تفرض بطاريات السيارات الكهربائية تحديًا كبيرًا أمام محاولات اعتماد هذا النوع من السيارات، لتقليل انبعاثات قطاع النقل والابتعاد عن الوقود الأحفوري.

وعلى الرغم من وجود عدد كبير من السيارات الكهربائية التي يمكنها السفر لأكثر من 300 ميل بشحنة واحدة، فإن قلق المدى ما يزال يشكّل عقبة رئيسة أمام التبنّي الواسع النطاق.

وفي مفارقة غريبة، تلجأ السيارات الكهربائية إلى مولدات تستعمل البنزين، من أجل تأمين شحن البطارية، وضمان السير لأكبر مسافة ممكنة.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أصبح وضع شاحن على متن السيارة أحد الحلول التي من شأنها أن تغيّر المشهد بشكل ملحوظ.

وبينما تستعمل السيارات الهجينة التقليدية البنزين لتدوير العجلات، فإن مجموعة جديدة من السيارات تحرق البنزين حصريًا، لشحن بطارية كبيرة على متنها.

بطاريات السيارات الكهربائية

“إنها توفر للعميل الوظائف التي يريدها، مع الاستمرار في استعمال الكهرباء لمعظم قيادتك اليومية”، كما قال المهندس جون كرزمينسكي، الذي تقوم شركته سترانج ديفلومبنت (Strange Development)، ومقرّها ديترويت، ببناء واختبار مجموعات نقل الحركة لشركات السيارات الكبرى.

ويتوقع كرزمينسكي ظهور موجة من السيارات الهجينة ذات المدى الممتد على الطريق في السنوات القليلة المقبلة، حيث يحاول المسؤولون التنفيذيون في صناعة السيارات هندسة حل للسائقين الذين يطمحون إلى السيارات الكهربائية والمتشككين في الوقت نفسه.

على سبيل المثال، تستعد شركة ستيلانتس (Stellantis) لإطلاق شاحنة رام تشارجر في العام المقبل (2025)، وستقطع الشاحنة كبيرة الحجم 145 ميلًا ببطارية 92 كيلوواط/ساعة، وهو ما يكفي لتغطية معظم التنقلات اليومية وأكثر من ذلك.

ومع ذلك، سيكون لديها أيضًا محرك بـ6 أسطوانات على متنها لشحن البطارية خلال القيادة، ليكون بمثابة محطة شحن تعمل بسرعة 75 ميلًا/ساعة، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.

شاحنة رام تشارجر الكهربائية – الصورة من الموقع الرسمي لشركة “رام تراكس”

إن المركبات الهجينة ذات المدى الممتد ليست فكرة جديدة؛ إذ جلبت شركة بي إم دبليو هذه الإستراتيجية في عام 2013 عندما أطلقت آي 3، التي قدّمت محرك بنزين بسعة غالونين وأسطوانتين.

وباعت بي إم دبليو أقل من 50 ألف وحدة -غالبًا بخصومات كبيرة- قبل إلغاء الطراز في عام 2022.

ومع ذلك، فإن نهج “آي 3” أصبح قديمًا جدًا، إذ ما تزال البنية التحتية للشحن تشكّل عقبة كبيرة أمام تبنّي السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، واكتسبت المركبة شعبية كبيرة منذ خروجها من الإنتاج، وظلت قِيَم إعادة البيع مرتفعة نسبيًا.

شاحنة رام تشارجر الكهربائية

وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، لا تقترب محطة الكهرباء المحمولة المصغرة من كفاءة النسخة الخدمية؛ إذ تحرق محطة الكهرباء الصناعية أقل من عُشر غالون من الغاز الطبيعي لتوليد كيلوواط/ساعة واحد من الكهرباء.

وبمجرد أن تجفّ البطارية في شاحنة رام تشارجر الناشئة، ستستهلك الشاحنة الضخمة 27 غالونًا من البنزين لقطع مسافة 545 ميلًا إضافية، وهو ما يعادل 20 ميلًا من المدى لكل غالون من البنزين.

ولكن في حين قد يكون الوقود الأحفوري محفزًا غريبًا لإثارة مبيعات السيارات الكهربائية، فإن الإستراتيجية يُمكن القول، إنها أكثر خضرة مما تبدو عليه.

علاوةً على ذلك، فإن صنع البطارية الضخمة -على وجه التحديد، استخراج جميع المعادن الثمينة التي تدخل في تركيبها- يظل الجزء الأكثر كثافة في الكربون في السيارات الكهربائية.

وما تزال السيارات التي تعمل بالبطارية أنظف بكثير من محركات الاحتراق الداخلي، وعادةً ما تتجاوز عتبة الانبعاثات المتعادلة في أقل من عامين، لكن البطارية الأصغر حجمًا تقلل بشكل كبير من البصمة الكربونية الأولية.

عند 92 كيلوواط/ساعة، ستكون بطارية رام أقل من نصف حجم بطارية جي إم سي هامر، الشاحنة الخارقة الكهربائية بالكامل؛ كما حصلت شاحنة هامر الكهربائية على أدنى درجة خضراء في تصنيفات بلومبرغ للسيارات الكهربائية.

وتنفق ستيلانتس نحو 16 ألف دولار أقل على بطارية رام مما تنفقه جنرال موتورز على حزمة الطاقة الخاصة بشاحنة هامر، بتكلفة تبلغ نحو 139 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، وفقًا لتقديرات بلومبرغ نيو إنرجي فاينناس (Bloomberg NEF).

في الوقت نفسه، تأتي سيارة “إم إكس-30” من مازدا مع محرك ممتد المدى ودونه.

في اليابان، يختار أكثر من ثلثي المشترين الإصدار الذي يحتوي على مولد كهربائي على متن السيارة، وفي أوروبا، ما يقرب من نصف المشترين يختارون هذا الإصدار.

سيارة إم إكس-30 الكهربائية
سيارة إم إكس-30 الكهربائية – الصورة من الموقع الرسمي لشركة مازدا

مزايا فريدة

تتجه شركة صناعة السيارات نحو السيارات الهجينة، ويقول نائب رئيس التخطيط الإستراتيجي في شركة مازدا موتور كورب، ستيفان مايسترفيلد، إن الموّلد الموجود على متن السيارة ذات المدى الممتد من المرجّح أن يظهر في المزيد من طرازات مازدا قريبًا.

وقال مايسترفيلد، إن هذه الأنواع من المركبات هي “حلول مثالية للأشخاص الذين ربما يكونون على ما يرام بنسبة 70% إلى 80% من الوقت مع المدى الكهربائي”.

وتابع: “في 90% من الوقت أو أكثر، ربما لن يحتاج الناس إلى أكثر من 100 ميل في اليوم”.

وتقدّم المركبات ذات المدى الممتد للمديرين التنفيذيين في صناعة السيارات قيمة فريدة أخرى: المساعدة في التنقل في حروب الثقافة.

تشكّل السيارات التي تعمل بالبطارية محور السياسة الاقتصادية والمناخية لإدارة بايدن، ولكن كانت هناك ردود فعل عنيفة من الرئيس السابق دونالد ترمب، إذ كانت بمثابة مادة لتجمعات حملته الانتخابية وخطابه الأخير في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري.

وقال ترمب لمجلة بيزنس ويك الشهر الماضي: “ليس لدي أيّ اعتراض على السيارات الكهربائية.. أعتقد أنها رائعة”، قبل وقت قصير من سرد العديد من الاعتراضات: “السيارات لا تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية.. إنها باهظة الثمن للغاية.. إنها ثقيلة أيضًا”.

وصرّح نحو 77% من الناخبين من ذوي الميول اليمينية بأنهم غير مهتمين بالسيارات الكهربائية، ارتفاعًا من 70% قبل عام، وفقًا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث في وقت سابق من العام الجاري (2024).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.