ذلك مشروع تطوير مصفاة سترة في البحرين الذي يهدف إلى رفع طاقتها الإنتاجية بمقدار 113 ألف برميل يوميًا، بتكلفة استثمارية تبلغ 7 مليارات دولار أميركي.
ووفقًا لبيانات مشروع تطوير المصفاة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، من المقرر أن ترتفع طاقة مصفاة سترة في البحرين من 267 ألف برميل يوميًا، لتتمكن من معالجة 400 ألف برميل يوميًا بسعة قصوى، وبطاقة اسمية عند حدود 380 ألف برميل يوميًا عند بدء التشغيل العام المقبل (2025).
مصفاة سترة البحرينية
تقع مصفاة سترة في البحرين بجزيرة سترة الواقعة جنوب العاصمة المنامة، وتُعرف أيضًا باسم مصفاة البحرين، وتعالج نحو 267 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، وتنتج 40 ألف برميل يوميًا من الديزل منخفض الكبريت.
تستورد المصفاة نحو 85% من النفط الخام من السعودية؛ إذ تتصل بخط أنابيب بطول 54 كيلومترًا إلى المملكة العربية السعودية لضخ المواد الخام.
وتبيع شركة بابكو نحو 8% من إنتاج مصفاة سترة في البحرين إلى السوق المحلية، وتصدر النسبة المتبقية البالغة 92% إلى الهند والشرق الأوسط والشرق الأقصى ودول أخرى في جنوب شرق آسيا، فضلًا عن أفريقيا.
وتتمتع المصفاة بمحطة تخزين بحرية تبلغ طاقتها نحو 14 مليون برميل، وتوفر شركة بابكو الغاز الطبيعي لمنشآت توليد الكهرباء والصناعات الأخرى.
وفي أبريل/نيسان 2011، أتمت شركة بابكو عملية تجديد المصفاة من خلال تشغيل وحدة الديزل منخفض الكبريت، وشمل ذلك إجراء عمليات فحص وإصلاح لأكثر من 320 قطعة من المعدات مثل المفاعلات والأعمدة والمبادلات الحرارية والأفران.
تطورات مشروع تطوير مصفاة سترة
سيُسهم مشروع تطوير مصفاة سترة في البحرين برفع القدرات الجديدة لطاقة التكرير دول الخليج بنحو 1.36 مليون برميل يوميًا منذ 2022.
يأتي ذلك بعد بدء تشغيل مصفاة جازان في السعودية بطاقة 400 ألف برميل، ومصفاة الدقم في سلطنة عمان بطاقة 230 ألف برميل يوميًا ومصفاة الزور الكويتية بطاقة 610 آلاف برميل يوميًا.
وستسمح عملية التطوير لمنشأة المعالجة الوحيدة في البحرين بالتعامل مع الخامات الجديدة، بما في ذلك الدرجات الأثقل، وعند اكتمال التطوير، ستركز المصفاة على إنتاج المشتقات المتوسطة مثل الديزل ووقود الطائرات، مع انخفاض إنتاجها من زيت الوقود بصورة كبيرة، وستستهدف صادراتها السوق الأوروبية.
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة “بابكو” مارك توماس، إننا نقترب الآن من مرحلة الإنجاز النهائي لهذا المشروع، مردفًا: “نحن في مرحلة حاسمة من التشغيل والبدء، وسوف نركز على ذلك خلال مدة تتراوح بين 9 و12 شهرًا”، حسبما أوردت منصة “ميس” المتخصصة.
وأضاف: “بحلول نهاية العام الجاري (2024)، سنبدأ في إدخال كميات إضافية من النفط الخام إلى المصفاة؛ لذا فهذا يمثّل أول إنجاز كبير بالنسبة لنا”.
وتابع: “وعندما أقول إننا نزيد من كميات النفط الخام، فهذا يعني أننا نبدأ بالفعل في تشغيل وحدات النفط الخام الأمامية، ووحدات التقطير والتفريغ، وذلك بحلول نهاية هذا العام، لذا ربما يكون هذا هو الإنجاز الرئيس الأكبر في المشروع بالنسبة لنا”.
وأكمل مارك توماس: “الخطوة التالية بالنسبة لنا في الربع الأول أو أوائل الربع الثاني من العام المقبل (2025) هي تشغيل الجزء الخلفي من المصفاة، أي وحدة التكسير الهيدروجيني، ووحدة التكسير الهيدروجيني المتبقية، ثم سنبدأ في إنتاج المقطرات المتوسطة والمنتجات عالية القيمة التي نريدها، مثل الكيروسين والديزل ووقود الطائرات، وهذا هو الإنجاز الرئيس الثاني”.
وفي سياق متصل، يشمل جزء من تطوير المصفاة فرص التداول؛ إذ بدأت فعليًا -بطريقة بسيطة للغاية- تجارة المنتجات من مصفاة سترة.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت شركة بابكو أنها اختارت شركة توتال إنرجي الفرنسية للمساعدة في تطوير عملياتها التجارية وعمليات التكرير؛ إذ ستُساعد توتال بابكو، بموجب الاتفاق، في إنشاء ذراع تجارية، بالإضافة إلى دعم برنامج تطوير مصافيها.
ويوجد الآن 12 بحرينيًا في جنيف يجري دمجهم بقاعة التداول في توتسا -الذراع التجارية لشركة توتال إنرجي- وسيتطور هذا الأمر أكثر مع تطوير شركة بابكو إستراتيجيات تجارية أكثر تعقيدًا مع توتسا، مع انطلاق مشروع تحديث شركة بابكو، وزيادة الحجم، والحاجة إلى إضافة المزيد من المنتجات.
مراحل تطوير مصفاة سترة
بدأت أولى مراحل تطوير مصفاة سترة، في يونيو/حزيران 2012، باكتمال دراسة الجدوى، وفي سبتمبر/أيلول (2014) مُنحت العطاءات الخاصة بالهندسة والتصميم الأولي لتوسعة المصفاة، الذي أخذ في الاعتبار المعدات الحالية ومداخل العمليات وعوامل أخرى قبل تصميم الجزء الجديد من المرافق.
في يناير/كانون الثاني 2019، وُضع حجر الأساس لمشروع تطوير المصفاة، الذي يوفر 1500 فرصة عمل جديدة، بما في ذلك 150 وظيفة دائمة تتطلب مهارات عالية.
وستشمل عملية تطوير مصفاة سترة إنشاء وحدة تكسير هيدروجيني بطاقة 60 ألف برميل يوميًا، وزيادة الطاقة الإنتاجية لوحدة التكسير الهيدروجيني الخفيف الحالية من 54 ألف برميل يوميًا إلى 70 ألف برميل يوميًا، واستبدال وحدة التكسير الحفزي السائل.
ويتضمّن المشروع وحدة لإزالة الكبريت بالماء، وتقطير الخام، والتقطير الفراغي، وإنتاج الهيدروجين واستعادته، ومصنعًا للغاز المشبع، كما ستُضاف وحدات لاستخلاص الكبريت، ومعالجة الغازات العادمة، ونزع المياه الحمضية، واستعادة الأمينات، وإزالة الغازات الحمضية السائبة، وتصلب الكبريت في إطار مشروع التوسعة.
وتتضمّن التوسعة إنشاء وحدات بتروكيماوية لإنتاج الأوليفينات وخفض نسبة الكبريت في منتجات الديزل إلى 10 أجزاء في المليون، وتخطط شركة بابكو لإنشاء خط أنابيب بطول 70 كيلومترًا لربط مصفاة رأس تنورة في السعودية بمصفاة سترة.
وكان من المقرر أن يكتمل تطوير مصفاة سترة لتكون جاهزة لمعالجة 400 ألف برميل يوميًا، في أواخر العام الماضي (2023)، لكن نقص العمالة والإمدادات الناتجة عن التأخيرات المرتبطة بجائحة كورونا حالا دون ذلك.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..