كشفت شركة فولكسفاغن عن خطة لما سمته إعادة تنظيم قدراتها الإنتاجية في ألمانيا، في ضوء تحديات تراجع الطلب على السيارات الكهربائية والمنافسة مع الصين، بما يسمح لها برسم ملامح مصيرها بيدها.

وبعد 70 ساعة من المفاوضات، توصلت الشركة إلى اتفاق أخيرًا مع ممثلي نقابات العمال يقضي بعدم تسريح أكثر 30 ألف عامل أو إغلاق المصانع حتى عام 2030.

يمثل الاتفاق “تغييرات جذرية” في خطة فولكساغن التي أعلنت في سبتمبر/أيلول (2024) دراسة إغلاق مصانع وتخفيض الرواتب، لكنه يجنبّها خسائر مليارية من وراء إضرابات ضخمة وصدامات مع النقابات العمالية.

أما النقابات فقد أشادت بالاتفاق بوصفه “معجزة الكريسماس” رغم “التنازلات” بعد محادثات هي الأطول في تاريخ شركة فولكسفاغن الممتد على مدار 87 عامًا.

وتشير البيانات إلى أن فولكسفاغن هي الأكثر تحملًا لأعباء تكاليف اليد العاملة في العالم وشكّلت 15.4% من إيرادات عام 2023، بالمقارنة بـ10.1% لستيلانتس الأميركية و”بي إم دبليو” 9.5%.

أزمة فولكسفاغن والنقابات العمالية

يمنح الاتفاق شركة فولكسفاغن القدرة على خفض التكاليف بمقدار 15 مليار يورو سنويًا (15.7 مليار دولار) على المدى المتوسط، من خلال خفض تكاليف العمالة وقدرات الإنتاج.

ينص الاتفاق بين شركة فولكسفاغن والنقابات العمالية على خفض أكثر من 35 ألف وظيفة بما يشكل نحو ربع القوى العاملة “على نحو مسؤول اجتماعيًا”، وبالتزامن مع ذلك، سيكون هناك برنامج جديد للحماية الوظيفية حتى عام 2030.

ولن يحصل العاملون على أي زيادات بالأجور على مدار السنوات الـ4 المقبلة، كما ستُلغى أو تخفض بعض الزيادات.

مصنع دريسدن – الصورة من موقع شركة فولكسفاغن

كما تقرر خفض الطاقة الإنتاجية بمقدار 734 ألف سيارة بما يعادل نحو ربع القدرات في ألمانيا، وسينتقل إنتاج سيارتي غولف (Golf) وغولف فاريانات (Golf Variant) إلى مصنع الشركة في المكسيك بدءًا من عام 2027.

وكانت إدارة الشركة قد كشفت سابقًا عن تراجع الطلب بمقدار 500 ألف سيارة، وهو ما يعادل إنتاج مصنعين تقريبًا.

وبناء على الاتفاق الذي أُطلق عليه اسم “مستقبل فولكسفاغن”، لن يُغلق أي من مصانع الشركة الـ10 في ألمانيا.

وتفصيليًا، تدرس الشركة بدائل لإغلاق مصنع “أوسنابروك” (Osnabrueck) بعد منتصف عام 2027، بما قد يشمل البحث عن مستثمر.

وسيتوقف إنتاج مصنع دريسدن بنهاية 2025، لكن الشركة تبحث خيارات لاستغلال الموقع.

أما مصنع “ولفسبرغ” (Wolfsburg) وهو أكبر مصانع فولكسفاغن في ألمانيا؛ فقد تقرر التخلص من خطي تجميع من أصل 4 قائمة.

إضرابات شركة فولكسفاغن

في نهاية المحادثات التي بدأتها في سبتمبر/أيلول (2024)، تقول نقابة “آي جي ميتال” وهي أكبر نقابة عمالية في ألمانيا (IG Metall)، إنها نجحت بالتعاون مع شركة فولكسفاغن في إيجاد حل يضمن وظائف العمال ويمكّن من ضخ استثمارات مستقبلية.

وسابقًا، حذّرت أكبر شركة لتصنيع السيارات في ألمانيا وأوروبا ككل من أنها قد تضطر إلى غلق 3 مصانع للمرة الأولى في تاريخها لخفض التكاليف، علاوة على خفض الأجور بنسبة 10%.

وخلال الأسابيع الماضية، خرج نحو 100 ألف عامل في مظاهرات احتجاجًا على خطة خفض الأجور، وهو ما أسهم في منع الشركة من تطبيق خطة خفض التكاليف، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم أن الاتفاق ينص على حماية الوظائف حتى 2030 فقط؛ فإن رئيسة مجلس الأعمال دانيلا كافالو أشادت بالاتفاق الذي يُعتمد عليه في ظل ظروف اقتصادية صعبة بفضل عدم إغلاق المصانع أو تسريح الموظفين لأسباب تشغيلية واتفاق تأمين الأجور على المدى الطويل.

بدوره، يقول المفاوض في نقابة آي جي ميتال ثورستن غروجر، إن العمال سيحظون بحماية وظيفية حتى 2030 لكن في مقابل التخلي عن الزيادات بالأجور وخفض المكافآت خلال السنوات المقبلة.

وإذ أقر بأن الاتفاق يتضمّن إسهامات “موجعة” بالنسبة للعاملين، قال إنه في الوقت نفسه يخلق فرصًا للقوى العاملة.

وبهذا المعنى، قالت دانيلا كافالو إن الاتفاق ينطوي على تنازلات جماعية تتجاوز حدود الدخل الشهري للعمال، لكنه يضمن استمرار تشغيل المصانع كلها وتوفير الحماية الوظيفية حتى 2030.

مصنع دريسدن
مصنع دريسدن – الصورة من موقع شركة فولكسفاغن

موقف شركة فولكسفاغن

وصف الرئيس التنفيذي لفولكسفاغن أوليفر بلوم، الاتفاق بالإشارة المهمة إلى قدرة الشركة على الاستمرار في المستقبل على مستوى العلامة والمركبات التجارية ومصانع المكونات.

كما يمكّن الشركة من “تشكيل مصيرنا الخاص بنجاح”، ويحدد مسارًا حاسمًا للتكاليف والقدرات وبنية الشركة في المستقبل، بحسب بلوم.

بدوره، حدد الرئيس التنفيذي لقطاع سيارات الركاب توماس شيفر، 3 أولويات هي التخلص من القدرات الإنتاجية الزائدة في ألمانيا وخفض تكاليف العمالة والوصول إلى تكاليف تطوير تنافسية، وهو ما حققه الاتفاق مع نقابات العمال.

وفي ضوء ذلك، قال إن فولكسفاغن في وضع يسمح لها بسد الفجوة المرتبطة بالأداء بما يضع الأساس لجعل الشركة رائدة تكنولوجية بحلول 2030 متسلحة في ذلك بخطة واضحة ومنتجات قوية والتزام قوي تجاه ألمانيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1- بيان شركة فولكسفاغن عن الاتفاق

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.